«الترميم» خيار جديد لمعالجة وضع الحكومة اللبنانية.. والمعارضة ترى فيه «دفعا جنونيا للبلاد نحو الهاوية»

حمادة لـ«الشرق الاوسط»: بحثه لا يعني اليأس من انتخاب رئيس للجمهورية

TT

لا احد في العاصمة اللبنانية يساوره ادنى أمل بامكانية حصول جلسة الانتخابات الرئاسية في الموعد المقبل المحدد في 25 مارس (آذار) الحالي، وبالتالي يتصرف الجميع على قاعدة ان الانتخابات مؤجلة ـ على الاقل ـ الى ما بعد القمة العربية، مع ان ثمة من يقول ان التأجيل سيمتد لفترة أطول في ظل مراوحة المواقف الداخلية والإقليمية والدولية مكانها.

في ظل هذه المواقف تجد الاكثرية البرلمانية نفسها امام «قرارات صعبة» لا بد من اتخاذها في ما يتعلق بالوضع الحكومي، بعدما تبين لها ان الحكومة تقف على مشارف التعطيل اذ وجدت نفسها عاجزة عن تأمين النصاب القانوني للاجتماع (الثلثان) بسبب سفر وزير السياحة جو سركيس برفقة رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الى واشنطن، وغياب وزير النقل محمد الصفدي المفجوع بوفاة ابنه الشاب في حادث سير في العاصمة البريطانية. وهذا السيناريو من شأنه ان يتكرر مع سفر اي من الوزراء الى الخارج.

مصادر رسمية لبنانية قالت لـ«الشرق الاوسط» ان ترميم الحكومة هو «خيار جدي للغاية» اذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في الاسابيع المقبلة. وكشفت ان خيار الترميم، أي اضافة وزراء الى التشكيلة الحكومية الحالية، سيبحث بشكل جدي بعد انتهاء القمة العربية.

وتعيش الحكومة اللبنانية حالة نقص عددي شديد منذ استقالة الوزراء الشيعة الخمسة ووزير البيئة يعقوب الصراف الذي كان يمثل الرئيس السابق اميل لحود اواخر العام 2006، وبعد اغتيال وزير الصناعة بيار الجميل، ما قلص عدد الوزراء الذين يحضرون جلسات مجلس الوزراء الى 17 وزيرا، اي الثلثين زائدا واحدا، من اصل 24 وزيرا. وبالتالي اصبح اعتراض وزيرين يمنع اتخاذ اي قرار، كما ان غيابهما يمنع انعقاد المجلس.

وتبدو الاكثرية امام خيارين في ما يتعلق بالترميم. الاول تعيين بديلين من الوزيرين المسيحيين الصراف والجميل والاكتفاء بذلك، والثاني تعيين وزراء بدل المستقيلين جميعا. وهو خيار اصبح ممكنا ـ نظريا ـ بعد تسلم مجلس الوزراء مجتمعا صلاحيات رئيس الجمهورية الذي كان يمتنع عن توقيع المراسيم سابقا. غير ان لهذا الخيار محاذيره في ظل تلويح المعارضة باعتبار الترميم «عملا عدوانيا والرد عليه شعبيا وسياسيا».

وكان مجلس الوزراء عقد ليل اول من امس جلسة مطولة خصصت للبحث في موضوع المشاركة اللبنانية في القمة العربية في دمشق اواخر الشهر الحالي. وقالت المصادر الرسمية اللبنانية لـ«الشرق الاوسط» ان قرار المشاركة يمكن ان يتخذ في اي لحظة بعد موعد جلسة مجلس النواب المقررة في 25 الحالي وقبل موعد القمة العربية، كاشفة ان الاتجاه يميل الى أن يكون التمثيل بسفير يلقي كلمة لبنان. وكشف وزير الاتصالات مروان حمادة لـ«الشرق الأوسط» ان الاتجاه المرجح هو «المشاركة المحدودة». وأوضح ان موضوع «الترميم» لم يبحث في الجلسة، مشيرا الى وجود «تداول فيه». وشدد على ان «الخطة الاساس هي انتخاب رئيس للجمهورية» نافيا ان يكون «الترميم هو يأس من حصول الانتخاب». وقال: «ربما كان الترميم حافزا للآخرين (المعارضة) على ان الافضل هو انتخاب الرئيس». وأشار وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية جان أوغاسبيان الى ان «ثمة رأيين داخل مجلس الوزراء في ما يتعلق بالقمة العربية. الاول يدعو الى عدم الحضور للتأكيد ان الوضع في لبنان غير طبيعي. والثاني يقول ان القمة العربية فرصة يجب ان يستفيد منها لبنان لإلقاء كلمة تعبر عن حقيقة وضعه. ويجري البحث عمن قد يلقي كلمة لبنان في القمة» لافتا الى «ان موضوع توسيع الحكومة او ترميمها يبحث بجدية داخل قوى الرابع عشر من آذار».

هذا، ورأت كتلة نواب «حزب الله» ان قمة دمشق «قد تكون فرصة مهمة للشروع في ترميم الخلل الذي أصاب العلاقات بين بعض الدول الشقيقة. وهو ما يخشاه الاميركيون والصهاينة، ولذلك يجهدون من أجل إفشالها وتضييعها. ويستخدمون لذلك كل أدواتهم وأساليبهم ويثيرون المشكلات والتناقضات تحقيقا لهذه الغاية». واعتبرت ان «تعطيل فريق السلطة المبادرة العربية وإقفال كل ابواب الشراكة المطلوبة لإنجاز التسوية في لبنان، هو تصعيد خطير للأزمة سوف يرتد على أصحابه ومن يقف وراءهم». وحذرت من ان «التفكير باللجوء الى ترجمة هذا التصعيد في الموقف عبر انتخاب احادي لرئيس الجمهورية او عبر ما يسمونه ترميم الوضع الحكومي بعدما سقطت كل شرعية له، هو دفع جنوني للبلاد نحو الهاوية وقطع نهائي للطرق أمام اي تسوية او مبادرة. وسيتحمل فريق السلطة كل تداعيات هذا الجنوح».

وأكد النائب حسن حب الله (كتلة بري) على «ضرورة مشاركة لبنان بأعلى ما يمثله اللبنانيون في القمة العربية في دمشق، وان يحمل الوفد اللبناني وجهتي النظر لحل الازمة الحاصلة». وإذ اكد «ان المعارضة ليست بصدد اتخاذ اي خطوات تصعيدية»، حذر من انه «اذا اتخذ فريق السلطة اي خطوة مثيرة فسيكون ذلك بمثابة اغلاق باب الحوار الوطني ورفض كل المبادرات. عندئذ تخرج المعارضة من كل التزاماتها وستتخذ خطوات ديمقراطية».