نساء في سجون العراق: ما يجري لنا غير مقبول

شكاوى من الاغتصاب والتعذيب والاعتقال من دون تهمة

TT

عيون متعبة وحزينة تتطلع من خلف القضبان في سجن الكاظمية. تتضرع المرأة بيأس: «أقسم أنني بريئة. المحققون الجنائيون اغتصبونا... أنا هنا منذ 8 أشهر ولم أر أي قاضٍ».

هناك ما يقرب من 200 امرأة بعضهن مع أطفال يمشون وآخرون ما زالوا رضعاً، وهم يعيشون مع أمهاتهم في زنزاناتهن. هؤلاء سجينات في مركز الاعتقال الوحيد الخاص بالنساء. وداخل الزنزانات تقيم نساء مشتبه بارتكابهن لجرائم قتل مع أخريات وجهت لهن تهم بارتكابهن جنحا صغيرة. وبعضهن لا يعرفن سبب اعتقالهن.

قال عبد القادر المستشار القانوني لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي: «نحن نعتبرهن جميعا بريئات حتى يُثبت أنهن مذنبات. هن يمتلكن حقوقا دستورية تدعم معاملتهن بشكل حسن». لكن في بلد غائص في الفساد يصبح أمر حماية الحقوق الدستورية وهما. ورددت بعض النساء أن محاميهن قتلوا أو أطلق النار عليهم، وهم في طريقهم إلى السجن. بينما قالت أخريات إن القضاة ارتشوا. وأشار فيلم فيديو صور داخل السجن وقدمه الهاشمي، الذي يقوم بحملة لحماية حقوق السجينات، لصحيفة «لوس انجليس تايمز»، إلى أن المشاكل عميقة الجذور وذات طابع نظامي.

من جانبها، أنكرت وزارات العدل والمعلومات وحقوق الانسان المطالب المتكررة التي قدمها كاتب هذا التقرير لزيارة السجن. وقال بشو إبراهيم نائب وزير العدل للإشراف على السجون: «سيثير ذلك الكثير من التناقض والجدل. سيبدأ الناس بالتساؤل عن حقوق الانسان وفيما إذا كن مذنبات أم لا... أستطيع أن اضمن لك عدم وقوع أي خرق لحقوق الانسان. نحن تسلمنا أربع أو خمس شكاوى لكن بعد التحقيق فيها اتضح أنها غير صحيحة». لكن قصص الظلم والتعامل غير الانساني تملأ رسائل السجينات، وتم جمع الأدلة على يد برلمانيين وناشطين في مجال حقوق الانسان. وكلها تشير إلى أن المشاكل تبدأ منذ اللحظة الأولى التي يتم فيها احتجاز المرأة. وقالت السجينة سعاد عزيز عباس، وهي مديرة مدرسة ابتدائية سابقة مع خدمة حكومية تصل إلى 30 سنة في أحد أفلام الفيديو: «هذا غير مقبول في أي حرب وفي أي وقت». وصدر حكم بالسجن المؤبد على سعاد عباس مع ابنتها، الطالبة الجامعية، بتهمة القتل. وجاء اعتقالهما في الوقت الذي كانت الأم سعاد تبحث عن ابنها الوحيد، مهندس النفط، الذي اختفى في عام 2004. وسعت للحصول على مساعدة من وزارة حقوق الانسان ومن أطراف أخرى لكن من دون فائدة. وعندما ذهب ضباط استخبارات إلى بيت سعاد عباس قالوا لها إن ابنها عندهم، فذهبت مباشرة لرؤيته، لكنها اعتقلت فورا. وليس واضحا من هو الشخص الذي قتلته الأم وابنتها، ولم يجب مسؤولو السجن عن الأسئلة المتعلقة بالقضية الجنائية الخاصة بهما. قالت سعاد «قالوا لي اجلسي واغلقي فمك ولا تسألي أي أسئلة. ثم قاموا بنهب البيت وسرقوا كل شيء. وبعد ذلك أصدروا حكما علي بالسجن المؤبد من دون وجود أي شاهد ومن دون أي أدلة. أنا لا أعرف القاتل أو الضحية». وحينما اعتُقلت سعاد كان ابنها مقتولا منذ عام، وعرفت بذلك بعد تسلم تقرير من المشرحة. يشير إلى تعرضه للتعذيب إذ كان جثمانه محروقا.

وفي مذكرة سرية أرسلها مدير مكتب نائب الرئيس الهاشمي إلى مدحت محمود رئيس مجلس القضاء الأعلى، طلب من الأخير مراجعة قضية الأم سعاد عباس وابنتها وأخريات. لكن محمود لم يجب عن اسئلة صحيفة «لوس انجليس تايمز» حول قضية سعاد أو أي مزاعم أثارتها النساء السجينات بأنهن تعرضن للاغتصاب والضرب ولإساءات أخرى.

وقالت امرأة للهاشمي إنها اعترفت بارتكاب جريمة قتل لأنها تعرضت للتعذيب على يد المحققين. وقالت: «هددوني بالاغتصاب. نزعوا عني كل ملابسي وعذبوني بالكهرباء ووسائل أخرى. وافقت على طلبهم بعد كل هذا التعذيب». وقالت فرح السراج التي ترأس القسم المتعلق بشؤون النساء في مكتب الهاشمي والتي تدفع باتجاه تحقيق إصلاحات في السجون، إن مزاعم النساء لم يتم التحقق من صحتها إلا ما ندر. أما وجدان سليم وزيرة حقوق الانسان، فقالت إن النساء غالبا ما يقدمن شكاوى بعد مرور وقت طويل على وقوع ما يزعمن أنه وقع ضدهن. وفي حالات أخرى فإن الإصابات لا يتم توثيقها بشكل مناسب، وهذه مشكلة تحاول أن تعالجها من خلال تشغيل طبيبة للعمل في السجن. وقالت هانية مفتي من «مهمة المساعدة للعراق التابعة للامم المتحدة» انه في الغالب لا يوجد ملاذ تلجأ النساء إليه. وأضافت: «هناك الكثير من الشكاوى والقليل من الإجراءات. ما زالت الإرادة السياسية ضئيلة لجعل المسؤولين عن التعذيب محاسبين أمام القانون». لكن بشّو إبراهيم ينكر وجود أي مشكلة. وقال «إذا كانت للسجينة أي شكاوى فإنها تمتلك الحقوق ونحن نبعثها إلى محقق». لكن إبراهيم اعترف بوجود مشكلة التأخير ضمن النظام القضائي، وهذه مسألة خارج سيطرته. لكن المستشار القانوني لنائب الرئيس الهاشمي قال إن التأخيرات لم تكن فقط محصورة بالمحكمة البدائية. فعمل المحققين يستغرق أشهرا، وهذا شبيه لعملية إطلاق سراح المحتجزين الذين تمت تبرئتهم. وأضاف: «في كل هذه المجالات ليس هناك أي تاريخ محدد».

*خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)