«شيخ اللاجئين العراقيين» من تاجر في بغداد إلى عاطل في عمان

غادر العراق معارضاً لصدام وانقطع أمله في العودة

العراقيان صالح جيزاني (يمين) ومواطنه باجي كزار مناحل جمعتهما الغربة في عمان («الشرق الأوسط»)
TT

عاش العراقيون خلال السنوات الاخيرة تجارب مختلفة بين الحروب والحصار والتأقلم مع نظام سياسي جديد وتقلبات أمنية ومفردات تدل على اختلاف رأي العراقيين حول الاحداث في البلاد، بين وصف الدكتاتورية والديمقراطية والغزو والتحرير لوصف النظامين العراقيين، السابق والحالي، وحرب عام 2003. ولكل عراقي اضطر إلى ترك وطنه قصة فريدة، بخصوصيات تختلف، ولكن تبقى مشاكل الغربة والاحساس بعدم الاستقرار واحدة. «الشرق الأوسط» تحرت حالات لاجئين في عمان وتقدم في ما يلي أربعا منها: عند طلبها إجراء لقاءات صحافية مع صاحب مطعم شعبي عراقي وسط عمان ورواده، رفض صاحب المطعم الحديث مع «الشرق الاوسط» او حتى السماح باجراء مقابلات في مطعمه، قائلاً: «لا نريد أي تصريحات من هنا ولا نريد جلب الانظار الينا». لكن احد الزبائن تقدم معبرا عن رغبته في الحديث عن تجربته.

قال الزبون المتطوع: «انا مستعد للحديث، فانا شيخ اللاجئين». و«شيخ اللاجئين» هو صالح جيزاني، شاعر عراقي من مواليد 1961، غادر العراق عام 1994 الى عمان، بانتظار سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ليعود مجدداً الى وطنه، لكن سقط النظام وبقي جيزاني في الاردن بسبب الاوضاع الأمنية المضطربة في البلاد. قال جيزاني: «تركت العراق لأنني تعرضت للتهديد وجئت الى عمان منتظراً يوم عودتي الى العراق». ولكن بعد 14 عاماً، فقد جيزاني الأمل، وسجل عند المفوضية السامية للاجئين وينتظر اليوم الانتهاء من الاجراءات الروتينية ليرحل الى الولايات المتحدة، بعد ان قبلت طلبه. وقال: «انتظر التوطين في اميركا مع زوجتي... خلال ايام سأترك الاردن». وأضاف: «كل هذه السنوات كان عندي أمل العودة وكنت انتظره، وأول ما سقط النظام تصورت ان الوقت حان للعودة ولكن اليوم بات هذا مستحيلا». وعند سؤاله عن سبب الاستحالة، قال: «الاسباب على شاشات التلفزيون كل يوم، من قتل وإجرام وخوف في البلاد». وشرح جيزاني الأسباب وراء قراره الرحيل عن الأردن، الذي اعتبره وطناً ثانياً خلال السنوات الماضية، قائلاً: «لا نشعر بالراحة منذ فترة، فلا يمكن لي ان أعمل، لأنه ليس لدي تصريح بالعمل، واذا كنت ممنوعا من العمل كيف يمكن لي العيش؟». وأضاف: «أنا شاعر واذا كنت محظوظاً بأن انشر قصيدة مرة واحدة في الشهر، ولكن لا يمكن لي الاعتماد على ذلك كمورد». ويقضي جيزاني وقته في مقاهي شرق عمان ومطاعمها، واشهرها مقهى سنترال، حيث يتجمع العراقيون من كل طيف وخلفية ليسترجعوا ذكريات الماضي ويناقشون المستقبل المجهول. وقال: «نجلس، شعراء وأطباء وغير ذلك، عاطلين عن العمل وننتظر الفرج بشكل او اخر». وشرح جيزاني انه كان تاجراً في شارع النهر الشهير في بغداد وكان يملك محلين في الشارع ومعملا للمواد الغذائية قبل ان يضطر الى مغاردة العراق بعد مشاكل مع النظام السابق، لم يشأ الخوض في تفاصيلها.