أم هربت من بغداد لتحمي أطفالها تنتظر جواز سفر لبدء حياة جديدة في السويد

تقبل معونة من الأمم المتحدة بتردد.. وتتحسر: كنا أولاد عز

TT

وقفت بان كامل مجدداً في طابور طويل منتظرة حلا لمشكلتها، وعلى أمل لم شمل عائلتها الصغيرة التي تفرقت قبل 3 اعوام بسبب العنف الطائفي وانتشار الجريمة في العاصمة العراقية.

كانت بان تقف خارج مقر المفوضية السامية للاجئين في عمان بصمت، عيناها مليئتان بالحسرة وشفتاها ناشفتان بعد فترة انتظار، حاملة كيساً ازرق بسيطاً فيه جوازات سفر عراقية واوراق تثبت تسجليها مع اولادها لاجئة لدى الامم المتحدة.

عندما اقتربت منها «الشرق الأوسط» محاولة الحديث اليها، ترددت بان اولاً قبل سرد قصة عائلتها خلال السنوات الثلاث الماضية. قالت انه بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ظهرت مجموعات مسلحة تدعي انها متدينة نشرت الخوف بين فئات مختلفة من العراقيين، من ضمنهم المسيحيون في البلاد. وقالت «تركنا بغداد عام 2003 بعدما تلقينا تهديدا.. لم افكر بترك العراق قبل ان يحصل ذلك». وأضافت بان التي كانت تسكن في حي زيونة وسط بغداد مع زوجها وابنتيها وابنها الرضيع: «هددونا مرات كثيرة، ولم يبق امامنا خيار سوى ان نترك البلد». وبسؤالها عمن هدد عائلتها تنهدت بان وقالت: «لا ندري.. ولكن كانت عناصر مسلحة تأتينا وتهددنا وكانوا يصفونني بالكافرة، فانا مسيحية وزوجي مسلم». وأضافت: «لدي بنتان، واحدة عمرها 20 سنة والثانية 18 سنة، وكانوا يتهمونني بأنني سأربيهما على ديني، ولكن والله انا علمتهم القرآن الكريم بنفسي».

ولكن لم ينقطع الخوف لدى عائلة بان بمجرد الوصول الى عمان، فقد تعرفت على بعض الذين هددوها في بغداد في عمان خلال الاشهر الماضية. وقالت بان: «رأيناهم انا وابنتاي هنا في شوارع عمان وقريب من الشارع الذي كنا نسكن فيه، ومنذ شهر اكتوبر (تشرين الاول) الماضي سجلت اسمي عند الشرطة الأردنية وقلت لهم ان هناك شبابا هددونا في بغداد يمشون في شوارع عمان، ولكن رجال الشرطة قالوا لي انه لا يمكن فعل شيء لهم حتى تثبت تهمة عليهم». وسكتت عند هذه النقطة قبل ان تقول: «يعني لا يمكن فعل شيء لهم حتى أصاب انا أو اولادي بأذى». وبينما توجهت بان وابنتاها وابنها الى عمان، قطع زوج بان رحلة شاقة للخروج من العراق، فمن خلال اقليم كردستان في العراق توجه براً الى تركيا، وهرب الى السويد بواسطة مهربين. ولم ترغب بان في الحديث عن طريقة تهريب زوجها، قائلة: «لم يكن من السهل علينا اتخاذ هذا القرار، ولكن حياتنا كانت في خطر». وتحاول بان منذ عام 2005 الوصول الى السويد، لتكون مع زوجها مجدداً. وقالت بأسى: «ابني لا يعرف اباه، فثلاث سنوات مرت على فراقنا». واضافت: «سجلت قبل 3 سنوات عند المفوضية السامية للاجئين وقابلوني، ومنذ ذلك الوقت انتقل من معاملة الى معاملة لانهاء الاجراءات». وبعد ان صدرت موافقة الحكومة السويدية على طلب لجوء بان واطفالها الثلاثة، اصبحت تحتاج الى جوازات عراقية نافذة لتصل الى السويد. وشرحت: «نحتاج الى جوازات من فئة «جي» (التي اصدرتها الحكومة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين) والا ستتوقف المعاملة». وشرحت انها قدمت طلبا للحصول على الجواز من خلال السفارة العراقية في عمان، وحصلت على جوازات لها ولابنتيها قبل اسبوعين. ولكن لم تنته المشكلة، فقد وصلت جوازاتهن من دون جواز الابن الصغير، الذي اصبح عمره الان 3 اعوام. وبينما تنشغل بان بالتفكير في السفر الى السويد، مشكلتها اليومية ترتكز على توفير الغذاء اليومي لاطفالها. وبان واحدة من آلاف العراقيين الذين يتسلمون مساعدات غذائية من المفوضية السامية للاجئين في عمان، بعدما نفدت اموالهم. وقالت بان: «الاوضاع صعبة جداً وغلاء المعيشة يتصاعد ولا استطع ان اوفر لأولادي كل شيء فأضطر للمجيء الى هنا لتسلم حصتي»، لتضيف بصوت خافت ورأسها مرفوع: «بس والله كنا اولاد عز».