اتفاق صنعاء يشعل الانقسامات داخل فتح وتعده «ميتا».. وحماس تعتبره ملزما

عزام الأحمد يفتح النار ضد خصومه في الرئاسة: مساعدون لعباس يخدمون المشروع الإسرائيلي ـ الأميركي

أطفال فلسطينيون يشاركون في مسيرة بغزة أمس للاحتجاج على مواصلة الحصار على القطاع (رويترز)
TT

أثار اتفاق صنعاء الذي وقعته حركتا فتح وحماس أول من أمس انقساما حادا داخل حركة فتح، بين مؤيد ومعارض، الى حد تبادل الاتهامات هنا وهناك. فيما اعتبرته حماس اتفاقا ملزما للحركتين، لكنها أشارت الى أن «الفريق الذي يرفض الحوار مع حماس له تأثير قوي في مؤسسة الرئاسة».

وشكك عدد من مستشاري الرئيس محمود عباس في الاتفاق، بينهم المستشار السياسي نمر حماد والإعلامي نبيل عمرو، بالإضافة الى الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومساعد الرئيس ياسر عبد ربه، وأكدوا أن عزام الأحمد رئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي الذي وقع على الإعلان وقع بصفته الشخصية. وقالوا إن الاتفاق ولد ميتا، وان لا حوار مع حماس إلا بعد التراجع عن الانقلاب. لكن عزام الأحمد تحداهم قائلا انه مخول من عباس، وان الرئيس هاتفه بعد التوقيع.. قبل أن يطلق اتهاما بأن من يخالفونه يقومون «بخدمة لصالح أميركا وإسرائيل». وقال عبد ربه لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان صنعاء زاد الأمور تعقيداً، ولا يمكن أن يكون أساساً لحل الخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية. وأضاف، أن عزام الأحمد «أخطأ لأنه أقدم على هذه الخطوة من دون الرجوع الى القيادة الفلسطينية والرئيس» محمود عباس. وقال عبد ربه وهو أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن القيادة الفلسطينية أبلغت القيادة اليمنية أن ما تم هو «خطأ يتوجب إصلاحه»، متمنياً أن تقوم الحكومة اليمنية بـ«إصلاح الخطأ» في أقرب فرصة، ملمحاً الى ضرورة التزام الحكومة اليمنية بالنص الأصلي للمبادرة التي قدمها الرئيس علي عبد الله صالح. وكرر عمرو ونمر حماد العبارات نفسها، فيما أشار أبو ردينة في بيان عن مؤسسة الرئاسة الفسلطينية، بعد قليل من الإعلان عن اتفاق صنعاء، الى أن «استئناف الحوار في المستقبل يجب أن يتم لتنفيذ المبادرة اليمنية بجميع بنودها، وليس للتعامل مع تلك المبادرة كإطار للحوار، لأن ذلك لن يؤدي إلى نتيجة، بنود المبادرة اليمنية واضحة، ونحن نريدها للتنفيذ، وليس للتحاور».

وقال عزام الأحمد لـ«الشرق الأوسط» انه مخول من حركة فتح للتوقيع على اتفاق مع حماس، مشيرا الى أن مساعدين لعباس يقومون بدور لخدمة المشروع الاسرائيلي ـ الأميركي. وقال انه سيعود الى صنعاء مجددا من دون أن يحدد موعدا لذلك، على اعتبار أن الرئيس اليمني بحاجة لمزيد من الجهد من اجل التوفيق بين المواقف المتباينة لكل من فتح وحماس. وقال إن إعلان صنعاء، هو إطار لاستئناف الحوار للعودة بالأوضاع الى ما كانت عليه، وان فتح ستجري حوارا مع حماس من اجل التنفيذ.

وقال الأحمد «هناك موظفون في مؤسسة الرئاسة ليست لهم علاقة بالحركة الوطنية الفلسطينية، هم مجرد موظفين يحرضون أبو مازن». وتابع إن إعلان أبو ردينة لا يتناقض مع موقفه، وان قال انه تم دس كلمتين في الخبر، «ربما كان عبد ربه دسهما». وأكد الأحمد انه اطلع مسبقا على تصريحات أبو ردينة مضيفا «وبالعودة للمؤتمر الصحافي الذي جرى في صنعاء فان كلمتي تتطابق مع كلام أبو ردينة، أما ياسر عبد ربه فهو لا يعنيني وهو معروف يمثل ماذا».

ونشرت صحيفة القدس المحلية، خبرا رئيسا قالت فيه نقلا عن مصادر في الرئاسة، إن إعلان صنعاء في مهب الريح وان الأحمد وقع على مسؤوليته. وأكد الأحمد انه كان على اتصال دائم مع أبو مازن، وقال «أنا كنت مخول منه والذي نشر ما نشره في صحيفة القدس عليه أن يمتلك الجرأة والشجاعة، ليقول من هو». وأضاف «سأقاضي جريدة القدس لأنها نشرت خبرا كاذبا لجهة مجهولة مما يدل على أنها تقوم لخدمة أغراض إحداث الفتنة»، وزاد بالقول «ما ذكرته القدس خبر مدسوس من جهات مشبوهة، وسأقاضيها لتكشف من هي هذه الجهات». ويستمد الأحمد قوته كما يبدو من مرتبته التنظيمية في حركة فتح، التي تسيطر على الضفة الغربية، وهو رئيس كتلتها البرلمانية. وقال «أتحدى اي شخص أن يخرج ويكون أعلى مني تنظيميا، ويقول انا غير مخول». وتابع «نمر حماد لا اعرف ما هو موقعه في فتح، ولا اعرف إذا ما كان عضو في فتح، أنا الذي امثل فتح، وأبو مازن هو الذي أعطاني التمثيل عن منظمة التحرير وعن فتح». ويستشهد الأحمد بوزير الخارجية اليمني، قائلا «لقد اتصل مع أبو مازن ليشكو وطلب منه الضغط علي، من اجل المرونة، وأبو مازن قال له أرسلته وهو المخول والأكثر مرونة فينا».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت تصريحات مساعدي عباس تدلل على تراجعه عن اتفاق صنعاء قال الأحمد «لم يتراجع لا اعتقد انه تراجع». وأضاف «الرئيس اتصل بي بعد التوقيع». وردا على سؤال آخر حول ما سيكون موقفه إذا ما كان الرئيس تراجع بالفعل، قال الأحمد «أنا شخصيا مستعد، إذا الرئيس اليمني حدد موعدا جديدا، أن أعود بتفويض من فتح، ولكن من اجل التنفيذ، وهذا ما قلته في حفل التوقيع وأصررت على أن آخذ نسخة فيديو من التلفزيون اليمني حتى أحرج الأصوات المشبوهة في رام الله». وعند سؤاله حول ماذ الذي تريده هذه الأصوات، قال «بدهم خدمة المشروع الاسرائيلي ـ الأميركي».

وحول موقف حماس الذي أعقب التوقيع، باعتبار المبادرة إطارا للحوار وليس للتنفيذ، قال الأحمد «إن موقف حماس يختلف مع ما تم الاتفاق عليه»، وكشف انه تم الغاء الموعد المحدد لاستئناف الحوار في الخامس من الشهر القادم بطلب من الرئيس اليمني بعدما شاهد التباين بين الطرفين. وقال الأحمد «ان الرئيس علي عبد الله صالح اصبح بحاجة لمزيد من الوقت والجهد لإزالة العقبات قبل دعوة الأطراف لبدء الحوار في اليمن». وقالت حماس أمس، على لسان القيادي محمود الزهار، إنها تنتظر عدة إجابات من فتح قبل بدء الحوار، إلا أن الأحمد قال إن ذلك غير صحيح، ولا صحة للأنباء التي تقول انه تم التفاوض على اي قضية. وأكد الأحمد ان الرئيس اليمني ابلغه بأنه سيعرض الاتفاق على القمة العربية ليعطيه زخما وبعدا عربيين. وشككت حماس في نوايا الرئاسة الفلسطينية، وقال بيان للحركة تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه إن حماس تخشى أن تكون هذه التصريحات تعكس عدم جدية الرئاسة الفلسطينية في الحوار، وأن توقيعها الاتفاقية «من باب المجاملة ليس أكثر». من ناحيته رفض فوزي برهوم، الناطق الرسمي باسم حركة حماس، تدخل ياسر عبد ربه في ما تم في صنعاء على اعتبار أنه شأن يخص حركتي فتح وحماس، في حين أن عبد ربه لا علاقة له بحركة فتح. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» اتهم برهوم عبد ربه بقيادة تيار «لا يألو جهداً من أجل وأد أي محاولة لإعادة اللحمة الى البيت الفلسطيني»، مشدداً على أن كل ما يعني عبد ربه هو إبقاء الخلاف الفلسطيني الداخلي على حاله وأن يتكرس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

واعتبر برهوم أن عبد ربه يحاول «تصغير وتحقير الجهد الذي بذلته القيادة اليمنية»، مؤكداً أن القيادة اليمنية «لن تلقي بالاً للمواقف التي يعبر عنها عبد ربه». وحول التباين في المواقف بين حركة فتح والرئاسة الفلسطينية، قال برهوم إن «هناك حالة من الإرباك تعصف بالرئاسة وحركة فتح بعد التوقيع على الاتفاق»، مشدداً على أن حركة حماس ترى أن الاتفاق الذي تم توقيعه يعتبر ملزماً لكل من الحركتين. وأشار الى أن «الفريق الذي يرفض الحوار مع حماس له تأثير قوي في مؤسسة الرئاسة "، متمنياً على أبو مازن التجاوب مع مرامي هذا الفريق. وشدد على أن الذين يرفضون الحوار مع حماس «يتماهون» مع الموقف الإسرائيلي الرسمي الرافض للحوار للحوار بين الحركتين. ويذكر أن صحيفة «معاريف» في عددها الصادر أمس الاثنين قد نقلت عن وزير إسرائيل كبير قوله إنه في حال عاد أبو مازن للحوار مع حركة حماس فستوقف إسرائيل التفاوض معه.