إسرائيل توافق على طلب لحزب الله لتسهيل صفقة تبادل أسرى

اشترطت دليلا على أن جندييها المختطفين على قيد الحياة

TT

على الرغم من التهديدات التي تثير أجواء تصعيد حربي بين اسرائيل وحزب الله وحتى ايران وسورية، نشرت في تل أبيب أمس معلومات تفيد بأن اسرائيل وافقت بشروط معينة على مطلب لحزب الله؛ من شأنه أن ينجح المفاوضات الجارية بينهما حول تنفيذ صفقة تبادل أسرى جديدة.

ووفقا لهذه المعلومات، فإن اسرائيل كانت ترفض طوال الوقت الحديث عن صفقة مع حزب الله يتم فيها اطلاق أسرى فلسطينيين، وذلك لأن مثل هذه الخطوة سترفع من أسهم الحزب أكثر لدى الفلسطينيين، وسيقوي التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي تعمل بالتنسيق معه ومع ايران. ولكن، في جولة المفاوضات الأخيرة، وافقت اسرائيل على اطلاق سراح فلسطينيين في الصفقة مع حزب الله، شرط أن يبادر الحزب لإعطاء اشارات تدل على ان الجنديين الاسرائيليين الأسيرين، الداد ريجف وأودي غولدفاسر، ما زالا على قيد الحياة. وقالت مصادر اسرائيلية مقربة من المفاوضين، ان الكرة الآن لدى حزب الله الذي يطالب بأن تبدأ الصفقة أولا باطلاق سراح مجموعة من الأسرى اللبنانيين أو العرب الآخرين، وفقط بعدئذ يعطي حزب الله معلومات عن الأسيرين. كما يصر حزب الله على أن يكون واضحا من البداية ان الصفقة ستشمل أسيرين اثنين لا تنازل عنهما في أي حال من الأحوال، هما: سمير قنطار، الشيوعي اللبناني، الذي نفذ هجوما مسلحا على بيت في نهاريا سنة 1979، واللبناني اليهودي، نسيم نسر، الذي اعتنق الاسلام واعتقل في اسرائيل بتهمة التجسس لصالح حزب الله.

وأضافت هذه المصادر، حسب صحيفتي «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت»، في عددهما أمس، ان المفاوضات بين حزب الله واسرائيل ما زالت مستمرة منذ نهاية السنة الماضية، بواسطة مسؤول أمني ألماني يعمل باسم الأمين العام للأمم المتحدة. وقالت إن هذه المفاوضات لم تتوقف قط، لا في فترة اغتيال عماد مغنية، قائد القوات العسكرية في حزب الله، ولا في فترة الهجوم الحربي على قطاع غزة، مما يثير التفاؤلَ بأنها ستتكلل بالنجاح.

وعلى الرغم من هذه الأجواء الايجابية على طاولة المفاوضات بين اسرائيل وحزب الله، فإن التهديدات العسكرية لم تتوقف. فقد أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، أنه يأخذ ببالغ الجدية تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، والتي قال فيها ان لديهم اثباتات قاطعة على ان اسرائيل هي التي اغتالت عماد مغنية في دمشق قبل 40 يوما، وإن دمه لن يذهب هدراً. واضاف باراك انه «ينبغي عدم الاستهانة بهذه التهديدات، وعلينا باليقظة. فنحن في فترة حساسة، تتسم بمزيد من الأخطار، لكننا سنعبرها». ووجه وزير آخر، هو نائب رئيس الوزراء وعضو المجلس الأمني الوزاري المصغر، رافي ايتان، تهديدا مبطنا لحزب الله صاغه، خلال لقاء مع الاذاعة الاسرائيلية العبرية، أمس، على النحو التالي: «أنا لست من الذين يتأثرون بتهديدات حزب الله بالرد على اغتيال مغنية. فهم يعرفون، وإذا لم يعرفوا فليعرفوا الآن، ان تنفيذ عملية ضخمة كما يخططون، سيكلفهم ردا ضخما من اسرائيل. وأعتقد انهم ليسوا مؤهلين اليوم لعملية اجتياح اسرائيلية جديدة لجنوب لبنان».

يذكر ان اسرائيل أعلنت حالة تأهب بدرجة واحدة أقل من حالة الطوارئ الحربية، استعدادا لمواجهة عملية انتقام لاغتيال مغنية. وحسب معلومات من مصادر عسكرية مطلعة، كانت «الشرق الأوسط» نشرتها في الأسبوع الماضي وأعيد نشرها أمس في تل أبيب، فإن اسرائيل تتحسب من عدة أشكال رد متوقعة. وترى انه قد يكون هناك رد محدود بعملية أو عمليات تفجير كبيرة داخل اسرائيل، أو بعمليات قصف في العمق الاسرائيلي تصل الى تل أبيب ومحيطها. كما تأخذ القيادة العسكرية الاسرائيلية في حسابها أن تشارك ايران وربما سورية في هجوم صاروخي كهذا عليها. وتم بحث هذه الأخطار أمس وأول من أمس في اللقاءات التي جرت بين القادة الاسرائيليين السياسيين والعسكريين مع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي قال لدى مغادرته اسرائيل أمس ان الولايات المتحدة التزمت، ومتمسكة بالتزامها لضمان أمن اسرائيل وتدعمها في دفاعها عن نفسها في مواجهة الارهاب، الذي لا يخفي هدفه بإبادة اسرائيل. وقال تشيني انه غير مقتنع بأن سورية صادقة في دعوتها الى استئناف مفاوضات السلام مع اسرائيل، انما هي تريد استرجاع الجولان مقابل الحفاظ على موقعها بلبنان وسيطرتها المشتركة عليه مع ايران بواسطة حزب الله. وقال تشيني ان الامتحان الأساسي للسياسة السورية هو في تعاملها مع لبنان. ومن الواضح بحسب تشيني ان سورية تواصل تزويد حزب الله بالسلاح لكي يواصل حربه على اسرئيل. وفي تلخيص لزيارة تشيني في اسرائيل، التي دامت ثلاثة ايام، قال النائب يوفال شتاينتس، من حزب الليكود المعارض، الذي شارك في لقاء رئيس حزبه بنيامين نتنياهو مع نائب الرئيس الأميركي «نشعر بالارتياح إلى ان تشيني يفهم ما لا يفهمه حتى قادة اسرائيل بأن هناك أخطارا كبيرة على الأمن العالمي من ايران وشركائها في محور الشر (سورية وحزب الله وحماس). فهو يدرك بأنه إذا لم يتم لجم ايران من الآن، فإن تجربة ما قبل الحرب العالمية الثانية ستعود من جديد. ففي حينه استخف العالم بالنازية الألمانية، وكانت النتيجة كارثية على العالم كله. واليوم نسعى جميعا، والولايات المتحدة في المقدمة، لمنع حرب عالمية ثالثة، تريد ايران فرضها».