خادم الحرمين: سأدعو لمؤتمر حوار يضم كافة الأديان للخروج بما يكفل صيانة الأسر والإنسانية جمعاء

قال عن لقائه الأخير مع بابا الفاتيكان «قابلني مقابلة الإنسان للإنسان»

TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عن نيته للدعوة إلى عقد عدة مؤتمرات إسلامية لأخذ رأي المسلمين في جميع أنحاء العالم ومن ثم بدء لقاءات وحوارات مع جميع الأديان، للخروج بما يكفل صيانة الإنسانية، والأخلاق والأسر، والطلب من جميع الأديان السماوية الاجتماع «مع إخوانهم في إيمان وإخلاص لكل الأديان لأننا نحن نتجه إلى رب واحد».

وكشف خادم الحرمين الشريفين أن لقاءه الأخير مع بابا الفاتيكان الذي وصفه بأنه «لن ينساه»، كان مفعما بالإنسانية، وقال «قابلني مقابلة الإنسان للإنسان» وأنه طرح عليه خلال المقابلة هذه الفكرة.

وبين خادم الحرمين الشريفين خلال استقباله أمس في قصره بالرياض المشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي الذي بدأ أعماله في الرياض أمس تحت عنوان «الثقافة واحترام الأديان» ويختتم أعماله اليوم، أنه طرح فكرته لحوار الأديان على علماء المملكة العربية السعودية «لأخذ الضوء الأخضر منهم، ولله الحمد وافقوا على ذلك». وفي ما يلي نص الكلمة:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إخواني، أصدقائي اليابانيين: أحييكم وأحيي إخواني جميعهم وأتمنى لكم التوفيق في هذه الندوة المعبرة إن شاء الله عن عقيدة الإسلام وأخلاق الإسلام وطهر الإسلام ومحبة الإسلام لجميع الأديان السماوية.

إخواني وأخواتي: لست أريد أن أشرح الإسلام لكم أبناء الإسلام فكلكم ولله الحمد تحملون إيمان الإسلام وعقيدة الإسلام وأخلاق الإسلام، وأتوجه لكم بالشكر والامتنان لما تبذلونه نحو دينكم ونحو الأديان السماوية ونحو الإنسانية جمعاء. إخواني هذه الفرصة سنحت لي أن أخبركم بشيء في خاطري، وأرجو منكم أن تصغوا لهذه الكلمات القصيرة لأقتبس منكم المشورة.

إخواني: أحب أن أخبركم بهذه الخطوة التي أتمنى لها التوفيق، كنت أفكر منذ سنتين أن جميع البشرية في وقتنا الحاضر في أزمة، أزمة أخلت بموازين العقل والأخلاق والإنسانية، ولهذا فكرت وعرضت تفكيري على علمائنا في المملكة العربية السعودية لأخذ الضوء الأخضر منهم، ولله الحمد وافقوا على ذلك، والفكرة أن أطلب من جميع الأديان السماوية الاجتماع مع إخوانهم في إيمان وإخلاص لكل الأديان لأننا نحن نتجه إلى رب واحد.

شاهدت مثل اجتماعاتكم الآن والحوار بين الأديان وإلى آخره، ففكرت بشيء لا أخفيه عليكم وكلكم تحسون به، كل من اتجه إلى ربه عز وجل من قلب صادق أمين واف لدينه وللأديان والأخلاق الإنسانية، ولهذا كان في بالي أن أزور الفاتيكان، وزرتها وقابلت البابا، وأشكره فقد قابلني مقابلة لن أنساها، مقابلة الإنسان للإنسان، وفعلا اقترحت عليه هذه الفكرة وهي الاتجاه إلى الرب عز وجل، بما أمر به في الأديان السماوية التوراة والإنجيل والقرآن، نطلب من الرب عز وجل أن يوفقنا جميعاً في هذه الأديان للكلمة التي أمر الرب عز وجل بفعلها للبشرية ولهذا الاتجاه للرب عز وجل، وفي نفس الوقت شاهدت من أصدقائنا في جميع الدول أن الأسرة والأسرية في هذا الوقت تفككت وفي نفس الوقت سمعت أنه كثر الإلحاد بالرب عز وجل، وهذا لا يجوز من جميع الأديان السماوية لا من القرآن ولا من التوراة ولا من الإنجيل، نتجه إلى الرب عز وجل لإنقاذ البشرية مما هم فيه، افتقدنا الصدق، افتقدنا الأخلاق، افتقدنا الوفاء، افتقدنا الإخلاص لأدياننا وللإنسانية، والأسرية أنتم أعلم بها، تفككت مع الأسف، الإنسان أعز ما عنده أبناؤه، إذا بلغ الشاب أو الشابة 18 سنة ودع أباه وأمه وذهب في مسائل لا تتقبلها الأخلاق ولا العقيدة وفوق هذا وذاك الرب عز وجل.

ولهذا نويت إن شاء الله أن أعمل مؤتمرات وليس مؤتمرا لأخذ رأي إخواني المسلمين في جميع أنحاء العالم في آرائهم ونبدأ إن شاء الله نجتمع مع إخواننا في كل الأديان التي ذكرتها التوراة، والإنجيل لنجتمع وهم ونتفق على شيء يكفل صيانة الإنسانية من العبث الذي يعبث بها من أبناء هذه الأديان بالأخلاق وبالأسر وبالصدق والوفاء للإنسانية.

هذا ما أحببت أن آخذ رأيكم فيه وأتمنى منكم عندما تعودون إلى بلدانكم أن تشرحوا الموضوع مختصرا، وإن شاء الله أنا بادئ فيها في أقرب وقت ممكن وإذا اجتمعنا واتفقنا إن شاء الله على كل خير جميع الأديان أتوجه إلى الأمم المتحدة وأعتقد حتى الذين يؤمنون بالإبراهيمية ولكن هذه الديانات الثلاث هي التي عليها أملنا، توراة، إنجيل، قرآن. والبقية إن شاء الله كلهم فيهم خير لإنسانيتهم ولأخلاقهم ولبلدانهم ولجمع الأسرة.

يا إخوان: قد لا تصدقون كيف تفكك الأسرة، أعتقد أخواني هؤلاء يحسون بها، وكلكم تحسون بها، تفكك الأسرة، وكثرة الإلحاد في العالم، وهذا شيء مخيف لا بد أن نقابله من جميع هذه الأديان بالتصدي له وقهره وإرشادهم إلى الطريق المستقيم الذي إن شاء الله يحفظ كرامة الإنسان والإنسانية والأخلاق. وشكراً لكم».

وكان نائب وزير الخارجية الياباني أوسامو أوتو الذي حضر اللقاء، قد القى كلمة نيابة عن الجانب الياباني أعرب فيها عن شكر الجميع لخادم الحرمين الشريفين على استقباله لهم، وعلى استضافة المملكة ممثلة في وزارة الخارجية لنشاطات المنتدى.

وتحدث عن منتدى حوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي منذ بدأت فكرته بمبادرة أطلقها وزير الخارجية الياباني السابق يوهي كونو عام 2001 إلى المنتدى الحالي في الرياض، منوها بما وجده المشاركون في المنتدى من ترحيب وتسهيلات لتحقيق أهدافه. وبين المسؤول الياباني أن عدد المسلمين في اليابان يتجاوز حاليا مائتي ألف مسلم وعدد المساجد يبلغ أربعين مسجدا، وأكد أن هذا المنتدى سوف يؤدي إلى تعزيز التفاهم المتبادل بين اليابان والعالم الإسلامي، معرباً عن أمله في استمراره خلال السنوات القادمة.

من جهته ألقى رئيس العلماء ومفتي البوسنة الشيخ الدكتور مصطفى سيرتش كلمة عن الجانب الإسلامي في المنتدى عبر فيها عن شكره وشكر جميع المشاركين في المنتدى من الجانب الإسلامي للملك عبد الله على ما يقدمه من خدمة للإسلام والمسلمين، مشيرا إلى أن العالم يحتاج اليوم إلى الإنسان الحكيم والعاقل.

وتطرق في كلمته إلى أهمية الحوار بين الحضارة الإسلامية والحضارة اليابانية، مفيداً أن اليابانيين محبون للخير وفتحوا مجالاً للمسلمين لبناء مساجدهم وهم كذلك منفتحون للحوار ليس فقط مع الحضارة الإسلامية ولكن مع جميع الحضارات. وقدم الشكر لخادم الحرمين الشريفين وللمملكة العربية السعودية على كل ما وجدته البوسنة من الخير والإحسان والعون الذي ساهم في مساعدتها على البقاء، مؤكداً أن المملكة مهد الإسلام بلد السلام والإحسان، وقال «أنتم يا خادم الحرمين الشريفين أثبتم للعالم كله في زيارتكم للفاتيكان مؤخراً أن المملكة العربية السعودية وأنتم شخصياً أسوة حسنة ليس فقط للمسلمين وإنما لقادة العالم للدعوة للحوار والتعاون حول العالم».

وأشار مفتي البوسنة إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للفاتيكان أثلجت صدور المسلمين في أوروبا، ووصفها بأنها زيارة تاريخية يتلمسون نتائجها في كل لحظة هذه الأيام.

وقد التقطت صور تذكارية بهذه المناسبة. حضر الاستقبال السفير فيصل طراد سفير السعودية لدى اليابان، وسفير اليابان لدى المملكة هيجيرو ناكمورا وعدد من المسؤولين.