القاهرة تؤكد مقتل مصري وإصابة اثنين بنيران سفينة أميركية في قناة السويس

السفارة الأميركية نفت وقوع ضحايا والخارجية تجري مباحثات حول الحادث

سفينة النقل الأميركية «غلوبال باتريوت» تبحر في مياه قناة السويس أمس (أ ب)
TT

لقي مصري مصرعه وأصيب اثنان كانا يرافقانه على متن مركب بحري صغير يعمل في خليج السويس في مجال بيع البضائع للسفن وذلك إثر تعرضهم لإطلاق نار من سفينة نقل مستأجرة لدى البحرية الاميركية تحمل اسم «غلوبال باتريوت» كانت ترسو مساء أول من أمس في غاطس ميناء السويس، انتظاراً لتلقي أوامر تحركها باتجاه المجرى الملاحي لقناة السويس لاستئناف رحلتها إلى البحر الأبيض المتوسط.

ونجحت فرق أمنية من جهازي أمن الدولة والأمن العام انتقلت إلى موقع الحادث، بالإضافة إلى أمن الميناء، في تفريق زملاء القتيل الذين تظاهروا بمراكبهم الصغيرة حول السفينة الأميركية مطالبين بالثأر لزميلهم، كما انتقل فريق من نيابة السويس إلى موقع الحادث لمعاينته، وصرح رئيس النيابة بدفن جثة القتيل الذي دفن وسط عشرات من المشيعين الغاضبين.

وخضع بعض أعضاء طاقم السفينة للتحقيق أمام الشرطة المصرية التي استجوبتهم حول ملابسات الحادث، ثم أعادتهم إلى متن سفينتهم التي تحركت من الغاطس صباح أمس باتجاه البحر المتوسط. ونفى بيان رسمي للسفارة الأميركية في القاهرة وقوع قتلى لكنه اعترف بإطلاق أمن السفينة لمجموعتين من الرصاص باتجاه مركب اقترب منها. وقال مصدر أمني مصري تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن السفينة الأميركية غلوبال باتريوت كانت ترسو في غاطس بالقرب من المدخل الجنوبي لقناة السويس، وتجمع حولها عدد من المراكب لباعة يعرضون بضاعتهم، إلا أن أحد المراكب اقترب منها فأطلقت السفينة صافرات الإنذار القوية، لكن المركب واصل اقترابه، فقام قائد السفينة بتشغيل الأضواء المبهرة في جانبي السفينة لكن المركب لم يتوقف فقام أمن السفينة بإطلاق النار باتجاه المركب مما أسفر عن مقتل محمد عرفة حمدي (25 سنة)، وإصابة اثنين كانا يرافقانه على متن المركب. من جانبها، نفت السفارة الأميركية بمصر في بيان رسمي لها وقوع ضحايا خلال عملية إطلاق النار على القارب لكن مسؤولاً في المكتب الإعلامي بالسفارة نقل لـ«الشرق الأوسط» عن السفير الأميركي قوله أمام الغرفة الأميركية أمس «نأسف إذا كان هناك ضحايا»، موضحاً «أن التقرير الأولي لم يثبت وقوع ضحايا». وتحدث بيان السفارة عن الحادث ذاكراً «أن عدة مراكب اقتربت من غلوبال باتريوت أثناء استعدادها للتوقف المؤقت بقناة السويس، وقد تم تنبيه المراكب وتحذيرها من خلال متحدث باللغة العربية بوضوح بالاستعانة بمكبر صوت حيث طُلب منها الابتعاد عن السفينة».

وأضافت السفارة «تم بعد ذلك إطلاق إشارة نارية ضوئية تحذيرية، بينما واصل أحد المراكب الصغيرة الاقتراب من السفينة وتم إطلاق مجموعتين من الطلقات التحذيرية على بعد 20 إلى 30 ياردة من مقدمة القارب، وأنه تم رصد جميع الطلقات أثناء اختراقها للمياه».

وذكرت السفارة أن الواقعة تخضع للتحريات في الوقت الراهن وأن هناك تعاونا بين قيادة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية مع السلطات المصرية بما في ذلك هيئة قناة السويس والسلطات المحلية الأخرى وكذلك السلطات القومية من خلال السفارة الأميركية بالقاهرة.

وبعد ساعات قليلة من الحادث، غادرت السفينة الأميركية التي تبلغ حمولتها 27 ألف طن غاطس الميناء متجهة إلى البحر المتوسط.

وقال عبد الله شقيق القتيل نقلا عن ثلاثة اشخاص كانوا في مكان الحادث «لم يكن هناك أي طلقات تحذيرية من السفينة بل اشارة ضوئية فقط قبل ان تبادر الى اطلاق النار» بحسب وكالة اسوشيتد برس.

وفي واشنطن، اكد قائد العمليات في البحرية الاميركية الادميرال غاري روهيد ان قائد الفريق الامني في سلاح البحرية الاميركي الذي كان يحرس السفينة كانت لديه سلطة التصرف عندما تجاهلت قوارب صغيرة التحذيرات واقتربت من السفينة.

وبدت الخارجية الاميركية محرجة اثر الحادث، وقال المتحدث باسمها شون ماكورماك انها «بدأت مباحثات على اعلى مستوى لنفهم في البدء ما حدث تماما والاطمئنان الى ان لدينا قناة تواصل جيدة وواضحة ومفتوحة (مع المصريين) حتى لا يتكرر هذا النوع من الحوادث» حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم يذهب ماكورماك الى حد تقديم اعتذار بلاده لكنه قال ان السفن التي تنقل شحنات لوزارة الدفاع «تعبر تكرارا قناة السويس بدون حوادث» وان الحكومة المصرية تقدم «مساعدة على مستوى عال» للسفن الاميركية.

وقال الادميرال في البحرية الاميركية غاري روهيد ان التحقيق جار في حادث اطلاق النار لكنه اضاف ان البحرية الاميركية ليس لديها معلومات تدعم الرواية المصرية للحادث. وقال للصحافيين ان الفريق الامني التابع للبحرية الاميركية على متن السفينة «اتبع الخطوات المرعية» لدى الاشتباه بوجود تهديد.

وقال المتحدث باسم البنتاغون براين ويتمن ان بضعة قوارب اقتربت من سفينة غلوبال باتريوت اثناء استعدادها لعبور قناة السويس باتجاه الشمال. وتجاهل احد القوارب التحذير وواصل اقترابه مما دفع الفريق الامني الى اطلاق طلقات تحذير. وقال روهيد ان البحرية غالبا ما ترسل فرقا امنية على متن السفن التجارية التي تستأجرها مضيفا «نمنحهم سلطات واسعة، ونثق بحكمهم». وتابع «ولكن عندما يحدث شيء مماثل، فالامر متروك لحكم الشخص الموجود في الموقع لاتخاذ القرار. وسنرى ما ستنبئنا به الوقائع».

وقال هرمز شيغان نائب مدير شركة «غلوبال كونتينر لاينز ليميتد» التي تملك السفينة انها «لا تملك أي اشارات تدل على انها سفينة عسكرية او أي شيء من هذا القبيل» بحسب وكالة اسوشيتد برس، مضيفا ان طاقم السفينة لم يكن مسلحا.

وفي المنامة، اعلن الاسطول الخامس الاميركي الذي يتخذ من البحرين مقرا له في بيان ان «عدة قوارب كانت تقترب من السفينة (غلوبال باتريوت) اثناء انتظارها الاذن بعبور قناة السويس»، مضيفا «ان السفينة قامت بتحذير القوارب عبر الراديو من الاقتراب منها». واضاف «احد هذه القوارب تجاهل التحذيرات وحاول الاقتراب اكثر من السفينة التي قامت بدورها باطلاق النار لتحذير القارب من الاقتراب اكثر». واشار بيان الاسطول الخامس الى ان «الحادثة رهن التحقيق حاليا حيث تعمل سلطات البحرية الاميركية بالتعاون مع السلطات المصرية والسفارة الاميركية في القاهرة».