معارك عنيفة بين قوات الأمن و«جيش المهدي» في البصرة.. واستنفار أمني في الجنوب

مقتل وإصابة العشرات.. وفرض حظر التجوال في مدن مجاورة * دعم جوي أميركي وبريطاني

عنصران من مغاوير الشرطة العراقية في أحد شوارع البصرة أمس (رويترز)
TT

انطلقت في مدينة البصرة أمس عملية «صولة الفرسان» بين قوات الجيش والشرطة العراقيتين وبين مسلحين في مدينة البصرة، واندلعت على إثرها اشتباكات واسعة في المدينة بين القوات الامنية العراقية وميليشيا جيش المهدي التي يتزعمها رجل الدين الشاب مقتدى الصدر، كما اعلنت السلطات فرض حالة التجوال في عدد من المدن الجنوبية المجاورة. وأفادت مصادر طبية عراقية بأن 25 شخصا قتلوا وجرح 58 آخرون غالبيتهم من قوات الجيش والشرطة العراقية جراء الاشتباكات. ودارت معارك عنيفة في البصرة (550 كلم جنوب بغداد) ثاني مدن العراق ومنفذه البحري الوحيد، حيث يتم تصدير غالبية الانتاج من النفط الخام. وأفاد شهود عيان بأن شوارع البصرة بدت خالية تماما باستثناء انتشار رجال الامن والمسلحين، فيما اغلقت المدارس والدوائر والمحال التجارية. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد وصل الى المدينة اول من أمس برفقة وزيري الدفاع والداخلية للاشراف على العملية بنفسه. ووجه المالكي فور وصوله الى المدينة رسالة الى السكان أكد فيها أن «الحكومة الاتحادية وشعورا منها بالتزاماتها القانونية بدعم الحكومة المحلية في البصرة، عقدت العزم وبحزم على إعادة الامن والاستقرار وفرض القانون في المدينة». وأوضح المالكي ان المدينة «تتعرض لحملة ظالمة وقاسية متعددة الاطراف والأبعاد داخليا وخارجيا تستهدف أمنها واستقرارها». وأشار الى «استهداف رموزها العلمية والاجتماعية والروحية وحتى البسطاء من الناس رجالا ونساء»، موضحا أن هذا «العمل الخارج عن القانون أخذ يتستر بغطاءات دينية سياسية او غيرها». وتابع ان «عمليات لتهريب النفط ومشتقاته والأسلحة والمخدرات وممنوعات اخرى صاحبت ذلك»، موضحا «ان هؤلاء الخارجين عن القانون وجدوا من يقدم لهم الدعم والمساندة من داخل اجهزة الدولة وخارجها ترغيبا او ترهيبا». وأضاف ان ذلك «عزز تفشي الجريمة والتهديد بالقتل والخطف وغيرها».

ودعا المالكي الى تسليم الاسلحة الخفيفة والثقيلة الى السلطات، مؤكدا ان الذين لا يمتثلون لتلك الاوامر سيتعرضون الى ملاحقات.

من جانبها، أكدت الشرطة ان العملية، التي اطلق عليها اسم «صولة الفرسان»، بدأت في حي التيمية، معقل جيش المهدي. وأكد شهود عيان ان «الاشتباكات امتدت الى مناطق الحيانية والخمسة ميل والجمهورية (وسط) بالاضافة الى المعقل والجنينة والكزيزة شمال (المدينة)». وهذه المناطق معاقل للميليشيات. من جهته، قال الميجور توم هولواي المتحدث باسم الجيش البريطاني ان القوات المتعددة الجنسية تشارك في العمليات في البصرة من خلال «القوة الجوية والاستخبارات»، مشدداً على ان الجنود لا يشاركون في القتال المباشر. وأضاف في اتصال مع «الشرق الاوسط» أن «القوات العراقية هي التي تقود العمليات والقوات المتعددة الجنسية تدعمها في المجالات التي تحتاج الى دعم فيها». وأوضح ان أبرز هذه المجالات هي «دعم القوة الجوية والمراقبة»، مضيفاً ان «الطائرات البريطانية تشارك مع طائرات أميركية لتزويد الدعم الجوي للقوات العراقية». ولفت هولاوي الى ان «القوات البريطانية لم تدخل مدينة البصرة منذ سبتمبر (ايلول) الماضي بعد ان سلمت مسؤولية الأمن في المحافظة الى القوات العراقية نهاية العام الماضي». ومنذ ان تحصنت القوات البريطانية في مطار البصرة، تتعرض لهجمات شبه يومية من جماعات مسلحة. وعما اذا كانت القوات البريطانية قد تعرضت لهجمات متصاعدة خلال اليومين الماضيين اثر المواجهات بين المسلحين والقوات العراقية، قال هولاوي: «تعرضنا لهجوم واحد خفيف اليوم، وهذا اقل من المعدل الاعتيادي». وأعلن لاحقا فرض حظر التجول في مدن جنوبية هي السماوة والناصرية والكوت والحلة بعد الاشتباكات التي اندلعت في البصرة. وفي الكوت، فوجئ أهالي المدينة منتصف نهار أمس بتجدد الاشتباكات ما بين ميليشيا جيش المهدي وعناصر من الشرطة المحلية والجيش العراقي بعد أن شهدت المدينة وضعا حذرا خلال الأيام الثلاثة الماضية.

وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» انه في تمام الساعة الثانية عشرة اندلعت مواجهات مسلحة وفي اغلب مناطق الكوت، واضاف ان الاشتباكات اندلعت في بادئ الأمر في منطقة الشرقية والتي هي مركز المدينة وفيها أغلب الدوائر الحكومية مثل المحافظة ومديريات الصحة وغيرها، وبعد أن مرت أربع مركبات عسكرية نوع (همر) من شارع الشرقية الذي يقع فيه مكتب الشهيد الصدر، حدثت صدامات انتهت بسيطرة مسلحين من جيش المهدي على الهمرات وأصيب أربعة جنود كانوا بداخلها ولجأ البقية إلى دوائر حكومية كانت على مقربة من موقع المواجهة. وأكد علي العلاق أن «ما نراه الآن هو انتشار كثيف للمسلحين وسيطرتهم على اغلب مداخل ومخارج المدينة، فيما اكتفت العناصر الأمنية بالبقاء في مقراتهم أو الصعود على الأبنية العالية كالفنادق والعمارات، ولم يكن هناك أي نشاط من قبلهم»، وأشار إلى أن هذا الوضع أجبر الناس على مسك بيوتها.

من جهته، قال محافظ واسط لطيف حمد الطرفه لعدد من الصحافيين الذين اتصلوا به هاتفيا، ان «مجاميع مسلحة انتشرت في بعض المناطق واشتبكت مع أفراد الأجهزة الأمنية وان هذه الأجهزة تمكنت من احتواء الموقف وحاليا هناك انتشار واسع لأفرادها تمهيدا لعودة الهدوء لها».

وقال مصدر طبي في المدينة لـ«الشرق الاوسط» إن مستشفى الكوت العام استقبل عددا من المصابين الذين يقترب عددهم من العشرة أشخاص فيما لم يكشف عن أعداد الذين نقلوا لمستشفيات أخرى.