قمة دمشق: الافتتاح سيكون مقتضبا وبدون تسليم وتسلم.. والجلسات مغلقة وغياب لبنان

موسى التقى الأسد وبحث الترتيبات وأكد أن الوضع العربي «مشتت» * غياب نصف القادة.. وحضور للمبادرة اليمنية بشأن الفلسطينيين

صحافية تمر أمام أعلام الدول المشاركة في القمة العربية بدمشق أمس (رويترز)
TT

قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أمس إن جلسة الافتتاح في اجتماع القمة العربية التي ستعقد يوم السبت المقبل في دمشق، ستكون مقتضبة، ومفتوحة، على ان تعقبها جلسات مغلقة. وسيتسلم الرئيس السوري بشار الاسد تلقائياً رئاسة الجلسة، بعد حل مسألة التسليم والتسلم. وأكد موسى بعد لقائه الأسد امس أنه اتفق معه على الترتيبات، مشيرا الى ان الملف اللبناني سيكون حاضرا في القمة انطلاقا من المبادرة العربية سواء شارك لبنان أم لم يشارك، فيما تأكد أمس غياب لبنان عن القمة.

ورفعت دمشق شعار القمة العشرين تحت اسم «العمل العربي المشترك ووحدة القرار العربي». وقد اشارت المعلومات الاولية الى مشاركة ضعيفة في التمثيل، وان 10 دول فقط ستشارك على مستوى القادة، هي: الجزائر والامارات وموريتانيا وليبيا والسودان والسلطة الفلسطينية وقطر وجيبوتي وجزر القمر واليمن، بالاضافة الى سورية، فيما ستمثل 11 دولة أخرى بمستوى أقل.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن الكلمات التي سيلقيها المشاركون في الجلسة الافتتاحية ستكون محدودة العدد، وقصيرة، كما أكدت أن المسائل البروتوكولية الخاصة بتسليم رئاسة القمة للرئيس السوري في جلسة الافتتاح تم حلها بذات الطريقة التي جرت في قمة تونس، حيث لن يتسلم الرئيس الاسد رئاسة القمة من المندوب السعودي، وسيبدأ تلقائيا بتسلم الجلسة وإدارتها. وحسب ترتيبات الجامعة التي أعلنها مسؤولون في الجامعة فإن «الرئيس يجب ان يتسلم من مستوى مماثل، وفي حال تعذر وجود مثل هذا المستوى فانه يتولى الرئاسة مباشرة».

وقال موسى للصحافيين بعد لقاء الاسد أمس ان «كل الدول العربية ستكون ممثلة في القمة» مشيرا الى ان ممثلي القادة مخولون وسيعبرون عن اراء ومواقف الدول التي يمثلونها. وافاد بان اتصالات عربية مكثفة تجري حاليا لتصحيح المواقف وانجاح القمة بما يخدم المصالح العربية. ووصف موسى الوضع العربي القائم بالتشتت قائلا «نحاول لم الشمل العربي». وحول تفعيل بند العلاقات العربية العربية ودوره في معالجة الخلافات اكد موسى وجود عدة صيغ لاخراج هذا البند للنور. وحضر موسى أمس اجتماعات المندوبين الدائمين وكبار المسؤولين، وقال ان «المبادرة اليمنية بشأن المصالحة الفلسطينية وصلت رسميا الى الجامعة وستطرح رسميا للنقاش في اجتماع الوزراء» يوم غد (الخميس)، مشيرا الى ضرورة أن «تدفع الجامعة نحو المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية، وتقييم عملية السلام التي أطلقها الاميركيون في مؤتمر أنابوليس». وتمنى موسى على اللبنانيين حضور اجتماعات القمة قائلا «سنناقش الموضوع اللبناني باستفاضة في اجتماعات مغلقة.. سواء شارك لبنان أم لم يشارك»، لافتا الى انه سيرفع تقريرا إلى القادة العرب عن المبادرة العربية لحل الأزمة السياسية في لبنان والجهود المبذولة لتطبيقها والتطورات في هذا الشأن.

وعن تأثير تأجيل انتخاب رئيس لبنان على المبادرة العربية في لبنان اوضح موسى ان اتصالاته مستمرة مع كل قادة لبنان وحتى بعد انعقاد القمة، واشار الى استمرار الجهود العربية حتى يتم التوصل الى توافق بين الجميع. وتتألف المبادرة العربية للحل في لبنان من ثلاث نقاط هي: انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والاتفاق على قانون انتخابي.

واكد مصدر لبناني مطلع لـ«الشرق الاوسط» غياب لبنان عن قمة دمشق، مشيرا، قبل قليل من اختتام جلسة للحكومة للبت في الأمر، الى ان الحكومة قررت مقاطعة القمة. من جانبه قال السفير محمد شطح مستشار رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أمس لوكالة الصحافة الفرنسية «نريد ان نعبر عبر تغيب لبنان عن القمة عن قلق وطني وعن رفض لبقاء لبنان من دون رئيس رغم مرور اشهر» على شغور منصب الرئاسة.

وسيشارك موسى في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب يوم غد لإعداد المسودة الأساسية لأعمال القمة. واعتبر موسى أن الدور المصري في أزمة لبنان كان يعمل على تهدئة الموقف وتهيئة الأجواء للوصول إلى حل، مستبعداً إمكانية لجوء قوى الأكثرية إلى انتخاب رئيس بالنصف زائدا واحداً.

وقال موسى، بعد لقاء وزير الخارجية وليد المعلم، أمس، ان القمة ستركز على موضوع العلاقات العربية ـ العربية وتنقية الأجواء العربية، وإعطاء زخم للعمل العربي المشترك على كافة المستويات سياسيا واقتصاديا وثقافيا. وقال المستشار عبد العليم الأبيض المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن معظم القرارات التي اعتمدها كبار المسؤولين والمندوبين في اجتماعاتهم ستطرح على الاجتماع الوزاري غدا، مشيرا إلى أن طرح القرارات سيتم بصفة كلية ولن تطرح الموضوعات بشكل فردي، على أن يبدي وزراء الخارجية ملاحظاتهم على القرارات التي يرون أنها تحتاج إلى ذلك، مشيرا إلى أن موسى والمعلم بحثا ـ خلال لقائهما ـ موضوعات لبنان، وفلسطين، والعراق، والتي سترفع للقمة لبحثها في جلسة مغلقة أو جلستين، إضافة إلى تناول مضمون إعلان دمشق الذي سيصدر عن القمة باعتباره رسالتها إلى الرأي العام العربي. وكان لافتا تهرب عمرو موسى من الإجابة على كثير من أسئلة الصحافيين الذين لاحقوه أمس في فندق ايبلا الشام، مكان انعقاد الاجتماعات التحضيرية، حيث رد على سؤال حول توقعاته لنتائج القمة على ضوء التحضيرات الجارية بالقول باللهجة المصرية «ده سؤال مش ولا بد»، وحول سؤال عن البروتوكول الذي ستسلم من خلاله رئاسة القمة لسورية قال أيضا: «السؤال ده مالوش لازمة». وحول أسباب ترحيل ملف الخلافات العربية ـ العربية الى اجتماع وزراء الخارجية قال: «الوزراء سيكونون أقدر على صياغة القرارات بشكل أوضح». وحول السبب الذي يمنع المندوبين الدائمين من الخوض في هذا الملف قال موسى: «إنه ملف شائك».

واختتم الاجتماع التحضيري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي أعماله أمس بعد الانتهاء من مناقشة جميع القرارات والقضايا الاقتصادية التي كانت مدرجة على جدول الأعمال، على أن يتم عرض مشاريع القرارات والمواضيع الاقتصادية التي بحثها الخبراء والمسؤولون الاقتصاديون على المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي سيعقد اليوم بحضور وزراء الاقتصاد والتجارة والمالية العرب. وابرز مشاريع القرارات: مراحل إعداد الإستراتيجية المشتركة للعمل الاقتصادي والاجتماعي العربي، وموضوعا الربط الكهربائي والخطوط البرية بين الدول العربية، والتعاون في مجالات النقل وتحسين جودة الصحة والخطوات التي تم التوصل إليها لتحقيق السوق العربية المشتركة وتوسيع الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة العربية وغيرها من مشاريع القرارات المتعلقة بالزراعة والصناعة والاتصالات والبحث العلمي والتربية والتعليم. وبحسب مصادر في القمة سيتم طرح طلب على اجتماع وزراء الاقتصاد اليوم يتعلق بتجديد مشروع تحقيق الحد الأدنى من الأمن الغذائي العربي للمحاصيل الأساسية، القمح والذرة والزيوت والسكر من خلال توفير الدول العربية لمبلغ عشرين مليار دولار كحد أدنى تسدد على خمس سنوات. وقالت المصادر في الاجتماعات لـ«الشرق الأوسط» انه تم عرض فكرة مشروع إنشاء قمر صناعي عربي لأهداف البحث العلمي ورصد الحياة البيولوجية لمراقبة كوكب الأرض.

ويهدف هذا المشروع إلى مراقبة التغيرات المناخية في الوطن العربي وبخاصة مخاطر الذوبان الجليدي وغرق جزء من السواحل العربية نتيجة التطورات البيئية وتأثيرات التغيرات المناخية، إلا ان عددا من الدول وبالأخص الخليجية لم توافق على هذه الفكرة التي لا تعارضها من حيث المبدأ، وقال رئيس الوفد الاقتصادي القطري لـ«الشرق الأوسط» إن عدم الموافقة كان لأسباب تقنية تتعلق بأن الدراسة المعدة للمشروع فيها ثغرات كثيرة، بين الواقع الفعلي والنظري، وتم طلب تقديم دراسة تقوم بها جهات دولية معتمدة، لذلك تم تأجيل البحث في هذه الفكرة». وبالإضافة الى ذلك عقدت اللجنة التحضيرية المعنية بالإعداد للقمة الاقتصادية العربية المقبلة والتي ستعقد في الكويت العام المقبل اجتماعاً صباح أمس، وناقشت الإجراءات التي تم اتخاذها منذ انعقاد قمة الرياض عام 2007 إضافة إلى المشاريع والبرامج والآليات التي تم بحثها على مستوى المندوبين بالجامعة العربية خلال الفترة الماضية. واللجنة تضم مجموعة من كبار المسؤولين الاقتصاديين والخبراء من الكويت وسورية والسودان ومصر والسعودية، بالإضافة إلى الأمانة العامة للجامعة.