ساركوزي يطالب بـ«أخوة فرنسية ـ بريطانية جديدة» و«مصير مشترك» في أوروبا

رفض الهزيمة في أفغانستان وأكد استعداده لإرسال المزيد من القوات إليها

الرئيس الفرنسي والأمير فيليب، يستعرضان حرس الشرف في قصر وندسور (أ.ب)
TT

قبل أن تحط أقدام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بريطانيا أمس، وصلت دعوته للبريطانيين الى أحياء «اخوة فرنسية ـ بريطانية جديدة» وتأكيده على اهتمامه بـ«المصير المشترك» للبلدين في اوروبا. وجاءت تصريحات ساركوزي في مقابلة بثتها هيئة الاذاعة البريطانية العامة «بي.بي.سي» صباح أمس، أكد فيها على اهتمامه بتطوير التعاون بين البلدين في مجالات الدفاع والاقتصاد والهجرة. وواصل ساركوزي حملته لكسب ثقة البريطانيين في خطاب امام مجلسي النواب واللوردات البريطاني، قائلاً: «علينا التعلم مما أنجزتموه افضل منا وأسرع منا». وبعد اللقاء مع ملكة بريطانية، الملكة اليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب، توجه ساركوزي الى البرلمان البريطاني، حيث القى خطاباً طوله اكثر من 30 دقيقة، عرض خلاله الاسباب التي تدفع لتقارب فرنسي ـ بريطاني، معلناً: «لم تشهد فرنسا وبريطانيا فترة تقارب اكثر مما تشهده حاليا». وبدأ ساركوزي خطابه بدعوة للبريطانيين لعلاقات اقوى، قائلاً: «نحن بحاجة قسوة لبعضنا البعض»، قبل ان يضيف: «علينا كتابة صفحة جديدة من تاريخنا، لأخوة فرنسية ـ بريطانية للقرن الحادي والعشرين». واستعرض ساركوزي الخصال المشتركة للبلدين، من عضوية الاتحاد الاوروبي ومجلس الأمن، الى الارتباط الوثيق بـ«الديمقراطية». وتابع ان هذه العوامل المشتركة تستدعي «الايمان بمصير مشترك في اوروبا».

وفي محاولة لتجاوز الحساسيات السياسية في بريطانيا تجاه المعاهدة الاوروبية التي تقوي الاتحاد الاوروبي، قال ساركوزي: «اعلم ان الموضوع حساس ولكنه مهم»، مضيفاً: «اوروبا بحاجة الى بريطانيا كي تكون اقوى واكثر فعالية، وبريطانيا بحاجة الى اوروبا». ولفت الى انه «لا يمكن التخلي عن الحلف الفرنسي ـ الالماني، لكنه ليس كافياً»، موضحاً ان هناك حاجة لتحالف فرنسي ـ بريطاني، لتلبية مصالح البلدين وتقوية اوروبا. وانتهز ساركوزي، فرصة القائه خطاباً في قصر وستمنتسر التاريخي وامام مجلس البرلمان، وهو أمر نادر في بريطانيا، للترويج لفكرة جيش اوروبي مشترك. وبينما تدعم باريس هذا المقترح تتحفظ عليه بريطانيا خوفاً من تأثيره على حلف الشمال الاطلسي «الناتو» مع الولايات المتحدة وكندا. وقال ساركوزي: «مصلحتنا تتطلب تقوية العلاقات الاوروبية والاطلسية ايضاً، وعلى الرغم من ايماني بالعلاقات التاريخية والضرورية مع الولايات المتحدة، على أوروبا أن تضمن أمنها». من جهة اخرى، أكد ساركوزي استعداد بلاده لارسال المزيد من القوات الفرنسية إلى افغانستان، اذا لبى «الناتو» شروط باريس، في خطوة تزيل بعض الضغوط عن قوات الحلف في افغانستان. وقال: «اقترحت فرنسا على حلفائها في الحلف الأطلسي استراتيجية للسماح للشعب الافغاني وحكومته الشرعية ببناء مستقبل سلام»، من دون أن يوضح حجم هذه التعزيزات. واضاف «في حال القبول بهذه الاقتراحات، ستقترح فرنسا خلال قمة بوخارست تعزيز انتشارها العسكري»، في اشارة الى قمة «الناتو» في رومانيا الاسبوع المقبل.

وشدد ساركوزي على انه «لا يمكننا القبول بعودة حركة طالبان والقاعدة الى كابل. الهزيمة ممنوعة، حتى لو كان النصر عسيرا»، مما جعل اعضاء البرلمان البريطاني يصفقون بحرارة. وفي ما يخص الشرق الأوسط، استعرض ساركوزي سياسة بلاده الخارجية، مطالباً بسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين واستقرار لبنان. وقال: «لا يمكن لنا القبول بدعس الديمقراطية في لبنان، على الجميع فهم ذلك واولهم سورية». وأضاف: «علينا انهاء طموحات ايران النووية، ونرفض ان نكون محصورين بين خياري قنبلة نووية أو قصف ايران». وشدد على ضرورة انهاء القتال في دارفور و«دفع الصين لفتح الحوار مع التبت». وكرر ساركوزي مواقفه المعروفة من حيث الحاجة لاصلاح المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة والبنك الدولي، بالإضافة الى مجموعة الدول الصناعية الثماني، مطالباً بأن تكون «13 دولة أو حتى 14 دولة». وهذه نقاط يتفق براون مع ساركوزي عليها. ووصل ساركوزي مع زوجته كارلا بروني ووالدته اندريه مع وفد رئاسي رفيع المستوى الى بريطانيا، في اول زيارة دولة لرئيس فرنسي منذ 12 سنة. وتصدرت المراسم الرسمية فعاليات اليوم الاول لزيارة ساركوزي التي تنتهي مساء اليوم، حيث اقامت ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث الثانية غداءً خاصاً لساركوزي ظهر أمس، وحفلة عشاء رسمية مساء امس. وبعد وضع إكليل من الورد عند نصب الجندي المجهول امس، القى ساركوزي خطاباً في البرلمان البريطاني أكد فيه على اهمية العلاقات بين البلدين. وبعد الانتهاء من الجانب التشريفي لزيارة الدولة امس، يستعد ساركوزي اليوم للقمة الفرنسية ـ البريطانية التي تجمعه برئيس الوزراء غوردون براون. وقال مصدر في وزارة الخارجية البريطانية أمس، انه لم يتم الكشف عن المحادثات بين القائدين الى بعد الانتهاء من محادثاتهما في «ملعب الامارات» لفريق «ارسنال» لكرة القدم. واضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» انه من المتوقع اصدار «بيان ختامي» عصر اليوم يؤكد التقارب بين البلدين وعزمهما على التعاون في مجالات مختلفة. ومن ابرز الملفات التي ستناقش بين البلدين ملف الطاقة النووية التي تعتبر فرنسا من الدول الريادية فيه والتي تريد بريطانيا ان تطوره. وقال ساركوزي امس: «الطاقة النووية هي طاقة المستقبل». ومن المرتقب ان يتفق الجانبان على التعاون لمواجهة الهجرة غير الشرعية ومواجهة التقلبات في الاسواق العالمية، بالاضافة الى القضايا الخارجية التي تهم البلدين.