تساؤلات في واشنطن حول توقيت تحرك المالكي ضد «جيش المهدي»

حلفاء لإدارة بوش شككوا في صواب قرارها دعم العملية

TT

مع انجرار القوات الأميركية أكثر فأكثر إلى القتال المتجدد، راحت إمكانية تعمق الفوضى في العراق تثير أسئلة متزايدة حول ما إذا كانت إدارة الرئيس جورج بوش صائبة في دعم هجوم الحكومة العراقية ضد الميليشيات الشيعية.

الرئيس بوش قال أول من أمس، إن الهجوم إجابة لأولئك المنتقدين الذين اتهموا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحكومته، التي تحتل الأحزاب الشيعية الأكثرية فيها بـ«الانحياز». وأضاف «أستطيع القول إنها لحظة حاسمة في تاريخ العراق الحر. فقرار تحريك الوحدات العراقية إلى البصرة يكشف الكثير عن زعامة رئيس الوزراء المالكي».

لكن بعض حلفاء الإدارة الأميركية بدأوا يثيرون تساؤلات حول توقيت وصواب الهجوم الذي قابلته مقاومة عنيفة منذ إطلاقه يوم الثلاثاء الماضي في مدينة البصرة الجنوبية. ومنذ ذلك الوقت انتشر القتال ضد الميليشيات الشيعية عبر كل مدن جنوب العراق وداخل بغداد. ودعت القوات العراقية الطائرات الأميركية لتوفير حماية لمجموعات من الجنود المسلحين تسليحا جيدا في البصرة، إضافة إلى الهجوم الذي قامت به طائرة تابعة للقوة البحرية الأميركية على موقع يطلق قذائف الهاون.

ومن خلال تشخيص الصعوبات التي ستظهر مستقبلا، يُتوقع أن تشارك أطراف أميركية أخرى في القتال، بما فيها قوات العمليات الخاصة وطائرات التجسس. وفي البنتاغون عبر عدد من الضباط عن قلقهم من سرعة تفشي العنف إلى مناطق بقيت القوات الأميركية فيها لأكثر من عام، وعملت في داخلها كثيرا لفرض النظام، خصوصا المناطق الشيعية في بغداد.

ويأتي اندلاع القتال قبل أسبوعين من تقديم الجنرال ديفيد بترايوس شهادته أمام الكونغرس، بما يخص خططه المتعلقة بالعراق. وعرض بترايوس عند تقديم شهادته السابقة خطوطا بيانية لإظهار المعارك التي وقعت في السنة الماضية داخل العراق، ثم أوضح على تلك الصور كيف أنها انخفضت بعد وصول 28 ألفا من الجنود الأميركيين الإضافيين إلى العراق.

ومن المنتظر أن تغادر هذه القوات العراق قبل نهاية يوليو (تموز)، بينما يتوقع أن يقدم بترايوس توصية حول ما إذا كان يمكن لهذه القوات أن تعود إلى الولايات المتحدة.

ومع انتشار العنف الاسبوع الماضي اهتز الهدوء الذي شهدته بغداد في الفترة السابقة، بتلك الصور التي تذكر بالمعارك الطائفية، التي وقعت قبل إرسال الوحدات الإضافية: تكرار قصف المنطقة الخضراء المحصنة مع مظاهرات يقوم بها الشيعة، وبروز نقاط تفتيش في مدينة الصدر الفقيرة يديرها رجال من ميليشيا المهدي المناصرين لمقتدى الصدر، وهؤلاء يقولون إنهم استهدفوا بشكل غير عادل في الهجوم.

من جانبه قال بوش لدى استقباله كيفن رود رئيس الوزراء الأسترالي في البيت الأبيض: «أنا لست متأكدا ماذا أملى رد فعل رئيس الوزراء المالكي». وأضاف بوش أن الهجوم أظهر قدرة القوات المسلحة العراقية الجدية والتصميم القوي لقادة البلد، خصوصا المالكي الذي سافر إلى البصرة شخصيا للإشراف على الهجوم، وهو سيواجه خسارة سياسية فادحة إذا لم تنجح المهمة، إذ منذ الآن راح يواجه نداءات بالاستقالة. وقال بوش: «هذه لحظة اختبار للحكومة العراقية. وهي لحظة شيقة للشعب العراقي، لأنه يمتلك ثقة بقدرة الحكومة لحمايته ولأنها نزيهة». لكن الجنرال المتقاعد جاك كين مهندس التحشيد الإضافي، الذي جرى العام الماضي أشار إلى أن تصرف المالكي كان بدافع عدائي للصدر أكثر منه لخدمة مصلحة العراق. وقال كين عن المالكي في مقابلة مع محطة إن بي آر: «هو شخص مزاجي جدا. أظن أن هذا ما حدث هنا. وأظن أنه بعيد جدا عن الوقائع العسكرية على الأرض».

أما غاري شميت المحلل العسكري في معهد أميركان انتربرايس، الذي كان مؤيدا مبكرا للتحشيد العسكري الأخير فقال: «تكتيكيا قد لا تكون هذه اللحظة ملائمة أو ربما لم تستعد القوات لها بشكل مناسب. لكنني أظن أن القتال كان متوقعا. فمع اقتراب الانتخابات المحلية في العراق أصبح وقوعه ضرورة».

ويمكن للعملية أن تؤثر على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، إذ سيكون استمرار العنف في العراق معرقلا للسيناتور جون ماكين، الذي كان مناصرا مبكرا لضرورة زيادة القوات الأميركية في العراق، كي يشن حملته الانتخابية على اساس نجاح هذه الاستراتيجية. كذلك فإن هذا الوضع سيحبط آمال الرئيس بوش بمغادرة مكتبه وهو يشاهد ظهور العراق أخيرا سائرا على طريق الاستقرار. ولمنع وقوع تدهور سريع اقترح كين إرسال وحدات أميركية إلى الجنوب لمساعدة العراقيين الذين استرجعوا السيطرة على محافظة البصرة قبل ثلاثة أشهر من القوات البريطانية، بعد انسحابها من المنطقة بسرعة السنة الماضية. وقال كين: «على المدى القصير أراد العراقيون أن يقوموا بهذه المهمة بأنفسهم وأستطيع أن أفهم لماذا سمح قادتنا العسكريون لهم بأن يمضوا في المهمة من أجل إعطائهم فرصة. قد نجد أنفسنا مضطرين لتزويدهم بوحدات برية، على الرغم من أننا سنقوم بذلك من دون حماس، لأن جهودنا الحالية هي لإنهاء القاعدة في الشمال مرة واحدة وإلى الأبد». أما برايان ويتمان الناطق باسم البنتاغون فقال، إن أي قرار لإرسال وحدات أميركية إلى جنوب العراق سيتخذه القادة العسكريون.

لكن مع المصاعب التي تواجه القادة العسكريين الأميركيين لإعادة الزيادة الأخيرة في عدد القوات إلى الولايات المتحدة، يقول مسؤولون آخرون من البنتاغون إنه من غير المحتمل ارسال جنود أميركيين إلى جنوب العراق.

*خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»