الصراع الشيعي ـ الشيعي يقوض آمال الداعين لتقسيم العراق إلى 3 أقاليم متجانسة

صدريون لـ«الشرق الأوسط» : ما يجري في البصرة حرب إبادة

TT

قضى احتدام القتال العنيف الدائر حاليا منذ يوم الثلاثاء الماضي في محافظة البصرة بين الطرفين الشيعيين، الذي تمثل الأول بالقوات الحكومية التي يقودها رئيس الحكومة نوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة والثاني ممثلا بـ«جيش المهدي» التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، على آمال الداعين إلى تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم متجانسة شيعي في الجنوب وسني في الوسط وكردي في الشمال. وأكد سياسيون وبرلمانيون وأكاديميون لـ«الشرق الأوسط» أن العنف الذي يمزق البصرة ناجم عن سوء الاستغلال المنظم للمؤسسات الرسمية وتوسع دائرة الاغتيالات وتفشي الثأر العشائري وفرض أعراف اجتماعية غربية ومتطرفة إلى جانب بروز جماعات المافيا الإجرامية، مما أدى إلى عزل جهاز الدولة الرسمي وإخفاقه في قيام مؤسسات قوية واختفاء مظاهر التمسك الوطني.

وقال حارث العذاري مسؤول التيار الصدري في البصرة، إن دخول المالكي وقواته إلى البصرة قد عقد الوضع الأمني بالمحافظة وازداد سوءا، وان فترات الهدوء التي تشهدها بعض المناطق ناجم عن توقف القوات الحكومية من مهاجمة عناصر التيار. وأضاف أن دعوة المالكي الى تسليم أسلحة التيار الصدري هي دعوة غير ممكنة لكون الأسلحة التي في حوزة التيار هي لمقاومة الاحتلال الأجنبي للعراق، مشددا على أمكانية إخفاق الحكومة في إغفال مظاهر التسلح، وهذا ما كان معمولا به قبل العمليات العسكرية الأخيرة التي تأتي للدفاع عن النفس، معتبرا أن دخول حكومة المالكي بكل ثقلها العسكري هو لتحقيق أهداف سياسية معروفة.

ووصف النائب البرلماني فلاح حسن شنشل القوات العراقية «المشاركة في قتل أبناء التيار الصدري» في البصرة بـ«الغاشمة»، وقال «إنها حرب إبادة». وأضاف أن حكومة المالكي فاشلة ومهترئة ويسودها الفساد الإداري وتتعامل بتطبيق القوانين بازدواجية وبمعايير انتقائية. وأوضح عدد من أساتذة جامعة البصرة طلبوا عدم ذكر أسمائهم لـ«الشرق الأوسط»، أن القتال الجاري بين فصيلين شيعيين بالبصرة التي تعد ثاني اكبر مدن العراق ليس له صلة بالطائفية أو بمقاومة الاحتلال، وإنما يدلل على عدم قدرة الدولة على إقامة سلطة إقليمية قادرة على فرض احترام حكم القانون وإعادة توزيع مصادر الثروة ويضمن انتقالا سلميا في السلطة على المستوى المحلي. وأشاروا إلى أن عدم قدرة الحكومات التي أعقبت سقوط النظام السابق على تغيير مشاعر أهالي المدينة أصابهم بالإحباط والتهميش والإهمال والذي لا زال سائدا بينهم منذ عقود طويلة يعد خطأ جسيما.

وأوضح مراقبون أن نجاح جيش المهدي على إجبار القوات البريطانية على الانسحاب والتقوقع خارج المدينة، منح التيار المزيد من القوة واستقطاب قطاعات واسعة من الشباب العاطلين والمتطلعين إلى الخلاص من وضعهم البائس، مما جعل المدينة تحت سيطرتهم. وأكدوا أن إعادة بناء الدولة ومعالجة موضوع الميليشيات وفرض حكم القانون لا يمكن أن يحصل من دون التفاف الأطراف التي تسيطر حاليا على العملية السياسية وصياغة عقد سياسي جديد أكثر شمولا بعد إخفاق السلطة في قيادة الدولة والمجتمع، مما جعل العنف بأنواعه الطائفي والإجرامي والسياسي والمقاوم للاحتلال ممكنا وضروريا للكثيرين.

ويرى نبيل عبد الخالق عضو التيار الديمقراطي المستقل، أن إشادة الرئيس الأميركي بوش بقيادة المالكي للعمليات القتالية بالبصرة ووصفه هذه المعركة باللحظة الحاسمة في تاريخ العراق الحر، يؤكد على نجاح الخطة الأميركية في إيقاد فتيل الحرب الأهلية بين تيارات الطائفة الواحدة بعد فشلها في خلق النزاع الطائفي الشيعي السني، وبالتالي إضعاف النفوذ الإيراني المتنامي بجنوب العراق.