رئيسة البرلمان الباكستاني لـ : الإرهاب تحوّل إلى مشكلة أساسية بسبب الديكتاتورية

فهميدة ميرزا تؤكد أن الائتلاف الفائز في الانتخابات سيحاول تجنب المواجهة مع مشرف

TT

نفت رئيسة مجلس النواب الباكستاني الجديدة الدكتورة فهميدة ميرزا التي تنتمي الى حزب الشعب الباكستاني، احتمال مواجهة فورية مع الرئيس برفيز مشرف. وقالت في مقابلة خاصة مع «الشرق الاوسط» ان البرلمان «سيحاول أن يتجنب أي نوع من المواجهة مع الرئيس»، الا انها اشارت الى ان تجنب المواجهة هو ايضا مسؤولية الرئيس مثلما هي مسؤولية البرلمان الجديد.

وفي المقابلة الخاصة التي جرت في مكتبها في مبنى البرلمان الواقع في قلب العاصمة الباكستانية اسلام اباد، أكدت ميرزا ان البرلمان سيطرح للحوار قضية السياسة التي تعتمدها السلطة في الحرب على الارهاب، وأشارت الى ان الديكتاتورية تغذي الارهاب، وهذا هو سبب تفشي الارهاب في باكستان. وكانت الدكتورة فهميدة متحفظة في ادعاء انها اول رئيسة برلمان في تاريخ باكستان، وحرصت على امتداح رئيسة الوزراء السابقة التي اغتيلت بي نظير بوتو، علما انها تنتمي الى حزبها. وذكرت بأن بوتو هي التي حققت انجازا بوصولها الى منصب رئاسة الوزراء، أرفع منصب تتبوأه امرأة في العالم الاسلامي. ميرزا تنتمي الى اسرة سياسية نافذة في اقليم السند، ثاني اكبر اقليم في البلاد. وزوجها، ذو الفقار ميرزا، وشقيقها، قاضي اسد عبيد، من اعضاء البرلمان السابقين. ويدير اخوها صحيفة ذات نفوذ واسع تصدر باللغة السندية. في المقابلة التي خصت بها «الشرق الاوسط»، تحدثت ميرزا عن أهداف البرلمان الجديد وعن أهمية وصول اول امرأة في بلد اسلامي الى رئاسة البرلمان. وهنا النص الكامل للحديث:

> انت اول رئيسة برلمان في تاريخ البلاد، هل تعتقدين ان انتخابك لهذا المنصب يعني انه سيكون للنساء الباكستانيات دورا حاسما في سياسات البلاد؟

ـ اولا أود أن أذكر انني قبل أن اصبح رئيسة للجمعية الوطنية (البرلمان) كان هناك حدث بارز في تاريخ باكستان هو وصول بي نظير بوتو الى منصب رئاسة الوزراء، وكان اعلى منصب تصل اليه امرأة في تاريخ العالم الإسلامي. وبي نظير أدخلت الكثير من الإصلاحات التي تصب في مصلحة النساء على النظام السياسي، وفي عهدها تقلدت النساء مناصب مهمة في الدولة وداخل حزب الشعب الباكستاني. وشاركت النساء ايضا في عملية صياغة السياسات من مراكزهن. وجرى تعيين سفيرات نساء وقاضيات، كما أسست بي نظير لأول مرة، وزارة لتنمية المرأة في باكستان. وتجليات سياسات بي نظير المؤيدة للمرأة، تظهر بوضوح من خلال ترشيح حزب الشعب لشخصي لترأس الجمعية الوطنية. > ماذا يعني انتخابك لهذا المنصب بالنسبة الى المجتمع الباكستاني؟ ـ الآن بات واقعا سياسيا في باكستان ان تصل النساء إلى هذا الموقع ليصبحن رئيسات للجمعية الوطنية. سنناقش قضايا نسائية في البرلمان، وستؤثر مناقشاتنا حول صناعة السياسات على المجتمع بكامله. وسيضمن هذا الامر ان تلقى المرأة في المجتمع الباكستاني معاملة قائمة انطلاقا من مبدأ المساواة، وستعتبر حقوق النساء جزءا من حقوق الإنسان. هذا ما يقوله ديننا وما ينص عليه دستورنا. > ما هو الدور الذي سيلعبه البرلمان الباكستاني في ظل قيادتكم في مواجهة التهديد الذي يشكله التطرف الديني؟ ـ برز التطرف كتحد كبير أمام مجتمعنا وأمام البرلمان ايضا. القضايا المهمة حتى الآن يتم التعامل معها خارج البرلمان، إلا ان هذه القضايا المهمة، بما في ذلك الإرهاب، ستخضع للنقاش داخل أروقة البرلمان بهدف التوصل إلى حل بشأنها. ومشاركة الناس في هذا الجدل ستضمن التوصل إلى حلول جديدة وخلاقة بغرض معالجة القضايا التي لها علاقة بالإرهاب. > ثمة مخاوف بان العلاقة بين البرلمان الجديد والرئيس لن تكون جيدة وهناك احتمال ان يصطدم الطرفان. هل هذه المخاوف صحيحة في اعتقادك؟

ـ ثمة سوابق في تاريخنا جرى خلالها أعمال لعرقلة العملية الديمقراطية وحل البرلمان. لذا، فإن هذا الخوف موجود في أذهان الناس. ولكن في دستورنا ثمة حدود واضحة لسلطات المؤسسات. هناك ايضا تعريف واضح للسلطة الدستورية لكل مؤسسة. إذا راعت كل مؤسسة ما هو مكتوب في الدستور والقانون لن تكون هناك فرص أو احتمالات مواجهة. > ولكن الوضع السياسي الراهن يشير إلى احتمال حدوث مواجهات بين الرئيس والبرلمان خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة ان واحدا من أحزاب الائتلاف، وأقصد الرابطة الإسلامية (جماعة نواز شريف)، يطالب بشدة باستقالة الرئيس مشرف. ما هي سياستكم، هل ستحاولون تفادي المواجهة مع الرئيس؟ ـ في هذه المرحلة ليس لدينا أي نية لانتهاج طريق المواجهة. ولكن دعني أقول لك ان تحاشي المواجهة ليس مسؤولية البرلمان وحده وإنما مسؤولية المؤسسات الأخرى أيضا. > ماذا سيحدث حين سيطرح موضوع اعادة القضاة الذين أقالهم الرئيس مشرف إلى مناصبهم، للنقاش في البرلمان. من الواضح ان القضية ستؤدي الى المواجهة؟

ـ بما يخص إعادة القضاة إلى وظائفهم، فان دوري سيقتصر على تسهيل الامور. وعندما يقدم مشروع إعادة القضاة الى مناصبهم على البرلمان، سأقوم بتسهيل هذا القرار. سنجري نقاشا حول الموضوع في البرلمان، لكننا في الوقت نفسه سنحاول تجنب المواجهة. > ذكر مؤخرا بعض قادة الائتلاف الحاكم الذي ينتمي حزب الشعب اليه، أن موضوع الحرب ضد الإرهاب سيطرح على البرلمان للمراجعة. إلى أي حد سيكون للبرلمان دورا فعالا في مراجعة السياسة الخارجية للبلاد؟

ـ لهذا البرلمان تفويض وتأييد واضح من الشعب الباكستاني. ويتوقع الشعب الكثير منه. لذلك أستطيع القول بثقة إنه بغض النظر عن القرارات التي يتخذها هذا البرلمان، فإننا في موضع يسمح لنا بتنفيذ تلك القرارات. أنا متأكدة أن هذا البرلمان سيصنع تاريخا. الديكتاتورية تغذي الإرهاب، ومثلما نرى اليوم فأن الإرهاب أصبح مشكلة أساسية في مجتمعنا وهذا يعود إلى الديكتاتورية.

> إذا نظرنا إلى تاريخ باكستان نجد أن البرلمان لم يلعب دورا مهما في عملية اتخاذا القرارات. ما الذي يجعلك تظنين أنه في هذه المرة سيكون أداء البرلمان أفضل؟

ـ صحيح أن عمل البرلمانات السابقة كان للتوقيع على ما تم وضعه من سياسات. فالانتخابات كانت موضع تزوير وكان البرلمان مكون من نواب اختارهم من في السلطة. كتب الرئيس مشرف في كتابه «على خط النار» أنه أسس حزبا للملك (إشارة للتنظيم المؤيد لمشرف: الرابطة الإسلامية)، وتحدث عن كيف أن أعضاءه جلبوا إلى البرلمان. وعلى العكس من الممارسة السابقة فإن هذا البرلمان يمثل الشعب الباكستاني ويتمتع بدعم الشعب. بالتأكيد سيكون أداء هذا البرلمان أفضل في التركيز على القضايا التي تعني الشعب.

> أي دور سيلعبه البرلمان الجديد في تحسين مكانة المرأة في المجتمع الباكستاني؟

ـ أنا سأبذل جهودا كبيرة لجلب القضايا المتعلقة بالنساء إلى البرلمان لمناقشتها. ونحن سنقوم بأفضل ما يمكن لتحسين القوانين المتعلقة بمكانة المرأة في المجتمع الباكستاني. يجب أن تلعب النساء دورا أكثر تمثيلا في البرلمان وأنا سأوصي الحكومة لضم النساء في الوزارات والدوائر الحكومية الأخرى. لذلك فإنه حين تجري مناقشة القضايا المتعلقة بالنساء في البرلمان سيتم وضع قوانين جديدة للنساء وهي بالتأكيد ستؤثر على مكانة المرأة في المجتمع الباكستاني.

> هل تظنين أن البرلمان الجديد قادر على إعطاء المجتمع الباكستاني توجها في هذا الوقت المليء بالتحديات؟

ـ أنا متأكدة من نجاح البرلمان في إعطاء توجه للمجتمع الباكستاني. ومثلما قلت سابقا، طالما يتمتع هذا البرلمان بتأييد الشعب الباكستاني فإن أي نقاش يجري في البرلمان وأي تشريعات تتم الموافقة عليها، سيكون لها بالتأكيد تأثير على المجتمع ككل.