هدوء نسبي في بغداد واستمرار حظر التجول في أجزاء منها.. وعودة الحياة إلى البصرة

السلطات تتعهد بتطهير البصرة من «المجرمين».. وتعلن مقتل وإصابة أكثر من 800 شخص

عراقية تمر ببائع متجول في مدينة الصدر ببغداد، أمس، في أعقاب الهدوء النسبي الذي ساد إثر توقف الاشتباكات بين ميليشيا جيش المهدي وقوات الأمن العراقية (أ.ف.ب)
TT

عادت الحياة الى مدينة البصرة وأجزاء من العاصمة العراقية، امس، فيما استمرت الاشتباكات في عدد من أحياء العاصمة، بعد يوم من دعوة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنصاره للكف عن مقاتلة قوات الحكومة والابتعاد عن الشوارع. ومن جهتها، تعهدت الحكومة باستمرار العمليات الامنية في البصرة لـ«تطهيرها من المجرمين»، كما اعلنت عن مقتل وإصابة اكثر من 800 شخص في البصرة خلال الايام الماضية.

وقال مدير العمليات في وزارة الدفاع العراقية، أمس، إن تعزيزات عسكرية جديدة وصلت الى مدينة البصرة للمشاركة في عمليات لتطهيرها من «المجرمين والمطلوبين ومن حملة السلاح». وقال اللواء الركن عبد العزيز محمد في مؤتمر صحافي في بغداد، ان القوات المسلحة العراقية ستبدأ «اعتبارا من اليوم (أمس) تطهير جملة من المناطق (في البصرة) من المجرمين والمطلوبين للقانون ومن حملة السلاح». وأضاف «اليوم (أمس) تكاملت جميع التعزيزات للعمليات في البصرة وسنبدأ بعمليات التطهير والتفتيش... وان العمليات في البصرة لن تنتهي حتى يستقر الوضع ويكون آمنا»، حسبما اوردته وكالة رويترز.

وقال رئيس الوزراء العراقي، أمس، إن «الجماعات المسلحة التي سترفض الاستجابة للبيان والانسحاب وترفض الاستجابة للعفو الذي قدمناه.. ستبقى بالنسبة لنا أهدافا وخصوصا اولئك الذين سيبقون يحتفظون بأسلحة ثقيلة». وأضاف ان العمليات العسكرية في البصرة ستستمر «لملاحقة كل المجرمين لإيقاف كل النشاط الارهابي والاجرامي ونشاط العصابات المنظمة التي تستهدف المواطنين».

من جهته، اعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف مقتل 215 شخصا على الاقل خلال الاشتباكات التي وقعت في البصرة في الايام الستة الماضية.

وقال اللواء خلف ان الموجهات العسكرية في البصرة منذ 25 الشهر الماضي ادت الى «مقتل 215 شخصا وإصابة 600 آخرين بالاضافة الى اعتقال 155».

الى ذلك، قال عدد من سكان بغداد لـ«الشرق الاوسط» إن الاوضاع شبه طبيعية مع الحذر من التجول بين الاحياء وبين قاطعي الكرخ والرصافة، فيما استمر حظر التجول في مناطق الكاظمية ومدينة الصدر والشعلة لتواصل قصفها من قبل الطائرات الاميركية، حسب شهود عيان في تلك المناطق. وسمع دوي انفجارات متفرقة في أحياء بغداد لم تعرف مصادرها، وقال عدي (ابو سيف) من اهالي مدينة الصدر، ان الاوضاع مازالت متوترة في مدينته وهو لا يستطيع الذهاب الى محل عمله القريب من البيت. واشار الى ان الطائرات الاميركية مازالت تقصف المنطقة بدعوى وجود مسلحين متمردين فيها. مشيرا الى عناصر جيش المهدي قد امتثلوا لأوامر السيد مقتدى الصدر، موضحا ان العمليات على ما يبدو مستمرة.

فيما أكدت مصادر عراقية مطلعة، أن العاصمة بغداد قد شهدت عدة اعتقالات في مدن الشعلة والصدر والمنصور. وبالرغم من ان الغالبية العظمى من السكان فضلوا البقاء في مساكنهم لحين جلاء الامور، حيث مازالت أعمال مسلحة متقطعة تجري هنا وهناك في بغداد، وبصورة خاصة مناطق حي الشعلة والصدر والوشاش وحي العامل وبغداد الجديدة، ذات الاغلبية الشيعية، وقال شهود عيان ان مقر منظمة بدر، الجناح العسكري للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي والمنافس للتيار الصدري، في الاسكان غرب بغداد، تعرض الى وابل من اطلاقات نار من سطوح وشوارع فرعية لم يؤد الى سقوط خسائر بشرية في الوقت الذي ألقيت فيه قنابل يدوية على مقرين لحزب الدعوة، الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شرق بغداد، حسب افادات شهود العيان.

من جانب آخر، تفاقمت معاناة العراقيين من اهالي الضحايا في احياء الصدر والشعلة وعدد من مناطق بغداد، حيث منعو من التوجه بالجنائز الى مدينة النجف لغرض دفنها وأعيدت الى حدائق المستشفيات وهي بأعداد كبيرة. ويقول عدد منهم ان مسؤولين من مكتب الشهيد الصدر، الذي يتولى ادارة جيش المهدي، حاولوا الحصول على أذونات خاصة لهذا الغرض، وقال عدد من اهالي الضحايا في اتصالات هاتفية مع «الشرق الاوسط» ان معاناتهم كبيرة وهي عدم الحصول على اذن للذهاب بجثث أولادهم الى المقبرة لدفنهم. وأشار عدد منهم الى ان الاوضاع الانسانية في مناطقهم تهدد بكارثة انسانية ما لم يرفع الحظر عنها وتكف القوات الاميركية عن ضربها بالطائرات.

من ناحية ثانية، قالت الشرطة العراقية ان المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد التي تحوي مقار الحكومة والسفارة الاميركية، تعرضت لهجوم بقذائف المورتر.

وقال شهود من وكالة رويترز، ان صفارات الانذار دوت في المنطقة الخضراء التي تحميها القوات الاميركية في قلب بغداد. وطالب شريط مسجل الناس بالاحتماء وسط أصوات الانفجارات.

وغلفت عاصفة من التراب المنطقة مما حال دون معرفة مكان سقوط الصواريخ، لكن الشرطة قالت ان ما لا يقل عن ست قذائف مورتر سقطت على المنطقة الخضراء. ولم يكن لدى الشرطة اي تفاصيل عن الخسائر في الارواح.

وأمرت السفارة الاميركية في المنطقة الخضراء موظفيها بالبقاء في المخابئ كلما امكن وارتداء خوذات ودروع واقية في حالة الخروج. وأعلن الميجر مارك تشيدل المتحدث باسم الجيش الاميركي، وقوع اشتباكات في عدد من أحياء العاصمة العراقية في ساعة مبكرة من صباح أمس.

وفي البصرة، بدأت المتاجر تفتح أبوابها وكان ذلك بالنسبة للبعض المرة الاولى خلال ما يقرب من أسبوع. وأعلنت غرفة العمليات العسكرية في البصرة أنه من المقرر ان تستأنف الدراسة في المدارس اليوم. كما شهدت مدن اخرى، التي اندلعت فيها اشتباكات في الايام الماضية مثل الكوت والناصرية، هدوءا نسبيا أمس.