رايس لم تكتف بالتسهيلات الإسرائيلية وطلبت حرية التنقل للفلسطينيين من جنين إلى الخليل

الإسرائيليون اعتبروا تحقيق مطالبها أمراً مستحيلاً

TT

كشفت مصادر اسرائيلية ان وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس التي امتدحت التسهيلات التي عرضها وزير الدفاع الإسرائيلي لحياة الفلسطينيين، أبلغت أيهود باراك ورئيس الوزراء ايهود أولمرت ان هذه التسهيلات لا تكفي ولا تتلاءم مع الأجواء المناسبة لزيارة الرئيس جورج بوش، للمشاركة في احتفالات اسرائيل بمرور 60 عاماً على تأسيسها. وعرضت رايس على القادة الاسرائيليين ثلاثة مطالب محددة، تريد أن تنفذها اسرائيل حتى منتصف الشهر المقبل، عشية قدوم بوش، وهي:

أولا ـ تخصيص طريق واحد أو اثنين لضمان حرية التنقل للمواطنين الفلسطينيين من شمال الضفة الغربية (منطقة جنين) وحتى جنوبها (منطقة الخليل)، من دون العبور على حاجز عسكري اسرائيلي.

ثانيا ـ إرسال 12 ألف شرطي فلسطيني إلى الأردن، وذلك للتدرب على حفظ النظام وسيادة القانون في أراضي السلطة الفلسطينية. ثالثا ـ السماح للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية بدخول قطاع غزة للزيارة والأعمال. وقالت رايس، حسب تلك المصادر، ان مفاوضات السلام حول التسوية الدائمة، الجارية بين الفلسطينيين والاسرائيليين تحتاج الى عدة خطوات درامية على الأرض تؤدي الى احداث تغيير ملموس في حياة الفلسطينيين والامتناع عن القيام بخطوات كهذه، من شأنها أن تحبط المواطنين الفلسطينيين وتقوي التيارات المتطرفة. وأجرت رايس نقاشات ماراثونية مع المسؤولين الاسرائيليين حول هذه الطلبات اول من امس وعادت الى اسرائيل بعد زيارة الى عمان أمس، خصيصا لكي تواصل بحث هذه الطلبات. ورد الاسرائيليون على طلبات رايس بالقول إن من المستحيل الموافقة عليها في هذه الظروف. وادَّعوا ان فتح الطرق من جنين الى الخليل من دون حواجز اسرائيلية، «يعني ان تعطى تنظيمات الارهاب الفلسطينية حرية التنقل وحرية نقل المواد التفجيرية، واتساع حلقة التسلل الى اسرائيل وتنفيذ عمليات ارهابية فيها، وتأليب الجمهور ضد الحكومة، وبالتالي فإن ذلك ينعكس بشكل سلبي على عملية السلام». كما رفض الاسرائيليون زيادة عدد رجال الشرطة المدربين في الأردن الى 12 ألفا، وقالوا ان السلطة الفلسطينية لا تحتاج الى عدد كبير كهذا، وان هؤلاء قد يتحولون الى مقاتلين ضد اسرائيل في مرحلة معينة. ورفضوا السماح بدخول فلسطينيي الضفة الى غزة، لأن ذلك سيتيح تعزيز قوة حماس وعلاقاتها بالضفة الغربية، تمهيداً لسيطرتها عليها كما تسيطر حاليا على قطاع غزة.

وكان الاسرائيليون قد عرضوا على رايس سلسلة اجراءات اعتبروها «خارقة»، مثل السماح للفلسطينيين ببناء مدينة جديدة شمال رام الله، وازالة حاجز عسكري واحد و47 حاجزاً ترابياً وإزالة 5 بؤر استيطانية خلال أسبوع وإرسال 600 شرطي الى الأردن للتدرب على فرض سلطة القانون واصدار 5000 تصريح عمل لعمال من الضفة في اسرائيل و1500 تصريح لأصحاب عمل و150 تصريحا للشخصيات القيادية. وامتدحت رايس هذه الخطوات، لكنها أكدت انها غير كافية.

وفي يوم أمس، قبل أن تغادر رايس البلاد باتجاه بلغاريا، حيث ستنضم الى الرئيس بوش في مؤتمر قمة حلف شمالي الأطلسي، صرح رئيس الوزراء، أولمرت، بأن حكومته تدير مفاوضات سلام مع السلطة الفلسطينية بشكل مكيف وبوتيرة لم يسبق لها مثيل. وأضاف في لقاء له مع أعضاء كتلة حزبه البرلمانية (كاديما) أن «هناك وسائل اعلام تبالغ في وصف التقدم في المفاوضات وتظهر الأمر وكأنه لم يبق لنا سوى يومين لانهائها، ولكن الحقيقة انها مفاوضات مضنية وستستغرق أشهراً طويلة جدا. وأنا آمل أن نحقق تقدما كبيرا فيها حتى نهاية السنة».

وقال أولمرت إن اسرائيل تأخذ في حساباتها بالمفاوضات عدة أمور اساسية في صلبها الأمن الاسرائيلي. ولكن الفلسطينيين ما زالوا يستصعبون فهم احتياجاتنا الأمنية. وعاد ليؤكد ان حكومته على خلاف مع الادارة الأميركية والفلسطينيين فيما يتعلق بالبناء الاستيطاني. وأكد ان رايس تحثه على تجميد كل بناء استيطاني، لكنه لا يستطيع التجاوب معها. واضاف: «نحن قررنا ألا نبني اية مستوطنة، ووفينا بوعودنا. ووعدنا بإزالة البؤر الاستيطانية، وسنزيلها في القريب. ولكننا لم نعد ولا يمكن أن نعد بوقف البناء في الأماكن التي نعرف بوضوح أنها ستبقى في تخوم اسرائيل بعد الاتفاق على تسوية دائمة، خصوصا في مدينة القدس الكبرى». واعتبر حزب «شاس» هذا التصريح بمثابة تجاوب مع شرطه للبقاء في الحكومة. وبناء عليه، توجه قائد حزب «شاس»، وزير التجارة والصناعة، ايلي يشاي، الى حزب اليهود الغربيين الاشكناز «يهدوت هتوراة»، داعيا اياه الى الغاء اقتراحه نزع الثقة بالحكومة ومطالبا باستئناف المفاوضات للانضمام الى الحكومة وتقويتها.

من جانب آخر، اقر البرلمان الاسرائيلي في قراءة اولى وثانية امس قرارا للجنة البرلمانية للشؤون الخارجية والدفاع يقضي بخفض مدة استدعاء الاحتياطيين في الجيش الاسرائيلي.

وأوضح مصدر برلماني ان القرار الذي يجب ايضا اعتماده في قراءة ثالثة واخيرة في الايام المقبلة، ينص على ان لا يستدعى الاحتياطيون في الجيش لخدمة العلم اكثر من 54 يوما كل ثلاث سنوات بالنسبة للجنود و84 يوما بالنسبة للضباط. ويقضي النص بأن لا تزيد مدة الاستدعاء عن 25 يوما بدلا من 30 يوما حاليا.

وفي حال تفاقم الوضع الامني الذي يجري تقويمه سنويا، يحتفظ وزير الدفاع بالحق في تعليق العمل بهذه القوانين الجديدة ويستطيع ان يفرض على الجنود والضباط فترات احتياط طويلة بموافقة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست.