نائب رئيس الوزراء لـ«الشرق الأوسط»: الميليشيات تستشري في الدولة ويجب حسم ولائها

مسؤول أمني عراقي: لإيران يد فاعلة في الأحداث الأخيرة وأرسلنا وفدين إلى قم وطهران لحل النزاع

عمال يجلسون على قارعة الطريق بانتظار الحصول على فرصة عمل في اليوم الأول لعودة الحياة الى مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

كشف مسؤول أمني عراقي كبير أن مفاوضات كانت قد جرت مع مقتدى الصدر، زعيم ميليشيا جيش المهدي، ومع مسؤولين ايرانيين في قم وطهران لوقف الاعمال المسلحة التي اندلعت في مدينة البصرة ومدن اخرى بين القوات الامنية وميليشيا المهدي، فيما أكد الدكتور برهم صالح، نائب رئيس الحكومة العراقية، ان حكومته «تتعامل مع مجاميع خارجة عن القانون، وان اي خروج عن القانون وأي مظاهر مسلحة خارجة عن سياقات الدولة لن يكون مقبولا».

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس، رحب صالح بمبادرة مقتدى الصدر، الذي كان قد أمر بإيقاف «المظاهر المسلحة».

وأكد نائب رئيس الوزراء على «مبدأ احترام القانون وعدم التعرض للمؤسسات، وان الدولة لن تتوانى في التعامل الحازم مع من يحاول الاستفادة من هذه الظروف واللجوء الى السلاح وخلق أمر واقع في هذه المنطقة او تلك». وقال صالح ان «علينا أن نميز بين التيار الصدري باعتباره تيارا سياسيا له حضوره الشعبي ودوره الوطني وبين مسلحين يتسترون باسم هذه الجماعة او تلك مستهدفين القانون والأمن»، مشيرا الى انه «ليس من مصلحة العراق وليس من مصلحة العملية السياسية في البلد ان نكون في خندقين متضادين مع التيار الصدري، فهذا التيار له جذوره وله حضوره ومن مصلحتنا ومن مصلحة التيار ان نتعاون ونعمل معا من اجل ترسيخ مؤسسات حكم القانون، وان نكون كلنا في مواجهة الخارجين عن القانون والدولة والشعب وإبعاد البلد من هذه الاشكالات التي نعاني منها كلنا».

ودعا نائب رئيس الحكومة الى «تهدئة الموقف وعدم الانجرار وراء محاولات التأجيج والاستفادة من الامكانيات الوطنية في خدمة البناء والتعمير وتحسين الخدمات بدلا من هذه المواجهات التي لا تخدم الوطن وتستنزف دماء ابناء الشعب العراقي وإمكانيات الدولة الاقتصادية».

وشدد صالح على ان «هذا الموضوع يقع في إطار واضح مفاده ان سلطة القانون في مواجهة الخارجين عن القانون ويجب ان يكون واضحا انه يجب ان ننتصر كلنا لسلطة الدولة والحفاظ على هيبتها ولسيادة القانون».

وشخص نائب رئيس الحكومة المشكلة الاساسية في صعوبات العملية السياسية وهي «استشراء الميليشيات في جسد المؤسسات الامنية الحكومية. هذه مشكلة كبيرة يجب ان نتخلص منها، ويجب ان نحسم لمن ولاء الاجهزة الامنية للدولة ام لهذه الجهة السياسية او تلك؟! ولاء الاجهزة الامنية، الجيش والشرطة يجب ان يكون للعراق، للدولة العراقية وليس لأحزاب سياسية».

الى ذلك، أكد صالح «استئناف ضخ النفط عبر موانئ البصرة وعودة الحياة الى النشاطات الاقتصادية والتجارية»، محذرا من ان «الاوضاع السائدة ستؤثر على مجمل الوضع الاقتصادي، فنحن في الحكومة العراقية نريد ان يكون هذا العام هو عام البناء والتعمير وتوفير الخدمات والانتعاش الاقتصادي، والبصرة بحاجة الى دعم وجهود كبيرة، ومخطط لها مشاريع كبيرة بالتعاون مع الجانب البريطاني»، مشيرا الى ان «الوضع في البصرة ليس سهلا، هناك صراعات وتناحرات وبعض العصابات المسلحة الخارجة عن القانون تعيث في البصرة وفي موانئ البصرة الفساد، الدولة عليها ان تتحرك وتتعامل بحزم وجدية مع هذه الوضعية».

وعن موقف القيادات الكردية من الاوضاع الراهنة في العراق، قال صالح، باعتباره نائبا لرئيس الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني «نحن مع سلطة القانون واحترام هيبة الدولة وحقن دماء العراقيين، ونؤمن انه لا بد من ان تنتصر الدولة على الخارجين عن القانون».

من جهة أخرى وعلى صلة بالموضوع، أكد مسؤول امني عراقي كبير ان «مباحثات جرت مع السلطات الايرانية لتهدئة التوترات وإيقاف المسلحين عن مواجهة القوات الحكومية»، مشيرا الى ان «هناك مفاوضات كان قد أجراها وفد يتكون من مسؤولين في المجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة». وأضاف المسؤول الامني قائلا لـ«الشرق الاوسط» من مكتبه في بغداد أمس، أن «وفدا غير حكومي أجرى في طهران مباحثات مع السلطات الايرانية لممارسة نفوذها على المسلحين الذين تصدوا للقوات الحكومية، ذلك لاننا نعرف ان لايران دورا بارزا في هذه المعادلة، الى جانب وفد يتكون من هادي العامري مسؤول منظمة بدر التابعة للمجلس الاسلامي الاعلى، وعلي الاديب القيادي في حزب الدعوة كان قد غادر الى كل من طهران وقم لمقابلة مقتدى الصدر قائد جيش المهدي وتم التباحث معه للوصول الى صيغة توقف المظاهر المسلحة»، مشيرا الى ان «هناك خسائر كبيرة وقعت بين صفوف جيش المهدي».

وقال المسؤول الأمني، الذي فضل عدم نشر اسمه «كان لإيران اليد الفاعلة في هذا الصراع الداخلي لزعزعة استقرار البلد، ونحن نعرف مدى تأثير ايران على مقتدى الصدر الموجود حاليا في ايران لهذا فتحنا قنوات اتصال مع الجهات الايرانية لحل المشكلة». وأضاف قائلا ان «التيار الصدري مصر على إسقاط الحكومة العراقية، وجزء كبير من الاشتباكات التي حدثت تتعلق بجانب سياسي وتحرك ضد الحكومة»، منبها الى ان «الأوضاع حتى الآن يمكن ان تنفجر ثانية وهناك حذر كبير والأجهزة الامنية العراقية في حالة إنذار».