عوائل عراقية تعيش تحت وابل الرصاص وحظر التجوال في مدينة الصدر

ربة بيت تشكو: نفتقد لكل شيء.. ليأخذ السياسيون الكراسي ويدعونا نعيش بسلام

TT

اعتادت نوال، ام احمد، ان تعيش يومياتها بشكل طبيعي، حيث تذهب الى الاسواق القريبة من محل سكناها في منطقة الجوادر في مدينة الصدر ببغداد، وتقوم بمهامها المنزلية وتنتظر عودة اولادها من مدارسهم بشكل يومي ومنتظم، لكنها ومنذ ثمانية ايام وفي ظل النزاع المسلح بين عناصر التيار الصدري والقوات الحكومية وفرض حظر التجوال تغيرت كل يومياتها، فصارت ام احمد تقبع في غرفة منزوية في منزلهم الصغير مع اطفالها الاربعة وجدتهم، خوفا من وابل الرصاص وقصف الطائرات الاميركية.

وتقول ام احمد لـ«الشرق الاوسط»، «لقد مرت علينا ثمانية ايام من اصعب الايام التي مرت في حياتي، لم ننعم بالنوم ليلة واحدة، لقد انقطعت عنا سبل الحياة من ماء وكهرباء ومواد غذائية، وقد اغلقت المحال التجارية ابوابها، وكان زوجي في بيت عمه عند اطراف مدينة الصدر ولم يكن بامكانة الوصول الى بيته للاطمئنان علينا، او حتى توفير الخبز والطعام لنا».

وتؤكد ام احمد ان الحياة كانت تشبه الايام الاولى للحرب الاخيرة عام 2003، بل انها اشد من ذلك، وتقول «لقد كنا نسمع بحرب الشوارع وقد لمسناها عن قرب، اغلقنا الابواب على انفسنا لكن الموت كان بالقرب منا دائما».

وتشير ام احمد الى ان احد اشقائها كان في صفوف «جيش المهدي» ولم تكن تعرف عنه أي معلومات، ان كان على قيد الحياة ام لا، وتصف اليوم الاول لبدء النزاع بانه «كان اشبه بقصص الرعب التي تظهر في الافلام، كان الرصاص في كل مكان وكنا نختفي تحت طاولة الطعام وكأنها ستحمينا من اطلاقات النار، فالخوف هو الذي ارشدنا الى هذه الطريقة التي نضحك منها الان»، وتضيف «ان ابني الصغير (علي) أخذ ينام في احضان جدته وكأنها ستحميه اكثر مني».

وحول ما اذا تغيرت الاوضاع بعد رفع الحظر بشكل جزئي عن المدينة قالت ام احمد: «لقد عاد زوجي الى البيت وفتحت المحال التجارية ابوابها، لكن الطرق المؤدية الى المدينة والخارجة منها ما زالت مغلقة، وعلى الرغم من صمت دوي الانفجارات، لكن كل اهالي مدينة الصدر يتوقعون عودة المظاهر المسلحة، في حالة عدم تلبية الحكومة لمطالب التيار الصدري»، وعندما سألنا ام احمد عن مطالب التيار قالت: «انا لا يهمني ما طلبوا من الحكومة، ولكن المهم ان تحقن الدماء وتعود الحياة الى بيوتنا، المهم ان يعود اطفالي الى مدارسهم وان أمارس ما كنت امارسه بشكل يومي، من دون ان اشعر بالخوف من الخروج من المنزل، انا لم اشاهد الشارع لحد الان، اخاف من أي صوت عال، بل انني لا اقوى على العودة الى طبيعتي نتيجة لما لحق بي واطفالي من خوف».

وتقول ام احمد: «اكثر العوائل في مدينة الصدر تضرروا من النظام السابق وهم يتضررون الان ايضا». وتساءلت «هل ان مصير هذه المدينة الاذى فقط ومتى سيعرف العراقيون طعم الراحة والامان، ماذا يريد السياسيون منا ليأخذوا كل الكراسي ويتركوا لنا الحياة نعيشها كما نريد».

وبينما كانت ام احمد تتحدث معنا عبر الهاتف، قالت ان صراخا هز المنطقة الان يبدو ان احدهم فارق الحياة او ان عائلة جارهم قد تسلمت جثة احد ابنائها، وتواصل «لقد اعتدنا على هذا الصراخ اليومي فكل من جاء ليحكمنا امسك بالسوط والبندقية ليقتلنا، لا ندري أي جرم اقترفناه لنعيش هذه اليوميات، بينما يهنأ كل الناس في كل بقاع الارض بما لديهم، لقد اعتدنا فراق من نحب دائما اعتدنا ان نجوع اعتدنا الظلم اعتدنا ان نسمع صوت القنابل، ولا ندري متى سنعتاد سماع صوت اغاني الصباح متى سنعتاد على الشبع او الاحساس بالتخمة متى سنعتاد على التجوال في مناطقنا من دون ان نرى أي سلاح متى سنعتاد على ان نحلق مثل النوارس بدلا من ان تحلق الطائرات فوق رؤوسنا لتقصف احياءنا الآمنة؟».