«الناتو» يرفض ضم أوكرانيا وجورجيا ومقدونيا إلى الحلف ويقبل بعضوية كرواتيا وألبانيا

واشنطن تستبق وصول بوتين إلى بوخارست بالإعلان عن الاتفاق على الدرع الصاروخي مع تشيكيا

ألباني يقبل علم «الناتو» في ساحة تيرانا في ألبانيا احتفالا بقبول الناتو ضم بلاده الى الحلف (رويترز)
TT

هيمنت قضية توسع حلف شمال الأطلسي «الناتو» على قمة الحلف المنعقدة في بوخارست أمس، اذ تم التراجع عن منح أوكرانيا وجورجيا «خطط عمل العضوية»، وهي مرحلة ما قبل الانضمام الى الحلف. وبينما تكثفت الضغوط الروسية لمنع انضمام الدولتين اللتين تعتبران ضمن مساحة التأثير الروسي تقليديا، حرص الحلف على طمأنة جورجيا وأوكرانيا بأن انضمامهما الى الحلف مسألة وقت.

وشدد الأمين العام لحلف «الناتو»، ياب دي هو شيفر، على ان «ملف توسع الناتو لن يغلق بعد بوخارست»، مضيفاً: «رسالتنا ستكون ايجابية وواضحة، كلا البلدين (جورجيا واوكرانيا) لديهما مكانهما في الاندماج الى الحلف الاورو ـ أطلسي... بابنا سيبقى مفتوحا».

وقال الناطق باسم «الناتو» جيمس اباثوري لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الحلفاء متفقون بأنها مسألة وقت، الامر لا يتعلق في ما اذا كانت جورجيا واوكرانيا ستنضمان الى الحلف بل بتوقيت ذلك الانضمام». وعلى الرغم من ان الرئيس الاميركي جورج بوش اعلن مساء اول من أمس تأييد بلاده المطلق لانضمام البلدين الى حلف «الناتو»، كانت معارضة دول اوروبية مثل المانيا وفرنسا جوهرية في منع انضمامهما. وشرح مصدر في «الناتو» ان هناك نقطتين رئيسيتين وقفتا ضد جورجيا واوكرانيا في ما يخص منحمها «خطط عمل العضوية»، اولاهما الاضطرابات في جورجيا والمخاوف من الانفصال الداخلي، والثانية تخص المعارضة الداخلية في اوكرانيا بالنسبة الى الانضمام الى «الناتو«». واشار المصدر الى ان آخر استطلاعات الرأي تشير الى ان 20 في المائة فقط من الاوكرانيين يؤيدون الانضمام الى الحلف. وبالطبع، كان للمعارضة الروسية تأثير على الدول الاوروبية، وخاصة المانيا التي تعتمد على روسيا لتزودها بالطاقة. ورفض مصدر مسؤول في «الناتو» اعتبار المعارضة الروسية هي النقطة الرئيسية لتأجيل منح جورجيا واوكرانيا حق الاستعداد للانضمام الى الحلف، قائلاً: «روسيا لا تتمتع بحق الفيتو في الحلف، وهي في السابق عارضت توسع الحلف لكنها لم تنجح في ذلك»، في اشارة الى توسع الحلف من 19 دولة الى 26 دولة في شرق اوروبا، منها رومانيا. وأكد مصدر بريطاني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» ان بريطانيا كانت نقطة وصل بين الولايات المتحدة ودول معارضة لعرض العضوية مثل المانيا، موضحاً انه تم الاتفاق على «ابقاء الباب مفتوحاً» للدولتين في المرحلة المقبلة. وتوقع المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه لم يكن مخولاً التصريح انه من المتوقع ان تطرح هذه القضية مجدداً في سبتمبر (ايلول) المقبل. وصرح وزير خارجية جورجيا، ديفيد باكرادز، بأن بلاده متفائلة بالنسبة الى وضعها وعلاقتها مع «الناتو»، معتبراً ان بيان الحلف بان الدولتين ضمن الاطار الاوروبي «خطوة تاريخية تضمن مكاننا في المساحة الأوروبية الأطلسية». واضاف في مؤتمر صحافي امس: «لأول مرة في التاريخ، اكد الحلف ان جورجيا ستكون عضوا في الحلف، وان لها مكان في الحلف». وفي اشارة الى روسيا، قال باكرادز: «يجب الا تقرأ اطراف ثالثة هذه المسألة خطأ، فقرار الناتو واضح ونحن نأتي ضمن الاطار الاوروبي ـ الاطلسي»، مضيفاً: «لقد حصلنا على التزام من الحلف حول مكاننا فيه وهذا امر مهم». وأدت المناقشات المطولة حول هذه القضية الى تأجيل الاجتماعات المجدولة حول افغانستان. وشرح اباثوري: «لقد اخذت النقاشات بين رؤساء الدول والحكومات حول مسألة جورجيا واوكرانيا الكثير من الوقت وأكثر مما كنا نتوقعه، ولكن النقاشات كانت بناءة وصريحة وهذا ما كنا نريده». وقرر مجلس الحلف بمشاركة الدول الـ26 الأعضاء في «الناتو» تأجيل تقديم «خطط عمل العضوية» للبلدين مع الاعلان عن تأخير منح مقدونيا الانضمام، على الرغم من انها قامت بالاصلاحات الضرورية حسب «خطة عمل العضوية» التي منحت لها قبل عامين. وجاء رفض عضوية مقدونيا بناء على المعارضة اليونانية لاسم هذا البلد وهي مسألة قائمة منذ سنوات وتحاول الامم المتحدة حلها. وترفض اليونان استخدام اسم مقدونيا رسمياً لان اليونان لديها اقليم بحوالى ثلث اراضيها يحمل الاسم نفسه وتخشى ان تكون لدى مقدونيا نوايا توسعية ومحاولة لضمن الإقليم اليوناني لها. وقالت وزيرة الخارجية اليونانية دورا باكياني: «نريد الاتفاق على انضمام جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة الى الحلف ولكن بناء على علاقات جوار جيدة، اذ نريد العيش معاً بسلام وازدهار». وأضافت: «اليونان لن تفرض اسماً (على مقدونيا) ولكن علينا الاتفاق على اسم وحل يناسبان شعبينا». وواجهت الوزيرة انتقادات واحتجاجات من الصحافيين المقدونيين الذين اتهموا اليونان بتعريض امن المنطقة الى خطر برفض انضمام مقدونيا. وأدى قرار «الناتو» الى اعلان الوفد المقدوني الانسحاب من القمة احتجاجا على قرار الحلف. وكانت كرواتيا والبانيا الفائزتين أمس بعدما اكد حلف الشمال الأطلسي انضمامهما الى الحلف. وأكد بيان من الحلف ان البانيا وكرواتيا ستنضمان الى الحلف «لتقوية الناتو وستضيفان الى استقرار وامن المنطقة الاوروبية ـ الاطلسية، وخاصة في جنوب شرق اوروبا». ومن المتوقع ان تنضم الدولتان رسمياً الى «الناتو» خلال الاشهر المقبلة مع اتمام الاجراءات البيروقراطية.

وبينما انشغل المسؤولون بقضية توسيع الحلف ومحاولة تهدئة الاجواء مع اوكرانيا وجورجيا ومقدونيا، اعلنت الولايات المتحدة وجمهورية التشيك عن الاتفاق على نصب الدرع الصاروخي في جمهورية التشيك. وجاء الاعلان في بيان مشترك مختصر اعلن انه تم الاتفاق على نصب الدرع الصاروخي، من دون الاعلان عن المزيد من التفاصيل. وشرحت مصادر دبلوماسية اوروبية ان الاعلان ما زال «مبهماً»، لكنه يؤكد ابرام الاتفاق على نصب الدرع الصاروخي. وجاء هذا الاعلان قبل ساعات من وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى بوخارست. وعلى الرغم من ان عدم ضم جورجيا واوكرانيا كان نصراً مؤقتا لروسيا، فمن المتوقع ان يثير اعلان الاتفاق على الدرع الصاروخي احتجاج روسيا التي تعقد جلسة خاصة مع «الناتو» صباح غد.