ورش إصلاح الأحذية القديمة تزدهر في غزة بفعل الحصار

TT

طمأن أحمد قيد، 36 عاما، الرجال والنساء الذين كانوا يصطفون في طابور أمام الورشة، بأنه لا يريد تجاوزهم، بل إطلاع صاحب الورشة على مواضع التلف في الأحذية التي تملأ حقيبته، ثم يعود في وقت لاحق لأخذها بعد إصلاحها.

التزاحم أمام ورش إصلاح الأحذية القديمة في غزة ليس بسيطاً هذه الأيام، حيث يشهد عمل هذه الورش ازدهاراً منقطع النظير. فمن يتلف حذاؤه في غزة ليس من السهل أن يجد له بديلا جديدا بسبب الحصار، حيث تحول إسرائيل بين توريد البضائع لغزة وضمنها الأحذية. وقال صالح حبوب، 35 عاما، صاحب إحدى ورش إصلاح الأحذية في شارع الزاوية الذي يصل دوار الساحة وسط مدينة غزة بالمسجد العمري الكبير، لـ«الشرق الأوسط» إن إقبال الزبائن على محله تضاعف منذ الحصار، حيث انه واخوانه الذين يملكون ورشا أخرى بجوار ورشته يعملون من الصباح الباكر حتى ساعات المساء لسد الطلب المتزايد عليهم. لكن حبوب يشكو من نقص المواد الخام التي تستخدم في إصلاح التلف، مثل مواد اللصق والجلد. وأوضح أن أصحاب الورش أصبحوا يشترون المواد بأسعار غالية، لكنهم في ذات الوقت غير قادرين على زيادة أسعارهم بسبب الأوضاع الاقتصادية الخانقة.

ماهر مهنا، 27 عاما، الذي كان ضمن الطابور المصطف أمام الورشة قال «الشرق الأوسط»، إنه زار معظم محلات بيع الأحذية في المدينة، لكنه لم يجد حذاء لشرائه، الأمر الذي اضطره للقدوم لورشة إصلاح الأحذية لإصلاح التلف الذي لحق بحذائه القديم. واضاف مازحاً «اخشى أن تواصل هذا الأمر أن اضطر في النهاية أن أمشي حافياً». لكن ليس كل الناس الذين كانوا يصطفون في الطابور حاولوا شراء أحذية جديدة، بدل تلك التي تلفت. فأم غسان، 54 عاما، من حي الزيتون بغزة التي كانت تصطف بصبر في الطابور، وتحمل في يدها حقيبة مليئة بالأحذية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها أحضرت أحذية لثلاث من بناتها واثنين من أحفادها لأنها ببساطة لا تملك المال لشراء أحذية جديدة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية. وأدى الطلب الكبير على الأحذية ونقص العرض، الى ارتفاع ما هو معروض منها، الحذاء الذي كان سعره 70 شيكلا (20 دولارا)، أصبح سعره حالياً 140 شيكلا (40 دولارا). أصحاب محلات الأحذية بدورهم يعانون الأمرين في ظل هذا الواقع. فقال أحمد احميد، 42 عاماً، صاحب أحد محلات الأحذية في شارع عمر المختار بغزة لـ«الشرق الأوسط» إن محلات بيع الأحذية كانت تشهد إقبالا كبيراً قبل الحصار وكان ما يجنيه أصحابها من أرباح جيد، مشيرا الى أن الأمور انقلبت رأساً على عقب بفعل الحصار. ويضيف أن معظم من يأتيه من زبائن يعودون أدراجهم من دون ان يجدوا ما يريدونه. واضاف أن أصحاب المحلات تكبدوا خسائر كبيرة، حيث ان كل ما استوردوه من أحذية خلال فترة الحصار ما زال محتجزا في الموانئ الإسرائيلية، وتتقاضى اسرائيل منهم رسوم تخزين البضائع من دون أن تسمح بمرورها لغزة. ويشير احميد الى عدد من جيرانه من أصحاب محلات بيع الأحذية الذين اضطروا الى اغلاق محلاتهم، لأنه لا يوجد لديهم ما يعرضونه.