بري محذرا: إما التوافق قبل الجلسة المقبلة للانتخابات الرئاسية أو تأجيلها للمرة الـ18

المولاة والمعارضة تدعو إلى انتخاب قائد الجيش اللبناني رئيسا للجمهورية

TT

أطلقت عودة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى بيروت أول من أمس، الحركة السياسية والدبلوماسية على طريق دعوته إلى معاودة الحوار بين أطراف الأزمة اللبنانية التي رهنها بري بـ«تجاوب مختلف الفرقاء». وأمس، استهل رئيس مجلس النواب حركته باستقبال عدد من السفراء العرب والأجانب، وفقاً لما كانت أوساطه أشارت إليه كمنطلق لتحرك داخلي وعلى الصعيدين العربي والإقليمي وربما الدولي. وفي هذا الإطار، استقبل سفير مصر في بيروت أحمد البديوي، ثم القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون، فالسفيرة البريطانية فرنسيس ماري غاي. وأجرى اتصالا هاتفيا بالسفير السعودي عبد العزيز خوجة، معزياً إياه بوفاة شقيقته. وتلقى اتصالات من كل من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني والمرجع الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله والرئيس الأسبق للحكومة رشيد الصلح والنائب السابق تمام سلام.

وكرر بري أمام زواره أمس أن الحوار اللبناني ـ اللبناني «يفترض أن يحصل قبل موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية» المحدد في 22 ابريل (نيسان) الحالي. لكنه استدرك قائلا: «إذا لم تجر الأمور في المسار المؤدي إلى التوافق فسنكون، ويا للأسف، مع تأجيل جديد»، وسيكون التأجيل الرقم 18. إلا أن زوار رئيس المجلس نقلوا عنه أن «كل شيء رهن بتجاوب الجميع» وأن «منطق الأمور يفرض أن يستمر الحوار بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة، على أن يتولى الرئيس الجديد رئاسة الحوار وإدارته في القصر الجمهوري، على أن يتضمن جدول الأعمال كل المواضيع والقضايا التي لم يتناولها الحوار المقترح»، مذكراً ـ بحسب زواره ـ بأن جدول أعمال الحوار المقترح يتضمن ثلاث نقاط: الأولى، التي توافق عليها جميع اللبنانيين، انتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان. والثانية، حكومة الوحدة الوطنية على أساس صيغة «10 ـ 10 ـ 10» التي جدد التأكيد أنه جرى التوافق عليها من قبل المعارضة والموالاة. والثالثة هي قانون الانتخابات النيابية على أساس القانون الموضوع عام 1960. وأكد مجدداً تمسكه بالمبادرة العربية كـ«سلة متكاملة»، مشددا على أن مبادرته الجديدة لإحياء الحوار ليست قفزاً فوق المبادرة العربية ولا تخطياً. ولم يخف ارتياحه إلى تجاوب رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط مع مبادرته.

وقد لقي تحرك بري ترحيباً من شخصيات سياسية في فريقي الموالاة والمعارضة. وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب روبير غانم (قريب من قوى 14 آذار) إنه «بالنسبة إلى المبادرة التي تكلم عنها الرئيس نبيه بري فإنها ـ في رأيي ـ تدخل في صلب المبادرة العربية أو تسهلها. ونحن لا ننسى أن الرئيس بري هو رئيس مجلس نواب وليس فقط رئيس حركة أمل، وبالتالي يحاول القيام بمسؤولياته. وهذا هو واجبه. وأنا مؤمن بأنه قادر على أن يقوم بدوره المؤسساتي. ويجب أن يستمر الرئيس بري في مبادرته كي يعيد الحياة إلى المؤسسات بدءاً برئاسة الجمهورية ومجلس النواب. والحوار الذي يطلقه أو يريد أن يطلقه في المدى القريب يجب أن يصب في هذه الخانة».

من جهته، سئل النائب وائل أبو فاعور (اللقاء الديمقراطي): كيف سيتم التعاطي مع دعوة الرئيس بري الى احياء الحوار في اطار المبادرة العربية؟ فأجاب: «في المبدأ، لا يستطيع أحد رفض الحوار، وخصوصا أن المأزق الحالي لكل القوى السياسية في لبنان يفرض ان يكون الملجأ الفعلي للكل هو التوجه الى الحوار. ولكن، في الوقت نفسه، هناك قضايا هي أولويات سياسية أولها انتخاب رئيس جمهورية وفتح ابواب المجلس النيابي وإعادة انتظام المؤسسات والموقف من قضايا الحوار السابقة وأين اصبحت. كل هذه قضايا سابقة للدخول في أي حوار، لأنه - كما قلت- هناك أولويات سياسية يفترض بالقوى السياسية ان تلتزمها قبل الشروع في أي عملية حوار». وعما نقل عن الرئيس بري من انه يلتزم ما أقر حول طاولة الحوار الاولى، قال ابو فاعور: «المسألة ليست فقط مسألة موقف الرئيس بري. هناك قوى سياسية أخرى أنكرت قضايا الحوار وقضايا الإجماع اللبناني وانقلبت عليها وباتت تعتبرها من الماضي». وسأل: «قبل الدخول في حوارات قد تبدأ ولا تنتهي، لماذا لا نباشر سريعاً في تطبيق قضايا الاجماع اللبناني التي سبق واتفقنا عليها؟».

وأكد عضو كتلة «القوا ت اللبنانية» النائب انطوان زهرا، ان «لا بديل عن المبادرة العربية في المرحلة القريبة المقبلة. ولكن هذا الكلام لا ينفي تعثرها في الوقت الحاضر بسبب تمسك المعارضة بطريقة تفسير لهذه المبادرة مغايرة لمضمونها وأهدافها»، متوقعا استمرار الوضع القائم فترة طويلة، ومشددا على «ان الأزمة في لبنان سورية المنشأ».

وأشار الى «ان الخيار الأساس بالنسبة إلى قوى 14 آذار يبقى في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن». وقال: «إن لبنان لا يحكم إلا من الداخل. وكل المحاولات السورية الهادفة إلى إظهار عجز اللبنانيين في إدارة شؤونهم بذاتهم من خلال تشريع فريق من اللبنانيين الأبواب أمام التدخلات الخارجية لن تجدي نفعا ولن تعيد إطلاقا زمن الهيمنة السورية الذي ولى إلى غير رجعة».

من جهته، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش «إن قوى 14 آذار مستعدة للحوار على أساس أن يترأسه رئيس الجمهورية الحيادي العماد ميشال سليمان، وطبعا ليس الرئيس نبيه بري الذي أثبتت التجربة معه خلال السنتين المنصرمتين أنه يتصرف كرئيس لحركة أمل وليس كرئيس لمجلس النواب». وقال: «نحن مستعدون للحوار مع قوى 8 آذار بعد انتخاب (العماد) ميشال سليمان والاتفاق على جدول أعمال لا يحدده الرئيس بري بل يحدد بالاتفاق بين اللبنانيين جميعا».

في المقابل، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» مسؤول العلاقات الخارجية في حركة «امل» النائب علي بزي، ان «مبادرة الرئيس بري ليست التفافا على المبادرة العربية وليست تنازلا عنها او تعطيلا، انما هي داعمة وتشكل قوة دافعة لها». وتساءل عن البديل من الحوار قائلا: «الذي لا يريد مصلحة لبنان هو الذي يعطل ويرفض الحوار وأي امكان لقيامه. وان من يريد مصلحة لبنان هو الذي يسعى الى الحوار الذي هو أرقى اشكال الديمقراطية».

وقال عضو الكتلة نفسها النائب ياسين جابر: «ان الخروج من الازمة اللبنانية يكون بالعودة الى الحوار الجاد والصادق الذي يبادر الرئيس بري الى إحيائه. وان لبنان في حاجة الى كسر الجمود السياسي القائم من خلال عملية التفاوض حول اهم مقررات وبنود الحوار السابق الثابتة والتي لم تتغير ضمن سلة متكاملة تحويها المبادرة العربية».