بوتين ينهي أعمال قمة بوخارست باعتبار توسع الحلف الأطلسي «تهديدا مباشرا»

الناتو يراعي مطالب بوش ويؤكد دراسة انضمام أوكرانيا وجورجيا قبل انتهاء رئاسته

بوتين في مؤتمره الصحافي أمس (أ.ب)
TT

انتهت قمة حلف شمال الاطلسي الناتو في بوخارست أمس بتوديع شخصيتين سياسيتين هيمنتا على اوروبا والعلاقات الاطلسية والدولية العقد الماضي، اولهما الرئيس الاميركي جورج بوش الذي تنتهي ولايته الرئاسية أواخر هذا العام وحضر قمته الاخيرة، والثاني الرئيس الروسي فلادمير بوتين المنتهية ولايته، والذي حضر اول وآخر قمة للناتو امس. وحاول الرئيسان فرض بصماتهما على القمة التي تمركزت اعمالها حول النقاط الخلافية بين الحلف وروسيا، لتخرج بانتصارات جزئية للطرفين. وبينما كان عدم منح جورجيا واوكرانيا «خطة عمل العضوية» انتصاراً لبوتين، الا ان الحلف اكد في تصريحات بيان جديد أمس ان «اوكرانيا وجروجيا ستصبحان عضوان في الناتو» لتشكل هذه القمة اول تأكيد رسمي بان الدولتين ستنضمان الى الحلف. وصرح الامين العام للناتو ياب دي هوب شيفر بأن القمة انتهت «بنقطة مهمة في مجلس الناتو ـ روسيا، فهذا المجلس شكل جسراً استراتيجياً عبر اوروبا». وأضاف ان الاجتماع الذي جمع بين بوتين وبوش و25 رئيس دولة أو حكومة آخر امس كان «ايجابيا» لكنه لم «يخرج بأية نتائج خارقة». وكان بوتين ضيف الناتو أمس، لعقد اول قمة للناتو وروسيا منذ تأسيس «مجلس الناتو ـ روسيا» عام 1992. وقال نائب الامين العام لحلف شمال الاطلسي الناتو كلاوديو يسينيرو ان «من وجهة نظر الناتو، انه من الايجابي جداَ بحث القضايا التي نتفق عليها ولا نتفق عليها مع روسيا». وقد جاء اجتماع «مجلس الناتو ـ روسيا» بعد عقد «لجنة الناتو ـ اوكرانيا» صباح امس حيث تم التأكيد مجدداً على ان اوكرانيا «جزء من الاطار الاوروبي ـ الاطلسي»، في اشارة واضحة لعدم انتمائها الى المحيط الروسي. وبعد اجتماعات «لجنة الناتو ـ اوكرانيا»، اعلن الحلف في بيان مشترك عزمه دعم «جهود الدبلوماسية العامة» لكسب تأييد الشعب الاوكراني للانضمام اليه. ويذكر ان احصاءات الرأي تظهر ان حوالي 20 في المائة فقط من الشعب الاوكراني يؤيد الانضمام الى «الناتو»، مما يشكل احدى عقبات الانضمام اليه. وشدد الرئيس الاوكراني فيكتور يوشنكو امس على ان بلاده حصلت على «رسالة واضحة بأننا سنكون اعضاء مستقبليين». ولكنه حاول طمأنة روسيا، قائلاً «مصالحنا الاوروبية ـ الاطلسية لا تتعارض مع مصالح اية دولة ثالثة ولن نقيم اية قواعد عسكرية لاية دولة اخرى».

الا ان هذه التطمينات لم تقنع بوتين، الذي قال امس: «لا يمكن بناء الامن الوطني على اساس الوعود». وأضاف بوتين في مؤتمره الصحافي امس ان مساعي الحلف للتوسع شرقا «يشكل تهديداً مباشراً لروسيا، فالتصريح بان العملية لا تهدد روسيا ليس كافياً». ولكنه اعرب عن ارتياحه لنتائج الاجتماع، قائلاً: «لقد استمع الحلفاء لي». وعلق بوتين ان التعاون مع الناتو في مجالات مثل التدريب على مكافحة المخدرات «يعتمد على استعداد الناتو للتنازل وأخذ المصالح الروسية في عين الاعتبار». وأضاف: «لا يمكن انجاز شيئاً من دون روسيا، فكيف يمكن وقف انتشار الاسلحة من دون روسيا، او مكافحة الارهاب من دون روسيا؟». وأكد ان هناك مصالح مشتركة بين الطرفين، قائلا انه «لا يمكن» اقامة حرب باردة ثانية وان «ذلك ليس في مصلحة احد، لا لروسيا أو الولايات المتحدة أو اوروبا، ولكن ربما بعض الاطراف الدولية التي تريد الخوض في مياه عكرة". وأضاف: "ليس للاعبين الدوليين مصلحة في العودة الى السابق»، موضحاً: «لا توجد خطوط آيديولوجية تفصلنا». ورداً على سؤال حول عقد اجتماع «ما بعد انابوليس» حول عملية السلام في الشرق الاوسط، قال بوتين: «كان لروسيا دوراً في عملية السلام في الشرق الاوسط منذ زمن طويل ولدينا علاقات جيدة مع اسرائيل... وتقليد من الثقة مع العرب». وأضاف: «آمل ان نستخدم عقد من الخبرة للمساعدة في السلام»، لكنه لفت الى ان عقد مؤتمر السلام يعتمد على «احراز النتائج وليس فقط الكلام» وتابع انه لن يدع الى المؤتمر الى حين التأكد من «احراز شيء ما». وتأخر بوتين على المؤتمر الصحافي اكثر من ساعة حيث بقي الصحافيون ينتظروه بعد مؤتمر صحافي للامين العام للحلف الذي اعلن انتهاء اعمال القمة. وكان بوتين تأخر ايضاً في الوصول الى قاعة اجتماع «مجلس الحلف وروسيا» مع الامين العام للحلف بعد التأخر لمدة 30 دقيقة وانتظار كل من الرئيس جورج بوش والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل له.

ولفت مصدر رفيع المستوى من حلف الناتو الى ان المانيا كانت الدولة الرائدة في معارضة منح اوكرانيا «خطة عمل العضوية»، الخطوة التي تسبق الانضمام الى الحلف. واضاف المصدر الذي طلب من «الشرق الاوسط» عدم الكشف عن هويته ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركل عملت مع الرئيس الاميركي ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس للتوصل الى بند يرضي جميع الاطراف، موضحاً: «رايس جادلت لمدة ساعتين للحصول على بند يؤكد امكانية منح الدولتين خطة عمل العضوية بحلول نهاية العام، ليكون ذلك قبل نهاية ولاية الرئيس بوش». وتابع ان المسؤولين الاميركيين حرصوا على تثبيت الموقف الاميركي في اطار الجدول الزمني للاشهر القليلة المتبقية من ولاية بوش. ويذكر ان الحلف منح وزراء الخارجية صلاحية الموافقة على منح اوكرانيا وجورجيا «خطة عمل العضوية» في الاجتماعات الوزارية في ديسمبر (كانون الاول) المقبل. ويذكر ان توسع الحلف لا ينتهي مع اوكرانيا وجورجيا، اذ شددت مصادر عدة في الناتو انه يريد ضم صربيا، لكنها في الوقت الحالي هي تعارض ذلك. وقد ابدت دول الحلف استعدادها لدراسة ضم صربيا مرات عدة مستقبلاً، مع ان صربيا تقليدياً مرتبطة بروسيا في البلقان. كما ان البيان الختامي للقمة، وطوله 12 صفحة، اكد على ان الحلف سيعمل على «امن المعلومات» و«امن الطاقة»، وكلاهما قضايا تهم روسيا. واعتبر الحلف ان امن مصادر الطاقة امراً يخضع لعمل الحلف، مما قد يشكل صداماً مستقبيلاً مع روسيا.