مسؤول عراقي: أكثر من ألف رجل أمن رفضوا المشاركة في قتال الميليشيات في البصرة

الحكومة تعفي عددا منهم من بينهم قائد فرقة كاملة تابعة لوزارة الداخلية

طفل عراقي يمر بالقرب من جدار عليه آثار الرصاص نتيجة المعارك التي دارت بين القوات الحكومية وميليشيا جيش المهدي في البصرة، أمس (ا.ف.ب)
TT

قال مسؤول بارز في الحكومة العراقية إن أكثر من 1000 جندي ورجل شرطة عراقي رفضوا المشاركة في العملية التي نفذت ضد الميليشيات الشيعية في مدينة البصرة الأسبوع الماضي، وإن البعض تركوا مواقعهم أثناء القتال. وأضاف مسؤولون في الجيش العراقي أن العشرات من الضباط، منهم اثنان من كبار القادة الميدانيين في المعركة، كانوا ضمن هذه المجموعة. يشكك هذا من جديد في مدى كفاءة قوات الأمن العراقية، التي أشرف الاميركيون على تدريبها، علما بأن البيت الأبيض يربط إي انسحاب لقوات أميركية من العراق بمستوى استعداد الجيش والشرطة العراقية. هذه الأزمة المتمثلة في رفض الجنود عن المشاركة في القتال ومشاكل أخرى شابت عملية البصرة دفعت رئيس الوزراء نوري المالكي للتحرك على نحو عاجل من أجل ضم نحو 10.000 مجند من القبائل الشيعية المحلية للقوات التابعة له. أغضب هذا زعماء القبائل السنية، فرئيس الوزراء العراقي لا يبدي حماسا مماثلا في ضم أفراد من القبائل السنية مع أنهم تعاونوا مع الحكومة في قتالها ضد بعض متمردين سنة والعصابات الإجرامية. ويقول مسؤول في الجيش البريطاني، إن المالكي احضر تعزيزات تقدر بنحو 6.600 للبصرة للالتحاق بـ30.000 رجل أمن تمت تعبئتهم هناك، ويضيف مسؤول كبير في الجيش الأميركي إنه يعلم أن من 1000 إلى 1.500 شخص في القوات العراقية تركوا القتال أو اتسم أداؤهم بالضعف، وهذا الرقم أكثر قليلا من 4 في المائة من العدد الإجمالي للقوات. ويقول الكثير من المسؤولين في الحكومة الأميركية إن تقييما استخباراتيا جديدا عن الوضع في العراق، قد أشار إلى تحسن ملحوظ في الوضع الأمني، ولكنه يؤكد أن الوضع الأمني مازال هشا. وقد دعا الصدر يوم الخميس مليون عراقي لتنظيم مسيرة لمدينة النجف الشيعية الأسبوع القادم، احتجاجا على ما سماه الاحتلال الأميركي. كما أصدر الصدر تهديدا ضمنيا لقوات المالكي التي اتهمها بخرق بنود اتفاق مع الحكومة العراقية. كان الصدر قد طلب من أتباعه يوم الأحد الماضي وقف القتال في مدينة الصدر مع القوات العراقية. وتشير تقديرات بعض المسؤولين في الجيش العراقي أن عدد الضباط الذين رفضوا المشاركة في القتال خلال عملية البصرة يتراوح بين عدة عشرات وأكثر من 100 شخص. وقال ثلاثة مسؤولين إن من بين الذين أعفو من مناصبهم بسبب رفضهم المشاركة في القتال العميد رحيم جبار والمقدم شاكر خلف، القائد ونائب القائد لفرقة كاملة تابعة لوزارة الداخلية. ويؤكد مسؤول كبير في الجيش في البصرة أن بعض الأفراد التابعين لوحدة المقدم خلف استمرت في القتال بعد أن رفض هو المشاركة. وعندما سئل المسؤول عن السبب وراء تخلف العميد خلف عن القتال قال، إن العميد قال إنه لا يعتقد أن القوات الأمنية العراقية ستكون قادرة على حمايته من التهديدات بالقتل التي تلقاها لمشاركته في القتال. وقال المسؤول: «إذا قاتل اليوم، من المحتمل أن يقتل بعد ذلك». وقال مسؤول بارز في الجيش الأميركي إن عدد الضباط كان أقل من 25 على الأكثر، ولكنه قال إن الرقم قد يزيد. معظم من رفضوا المشاركة في القتال لم يكونوا ضباطا. وعلى هذا يعلق المسؤول الأميركي: «من هذا نفهم أن الأغلبية من هؤلاء هم جنود جدد سيئوا التدريب نسوا أبسط قواعد التدريب وربما يطلب منه المشاركة في القتال في الوقت القريب». وأضاف المسؤول: «البعض كان قد أعفي من القتال ضد الشيعة». ولكنه أشار إلى أن التحالف لا يرى هذا الأمر مشكلة كبيرة، لاسيما أن الحكومة العراقية تعاملت بحزم معهم. وفي تصريحات له يوم الخميس اعترف رئيس الوزراء العراقي، الذي تولى عملية البصرة شخصيا، أن هناك من رفض المشاركة في القتال ولكنه لم يعط رقما محددا. انتقد مسؤولون أميركيون وعراقيون هذه العملية وقالوا إنها سيئة التخطيط والتنفيذ. وفي تصريحات صحافية من المنطقة الخضراء قال المالكي: «كل من لم يقم بعمله من أفراد القوات الأمنية سيحال لمحكمة عسكرية. الانضمام للجيش أو الشرطة ليس نزهة أو رحلة. يجب أن يكون على كل فرد التزامات للحفاظ على مصالح الدولة وليس مصالح الحزب أو الطائفة. لقد اقسموا على المصحف أنهم لن يدعموا الطائفة أو الحزب الذين ينضمون إليه ولكنهم كانوا يكذبون».

يوم الأحد منح السيد الصدر رئيس الوزراء ما يمكن أن يسمى بطريقة لحفظ ماء الوجه للخروج من قتال البصرة، فقد أمر المقاتلين التابعين لجيش المهدي أن يضعوا أسلحتهم بعد عدة أيام من القتال لم تستطع القوات الحكومية أن تحقق فيها أي تقدم. وقدم السيد الصدر على الفور سلسلة من الطلبات، يقول عنها بعض السياسيين العراقيين البارزين، إن المالكي كان قد وافق عليها سلفا. ولكن رئيس الوزراء نفى أي مشاركة في المحادثات. بدأ بيان السيد الصدر بقبس من القرآن يتوعد بالهلاك لمن يعطي وعدا ثم يحنث به. وقال إن أتباعه عانوا من الاضطهاد والسجن بدون وجه حق، مؤكدا أن ليس هناك من يمكن أن يجبرهم على الانسحاب على نحو كامل. ولكنه لم يدع صراحة لقتال جديد. وما زال الدعم الأميركي للقوات الحكومية العراقية مستمرا، ففي يوم الخميس قال الجيش الأميركي أنه نفذ ضربتين جويتين يوم الأربعاء على مدينة البصرة، إحدى هذه الهجمات كانت تهدف الى تدمير مبنى معاد يقطنه قناص هاجم القوات الأمنية العراقية في البصرة والهجمة الثانية كانت لتدمير مكان به مدفع. قالت الشرطة العراقية إن أحدى الهجمتين دمرت منزلا مكونا من طابقين في منطقة قريبة من البصرة، وقتل خلالها ثلاثة أشخاص وجرح ثلاثة آخرون، جميعهم من نفس العائلة. ولم تشر الشرطة إلى العمل العدائي. من جانبه، قال السفير الأميركي لدى العراق ريان كروكر، إن المالكي شارك في محادثات مع القبائل الشيعية وقال إن الآلاف من المتقدمين للالتحاق بالقوات الأمنية في البصرة يعد دليلا على نجاحه. وأضاف السفير في مؤتمر صحافي في السفارة الأميركية في بغداد: «من الواضح أنهم يتحركون من أجل مساعدة رئيس الوزراء بطريقة ملحوظة جدا. عقدت سلسلة من الاجتماعات مع قادة القبائل المختلفة، ثلاثة أو أربعة منها، وربما يكون أكثر». قال اثنان من شيوخ القبائل الجنوبية إنهم يبدون الدعم للحكومة عن طريق توفير مجندين للقوات الأمنية. ولكن الشيوخ أكدوا أنه كان هناك إغراء قوي متمثل في الوعد بتوفير وظائف بمرتبات مجزية للشباب العاطلين في قبائلهم. ويقول الشيخ كمال الحلفي، رئيس فرع قبيلة الحلف في البصرة، إنه مازال يساوم من أجل زيادة حصة قبيلته من الوظائف في القوات الأمنية حيث تبلغ حصته 25 وظيفة. ويضيف: «الكثير عاني من ظروف سيئة منذ حقبة صدام وليست لديهم وظائف». ويقول الشيخ عادل الشوبيهاوي، أحد القيادات في قبيلة جنوبية، إن بعض القبائل الأكبر والأكثر سلطة حصلت على حصة من الوظائف أكبر تصل إلى 300 وظيفة. بالإضافة لهذا، أعلن المالكي عن 100 مليون دولار مساعدات اقتصادية للبصرة، من المقرر أن تدبرها الحكومة المركزية بالشراكة مع الحكومات الإقليمية، وأضاف أن الحكومة ستقوم بتوفير 25.000 وظيفة في المدينة خلال العام القادم. بعد أن ساق الوعود بالمساعدات والمحادثات القبلية قال ريان كروكر: «هل هذه صفقات؟ لا يمكن الانتصار في المعارك بالوسائل العسكرية وحسب. رئيس الوزراء يوظف البعد الاقتصادي للسلطة، وهذا شيء، في رأيي، جيد بالنسبة له. ففي كثير من الأحيان يكون المال هو أفضل سلاح يمتلكه الفرد». ولكن قال المالكي إن المجندين القبليين الجدد سوف يتم فحصهم بعناية. لم يرض هذا بعض السنة في الشمال الذين ينتظرون منذ شهور زيادة مناظرة في عدد السنة الذين يلتحقون بالقوات الأمنية الحكومية. فعشرات الآلاف من القبائل السنية، بينهم متمردون سابقون، يعملون بجانب القوات العراقية والأميركية في حركة يطلق عليها حركة صحوة قبائلية». يقول أبو عثمان، عضو بارز في أحد مجالس الصحوة: «تجنيد عدد كبير من الشباب في البصرة لقتال جيش المهدي يثبت مرة أخرى أن حكومة نوري المالكي هي حكومة طائفية ذات معايير مزدوجة، وأنها تفضل طائفة على أخرى». وأشار أبو عثمان أنه منذ أربعة أشهر قدم أسماء 100 من السنة للالتحاق بالشرطة العراقية، ولكنه لم يتلق أي رد بعد، مضيفا: «ما تريده حكومة المالكي هو قوات أمنية يمكنهم التحكم والتلاعب بها».

* خدمة «نيويورك تايمز»