بوش وبوتين يفشلان في الاتفاق على الدرع الصاروخية رغم محاولتهما رسم صورة إيجابية

وقعا إعلان «الأطر الاستراتيجية للعلاقات الروسية ـ الأميركية» في ختام قمة سوتشي

بوش وبوتين يتنزهان في حدائق المقر الصيفي للرئاسة الروسية في سوتشي أمس (أ.ب)
TT

فشل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جورج بوش في التوصل الى اتفاق حول نشر الدرع الصاروخية الاميركية في بلدان شرق اوروبا في قمتهما الرابعة والعشرين التي عقداها على ضفاف البحر الاسود في سوتشي.

وعلى الرغم من حديث بوش عن تحقيق «اختراق مهم» في مسألة الدرع الصاروخي، الا انه أقرّ بأن ثمة عمل كثير «لإقناع الخبراء بان النظام ليس موجها ضد روسيا». وفي مواجهة تفاؤل بوش، بدا بوتين أكثر واقعية اذ اكد انه لم يتم التوصل الى اي اختراقات استراتيجية في الموضوع.

وبدلا من ذلك، فقد وقع الرئيسان «اعلان الاطر الاستراتيجية للعلاقات الروسية ـ الاميركية» ودعوا فيه الى انشاء نظام دفاعي مشترك مضاد للصواريخ مع اوروبا يشارك فيه الاطراف الثلاثة «على قدم المساواة». وقال البيان المشترك الصادر في ختام القمة ان «البلدين عبرا عن اهتمامهما في انشاء نظام دفاعي مضاد للصواريخ تشارك فيه روسيا والولايات المتحدة واوروبا على قدم المساواة». ويعتبر المراقبون ان هذا الاعلان بمثابة «خريطة طريق» لتطوير علاقاتهما في الفترة المقبلة من منظور ما يرصده من نقاط خلافية بين البلدين على الصعيدين السياسي والعسكري، الا ان ما يفرق البلدين يظل اكثر مما يجمعهما، على خلاف ما يقوله دبلوماسيو البلدين في هذا الشأن. وكان بوتين قد أشار بشكل غير مباشر الى ازمة عدم الثقة التي تعصف بعلاقات البلدين، عندما قال في قمة الناتو في العاصمة الرومانية بوخارست منذ يومين، ان موسكو قدمت اكثر من بادرة حسن نية حين قامت بتصفية قاعدتها العسكرية البحرية في كمران بفيتنام ومحطة الرادار في كوبا وسحبت الكثير من قواتها من المنطقة الاوروبية في روسيا الاتحادية بموجب معاهدة الحد من الاسلحة التقليدية والقوات في اوروبا. وتساءل بوتين عما حصلت عليه روسيا في بلاده مقابل ذلك، ليجيب بنفسه عن تساؤلاته قائلا انها حصلت على توسيع القواعد العسكرية الاميركية في بلغاريا وفي رومانيا وعلى خطة لنشر عناصر الدرع الصاروخي في بولندا وتشيكيا واستمرار محاولات توسيع الناتو على مقربة مباشرة من الحدود الروسية. وعاد الرئيس الروسي في مؤتمره الصحافي الختامي الذي عقده مع الرئيس الاميركي في ختام مباحثات قمة سوتشي، الى محاولة التخفيف من حدة التوتر، مشيرا الى نوايا الجانبين تقليص القدرات الاستراتيجية الهجومية حتى المستوى الادنى الذي يستجيب لمتطلبات الامن القومي للبلدين، حسبما جاء في نص الاعلان المشترك الذي وقعه الرئيسان في اربع عشرة صفحة. غير ان اجماعا في الرأي يتبدى بين المراقبين في موسكو حول ان واشنطن تظل في طريقها صوب المضي في خطة توسع الناتو استنادا الى تعزيز قدراتها الهجومية دون الاقتصار على الدفاعية. ويستند هؤلاء في ذلك الى ما اتخذته واشنطن من قرارات اعقبت في معظمها اللقاء الاول الذي جرى بين بوتين وبوش في ليوبليانا عاصمة سلوفينيا في 2001 رغم ما ابدته موسكو من حسن نوايا وتعاون في مجال مكافحة الارهاب الدولي في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. وكان بوش قد اعلن انسحاب بلاده من معاهدة الحد من الصواريخ الاستراتيجية الموقعة في عام 1972 ثم اعقب ذلك بإعلان قراره حول نشر عناصر الدرع الصاروخي في بولندا وتشيكيا الى جانب خطته حول نشرها ايضا في تركيا ووعوده بضم المزيد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق الى الناتو الى جانب ما اشار اليه بوتين حول القواعد العسكرية في بلغاريا ورومانيا وعدم تصديق بلاده والكثير من بلدان اوروبا على معاهدة الحد من الاسلحة التقليدية في اوروبا ما دفع موسكو الى اعلان تجميد عضويتها في هذه المعاهدة. ولذا لم يكن غريبا ان يستشهد بوتين بما قاله بسمارك المستشار الالماني الاسبق حول ان المهم ليس اعلان النوايا (حول التعاون والثقة ...الخ) لكن المهم هو «القدرات» (ما يتراكم لدى الناتو من قدرات عسكرية)، مشيرا الى ان الناتو لم يلغ بعد المادة الخامسة من معاهدة واشنطن التي تنص على جوهر استراتيجية تشكيل حلف الناتو.

ومع ذلك عاد الرئيس الروسي المنتخب دميتري ميدفيديف خلال لقائه مع الرئيس بوش الى اعلان انه يعتبر العلاقات الروسية الاميركية عاملا اساسيا للامن الدولي وانه سيبذل قصارى جهده من اجل تطوير هذه العلاقات.