ماكين الداعم الكبير للحرب على العراق يصمت عن خدمة ابنه في الأنبار

3 من أبنائه الأربعة تطوعوا للخدمة وأصدقاء يروون أن عائلته تربت على قيم الواجب والشرف

TT

وصل مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية السيناتور جون ماكين ذات مساء من شهر يوليو (تموز) الماضي إلى منزل الصحافية ارين فلانغان في نيو هامشير، لتمضية بعض الوقت وتبادل حديث ودي حول العراق. وكان سبق لهما أن التقيا في حوار رئاسي وسألت حينها المرشحين للرئاسة عن الخطوات التي سيتخذونها لإعادة الجنود الأميركيين من العراق، جنود مثل أخيها الذي قتل وهو يؤدي الواجب العسكري قبل أشهر قليلة على اللقاء.

لم يجلب ماكين معه الكاميرات أو بعضا من أنصاره، بل جلب معه ابنه الأصغر جيمس ماكين البالغ من العمر 19 سنة، الذي كان جنديا في فيلق المارينز وعلى وشك المضي الى العراق. جلس الأب والابن يستمعان الى فلانغان تتحدث عن شقيقها مايكل كليري، الذي كان في سن الرابعة والعشرين ويحمل رتبة ملازم أول عندما قتل في كمين.

وخلال الحديث، لم يشر أحد من الحاضرين الى انه خلال أيام قليلة يمكن لجيمي ماكين أن يواجه مصير مايكل نفسه. وتابعت فلانغان الحديث عن شقيقها، وهي تتذكر الجنديين اللذين حضرا لابلاغ العائلة بنبأ وفاة شقيقها، وقالت: «لا أستطيع تخيل ما كان يدور في ذهنيهما عندما حضرا للقاء الأسرة التي...»، وتابعت وهي على وشك البكاء: «فقدنا شخصا عزيزا».

اما ماكين، الذي بنى ترشيحه انطلاقا من وعده بان بقاء الجيوش الاميركية في العراق سيجلب الاستقرار للبلاد، فقال الكثير عن العراق الا ان ما لم يقله أبدا أن واحدا من الجنود الذين سيحققون هذا الاستقرار هو ابنه الذي قضى سبعة أشهر يشارك في دوريات بمحافظة الأنبار. وهو علم بفوز أبيه في نيو هامشير في يناير (كانون الثاني) الماضي، بينما كان هو يحفر تحت عربة عسكرية علقت في الطين.

ماكين البالغ من العمر 71 عاما، قد سبق له ان شارك في الحرب كطيار وأسير وسيناتور، لكنه لم يواجهها كأب. فمغادرة ابنه الى العراق جلبت إليه نفس المخاوف التي يواجهها أي أب في مثل حالته، بحسبما يؤكد أصدقاء له، بينما شكلت تجربة ابنه مع المارينز حجة قوية ليبرر وقوفه الى جانب الحرب في العراق. وإذا كانت خدمة جيمي ماكين، الذي تطوع للخدمة العسكرية في سن السابعة عشرة، هي قصة خاصة بجون ماكين، الا أنها كشفت القناعات السائدة بين أفراد عائلة ماكين والافكار التي تربّى عليها جيمي والمبنية على الواجب والشرف والتضحية، حسبما يروي أصدقاء العائلة، التي دفعته الى اتخاذ قرار الالتحاق بالجيش. فالمثل العسكرية قد حددت ماكين كشخص وسياسي وهو يضعها في قلب ترشيحه الرئاسي. وفي الأسبوع الماضي ركز حملته على محطات حياته السابقة وأهمية الواجب بالنسبة اليه، حيث شرح كيف أن الدروس التي تعلمها خلال مشاركته في الحرب ستوجه قراراته كقائد للجيش، في حالة فوزه بانتخابات الرئاسة.

ومن المحتمل ان يكون موضوع الحرب على العراق هو المهيمن في نقاشات المرشحين للانتخابات الرئاسية، خصوصا ان المرشحين الديمقراطيين باراك اوباما وهيلاري كلينتون كلاهما يؤيدان الانسحاب من العراق. ومع سعي المرشحين الديمقراطيين الى تصوير ماكين على انه يريد ابقاء الجيوش الاميركية في العراق لمئة سنة أخرى ليخوضوا حربا لم تعد تحظى بشعبية لدى الاميركيين، لا يزال ماكين صامتا عموما بشأن ابنه الذي يخوض الحرب في العراق. ولا يتحدث ماكين عنه الا باشارات عابرة لحمايته من أن يكون هدفا ولتفادي استغلال خدمته لمكسب سياسي، وفقا لما يقوله أصدقاء. وفي الحملات الانتخابية القليلة التي ظهر فيها ابنه، نائب العريف، الى جانبه، لم يقم جون ماكين بتعريفه الى الجمهور.

ورفض آل ماكين اجراء مقابلات معهم لاعداد هذه المقالة التي طلبت حملتهم الانتخابية عدم نشرها. وقال ستيف شميت، المتحدث باسم الحملة، ان «حملة ماكين تعترض بشدة على هذا التدخل في خصوصيات ابن السناتور ماكين. ان أبناء المرشحين الرئاسيين في هذه الدائرة الانتخابية يجب ان يمنحوا الاحترام نفسه الذي تمتع به ابناء الرئيس بوش والرئيس والسناتور كلينتون».

وجيمي، الثالث بين ابناء جون وسيندي ماكين، المولود عام 1988، ورث سمات والده من حيث البنية النحيفة والمزاج وتقليد الخدمة العسكرية في العائلة، الذي يمتد الى سنوات الحرب الثورية. فقد كان جده وجده الأكبر الأب الأول وابنه ممن حصلوا على رتبة الأدميرال بأربعة نجوم في تاريخ البحرية، ثم جاء والده الذي تحول الى اسطورة. فقد اتصف طيار البحرية جون ماكين بسمة التحدي ليبقى على قيد الحياة بعدما قضى نحو ست سنوات قاسية سجين حرب في فيتنام. وعندما كبر جيمي، كان والده، عضو الكونغرس أولا ومن ثم السناتور، يتحدث على الدوام عن الأحداث العسكرية. وقد تألقت سمعة ماكين بمذكراته التي حملت عنوان «دين آبائي» والتي اعدت كفيلم تلفزيوني.

وقد التحق اثنان من أشقاء جيمي الثلاثة الذين يكبرونه سنا بالجيش. وكان دوغ ماكين البالغ من العمر 48 عاما طيارا في البحرية، وسيتخرج جاك ماكين البالغ من العمر 21 عاما من الأكاديمية البحرية العام المقبل. وهكذا اذا ما فاز ماكين في الانتخابات الرئاسية، فانه سيصبح أول رئيس اميركي بعد دوايت ايزنهاور الذي لديه ابن يخدم في الحرب.

ماكين لم يتحدث يوما علنا عما اذا كان يشعر بقلق على ولده الذي يخدم في العراق، الا ان اورسون سويندل الذي كان سجينا مع ماكين في فيتنام، يقول ان الامر صعب، ويضيف: «أي شخص يقول لك ان الامر ليس صعبا فهو ليس صادقا».

الا ان السيناتور كريستوفر بوند، وهو سيناتور جمهوري من ميسوري خدم ابنه في العراق، قال انه تبادل وماكين قلقهما على ولديهما. وأضاف: «تحدثنا عن كيف تؤثر الحرب على الشبان... هو أب في الاساس وهو قلق جدا على ما سيحل بولده».

* خدمة «نيويورك تايمز»