المناورة الإسرائيلية على حدود لبنان لم تغيّر الحياة اليومية للجنوبيين

حزب الله يعلن أنه اتخذ «إجراءات أمنية وقائية»

جندي من القوات الدولية (يونيفيل) يراقب الوضع عند منطقة حدودية بين إسرائيل ولبنان أمس (ا.ف.ب)
TT

لم تغيّر المناورة الواسعة التي بدأت اسرائيل بتنفيذها اعتباراً من يوم امس اي شيء في الحياة اليومية لشريحة واسعة من اللبنانيين في القرى الحدودية المتاخمة للمواقع والمستوطنات الاسرائيلية على طول «الخط الأزرق». وفي الواقع، كان امس يوماً كغيره من الايام بالنسبة الى هؤلاء، إذ مارسوا خلاله اعمالهم ونشاطاتهم العادية. فيما اتخذ آخرون بعض الاجراءات الوقائية تحسباً لأي طارئ، وذلك نتيجة تركيز وسائل الاعلام الاسرائيلية والأجنبية على المناورة وأهميتها في هذه المرحلة.

ومن جهتها، واكبت الاطراف المعنية بالشأن العسكري المناورة الاسرائيلية في يومها الاول، كل بحسب موقعه ودوره على الساحة الجنوبية. فالقوات الدولية المعززة (يونيفيل) اعلنت حال التأهب منذ ثلاثة ايام وسيّرت دوريات مؤللة على مدار الساعة على طوال «الخط الازرق» من رأس الناقورة ساحلاً حتى مرتفعات كفرشوبا وشبعا جبلاً، مروراً بعشرات النقاط والمواقع والبلدات. اما الجيش اللبناني، الذي اعلن الاستنفار في صفوف وحداته بناء لاوامر قائده العماد ميشال سليمان، فسيَّر دورياته المؤللة على طول الخط الحدودي مع اسرائيل لمواجهة اي طارئ، وذلك باشراف الضباط الكبار الذين لازموا مراكزهم ونسقوا مع قيادة القوات الدولية. ومن جانبهم، اتخذ مقاتلو «حزب الله» اجراءات امنية وقائية قبل ايام من بدء المناورة. وبقوا في حال جهوزية ولكن بعيداً عن الانظار ومن دون اي مظاهر مسلحة. وأبلغت مصادر قريبة من الحزب «الشرق الاوسط» انه «يواكب بدقة المناورة وكل المواقف التي تصدر عن القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل لتحليل الوضع السياسي والعسكري المقبل عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وفي منطقة الشرق الاوسط».

هذا، في بلدة كفركلا اللبنانية التي تطل منازلها في الحي الشرقي ـ الجنوبي على مستوطنة المطلة، حمل المزارع ابو حسين شعيث معداته وغادر منزله باكراً الى حقله الملاصق للسياج الحدودي لمزاولة عمله من دون اي اهتمام بما يجري في المستوطنات الاسرائيلية. وقال لـ«الشرق الاوسط»: «انا لم أخف من حرب تموز (2006) وبقيت 33 يوماً في كفركلا، فهل المناورة ستدفعني الى الخوف؟ هذا غير معقول».

موقف ابو حسين هو موقف مئات المزارعين اللبنانيين الذين مارسوا امس اعمالهم كعادتهم كما في كل يوم. ولا يتوقع المراقبون وخصوصاً في القوات الدولية و«حزب الله» حصول اي تطور ميداني على طول «الخط الازرق» الفاصل بين لبنان وإسرائيل خلال الفترة التي ستستغرقها المناورة التي يستبعدون ان تغيّر اي شيء في الوضع على ساحة الجنوب اللبناني في ظل وجود 12 الف جندي دولي واكثر من 16 الف جندي لبناني. ويبدو ان ذلك يشكل القراءة السياسية لقيادة «حزب الله» للوضع على الساحتين اللبنانية والإقليمية. والهدف واضح وهو عدم اعطاء اسرائيل اي ذريعة لشن عدوان على لبنان وان كان الحزب يحتفظ بحق الرد على اغتيال قائده العسكري عماد مغنية، على ان يختار توقيت هذا الرد.

على صعيد ردود الفعل على المناورة الاسرائيلية، اعتبر وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ «ان المناورات التي تجريها اسرائيل هي خرق للقانون الدولي. وأي مناورات على حدود اي بلد تعد وكأنها حرب على هذا البلد». وأضاف: «ان الجيش اللبناني والمقاومة في حال استعداد وجهوزية وكذلك الشعب اللبناني بأكمله. وسوف يردون على اي اعتداء يأتي من اسرائيل. وهناك تنسيق كامل بين الجيش اللبناني والقوات الدولية من اجل منع الاختراقات الاسرائيلية للخط الازرق. ونرجو الا تشكل هذه المناورات ذريعة لعدوان اسرائيلي جديد على لبنان».

اما عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن فكرر موقف «حزب الله» من المناورة الاسرائيلية، اذ قال: «ان هذه الاعمال والمناورات لا ترهبنا ولا تخيفنا. وان شعبنا والمقاومة والجيش في اعلى مستويات الجهوزية». من جهته، شبه عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علوش، الاصطفاف السياسي والعسكري في المنطقة بـ«برميل البارود الذي يحتاج الى شرارة صغيرة حتى ينفجر».