بوش يوكل قرار وجود القوات في العراق لبترايوس.. وقادة عسكريون يشعرون بالقلق

الرئيس الأميركي يصغي له.. وفالون استقال بسبب ذلك

TT

في جلسة استغرقت 80 دقيقة، سأل الرئيس قائده الأعلى في العراق حول ما إذا كان سحب مزيد من القوات من العراق عما كان مخططا له في شهر يوليو(تموز) المقبل سوف يعرض المكتسبات الأمنية للخطر. وحسب المسؤولين المعتادين على التغيير، فإن بترايوس قال إنه يريد الانتظارَ حتى الصيف لتقييم الوضع ـ وأوضح بوش أنه سوف يدعمه ويواجه أي ضغوط سياسية. وقال بوش أمام كاميرات التلفزيون بعد ذلك، وبتراوس يقف إلى جانبه: «إن موقفي هو أنه إذا لم يكن راغبا في استمرار الانسحاب، فإن ذلك حسن بالنسبة إليَّ. وأخبرت الجنرال بأنه إذا رغب في إبطاء الانسحاب، فذلك أمر يرجع إليه».

وفي آخر شهور ولايته، يرهن بوش مستقبله بالجنرال الحاصل على أربع نجوم، وقد غض الطرف عن العديد من المستويات في القيادة العسكرية ليعطي بترايوس صوتا مميزا في البيت الابيض.

وتأزمت علاقة العمل بين بوش وقائده الميداني، وهو ما يعد أمرا نادر الحدوث في تاريخ الرؤساء الأميركيين أثناء الحرب. وفي كل الأحوال، فإن وجهة نظر بترايوس الخاصة بتعليق الانسحاب هذا الصيف سادت في البيت الأبيض. وقد تسبب دعم بوش لبترايوس في شعور المسؤولين العسكريين الآخرين بالقلق، وقد أدى ذلك إلى غضب الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس.

ويقول مسؤولو الإدارة إنه من الطبيعي أن يعطي بوش وزنا إضافيا لوجهات نظر القائد في الميدان، لاسيما بعد أن أدت شهادته أمام الكونغرس إلى وقف الجهود الرامية إلى فرض الانسحاب. وأفاد المسؤولون الحاليون والسابقون بأن بترايوس قد اكتسب ثقة بوش لأنه يحقق نتائج في العراق، بعد أن فقد الرئيس الثقة بالاستراتيجية السابقة التي تم تطبيقها عام 2006.

وفي مقابلة معه، استبعد غيتس مفهوم أن بترايوس له وصول غير عادي إلى البيت الأبيض فيما يتعلق بالعراق. كما شدد على أن بوش يستمع إلى وجهات نظر العديد من المسؤولين العسكريين مباشرة. وأفاد غيتس: «أريد أن أتأكد من أن الرئيس لا يستمع إلى صوت واحد فقط. وليس لبترايوس أي اتصال مميز بالرئيس».

وينظر البعض الآخر إلى اعتماد بوش على بترايوس في إطار أكبر. يقول كينيث آدلمن: «إنه جزء من أسلوب إدارة بوش بصورة عامة ـ فهو يسند المسؤولية إلى من هم في مستوى أقل ولا ينظر إلى الموضوعات الشائكة بنفسه». وأثناء فترة إدارة بوش، سمحت تقنية «الفيديو كونفيرنس» المتطورة للرئيس بالتواصل مع القادة في الميدان. وكما يقول المستشارون، فإن ذلك قد سمح بإقحام نفسه في تفاصيل الحرب. وعقد بوش اجتماعات فيديو مع كيسي وغيره من القادة السابقين في العراق، ولكن بعد أن تم تعيين بترايوس وكروكر العام الماضي، أصبح الأمر متكررا في صباح كل يوم اثنين، حيث كان يعقد مجلس حرب بين واشنطن وبغداد. (وكما يقول المتحدث باسم البيت الأبيض فإن اجتماعا مثل هذا يعقد بشأن أفغانستان كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع).

وفي الواقع، فإن هؤلاء الذين شهدوا اجتماعات يوم الاثنين يصفون بترايوس بأنه موهوب في الاختصار، وهو لا يقول المعلومات الجافة العادية فيما يتعلق بإحداثيات المعركة ـ كأن يخبر بعدد القتلى أو الأسرى ـ ولكنه يصف كيفية تفاعل التطورات العسكرية مع التطورات السياسية. وكما يقول أحد الأشخاص الذين يحضرون الجلسات: «إنه يلخص الموضوعات المهمة التي تحتاج إلى قرار، بدلا من الاهتمام بالجداول والمخططات».

وعلى الرغم من أن حب التدريبات الرياضية يجمع بين بوش وبترايوس، إلا أن المسؤولين في الإدارة يصفون العلاقة بينهما بأنها مهنية أكثر منها علاقة صداقة. وكما يقول غيتس: «إنه قائد ميداني يتعامل مع رئيس الولايات المتحدة. إنهما ليسا صديقين».

وربما يكون مثل هذا الخلاف قد طفا إلى السطح العام الماضي، عندما تغلب بترايوس على محاولة فوكس فالون, قائد القيادة المركزية الاميركية, الاستحواذ على أذن الرئيس فيما يتعلق باستراتيجية العراق. ويقول بعض من اطلع على تفاصيل ذلك، إن فالون كان متشككا في تعزيز القوات في العراق، وأنه رغب في إنهاء تدخل الولايات المتحدة بسرعة أكبر ـ ولكنه شعر بأنه في موقف حرج بعدما اتضح أن بوش فضل رأي بترايوس.

وأفاد بعض المسؤولين العسكريين بأنه كان من المعروف أن فالون يشير إلى بترايوس وغيره من القادة في العراق إلى أنهم «الأولاد» في بغداد، حيث كان يختلف معهم فيما يتعلق بالتخطيط العسكري وحجم الانسحاب وطريقته. وقد أبدى فالون وغيره من القادة العسكريين الكبار قلقهم في شهاداتهم أمام الكونغرس وخلف الأبواب المغلقة كذلك.

وقد أنكر بترايوس التقارير التي تشير إلى صراعه مع فالون، كما أفاد غيتس في سبتمبر (أيلول) الماضي بأن بترايوس وفالون ورؤساء الأركان «لهم وجهة نظر تحليلية مختلفة حول العراق، ولكنها كلها تنتهي إلى نتيجة واحدة».

وفي الأشهر التي تبعت ذلك الاجتماع في الكويت، دخلت بعض الشخصيات المهمة على الخط. وأشار غيتس إلى أنه يمكن أن يتقبل بعض «التوقف» بعد مقابلته بترايوس في بغداد خلال شهر فبراير(شباط) الماضي. ويبدو أن أعضاء رئاسة الأركان مستعدون لتقبل ذلك أيضا على الرغم من أنهم قلقون حيال الضغط الذي يسببه العراق على القوات الأميركية. وفي هذه الأثناء، استقال فالون فجأة في الشهر الماضي. ويقول بعض المسؤولين إن بترايوس له صلة وثيقة ببوش. وأبدى الرئيس نفاد صبره حيال القلق بشأن صحة القوات، وأخبر رئاسة الأركان بأنهم إذا كانوا قلقين حيال انهزام الجيش، فإن أسوأ شيء هو الخسارة في العراق، حسبما أفاد بعض الأشخاص المضطلعين على المحادثات. وحاول بترايوس الذي يعتبر نفسه جنرالا غير مهتم بالسياسة، تمثيل الحكم العسكري المستقل: وبدا دائماَ مترويا» بشأن العراق أكثر من بوش، كما أنه لن يدلي بشهادته هذا الأسبوع في البيت الأبيض ـ وهي الخطوة التي أثارت اندهاش الكثيرين في الدوائر العسكرية أثناء الخريف الماضي. ولكن الكولونيل لانس بيتروس وهو مؤرخ في ويست بوينت، يرى مصلحة مشتركة تربط الرئيس بالجنرال. وأفاد بقوله: «إن تاريخ بوش السياسي في خطر. إنه يريد أي شيء للنجاح في العراق. وبترايوس جنرال ونحن لا نستأجر الجنرالات ليفشلوا... إنهما على موجة واحدة، ولهما الأهداف نفسها. إنه التقاء المصالح وليس بالضرورة علاقة شخصية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»