عراقيون لـ«الشرق الاوسط»: صدام أفقدنا الحرية والخبز والذين جاءوا بعده أفقدونا الأمان

بعضهم سعيد بذهاب النظام السابق رغم سوء الأوضاع حاليا.. وآخرون يتحسرون

جنديان أميركيان ينظمان السير على جسر ببغداد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 («الشرق الأوسط»)
TT

لم تحلم ناجحة وهي صحافية متمرسة بأن تكتب كما تشاء، وفي أي مجال الا بعد ان سقط النظام السابق، فهي كما تقول كانت تملك رقيبا داخليا يمنعها من الكتابة في أي اتجاه تريده، في نفس الوقت الذي لم يمنعها احد من ذلك. وناجحة اليوم ترى ان ما تحقق من حرية في هذا المجال كان ثمنه باهظا جدا، فقد سقط اكثر من 200 صحافي كانوا فقط يريدون قول الحقيقة، وربما هم لم يقولوها بعد، والثمن ما زال يدفع كل يوم.

«الشرق الاوسط» توقفت هنا وهناك بحثا عن آراء حول ما مضى من الوقت عندما كان صدام حسين في اعلى السلطة، وهذا الوقت الذي ذهبت فيه اخر ذكرى له، وأيهما يفضل العراقي بعد خمس سنوات من التجربة الجديدة، غالبية من التقيناهم اجمعوا على ان صدام حسين افقدهم الحرية والخبز، وان الحكومات التي لحقت به افقدتهم الامان والثقة.

ازهار كامل، 37 سنة، ربة بيت ولديها طفلتان، تقول «لقد هجرنا من بيتنا في منطقة حي العامل بفعل الحرب الطائفية قبل عام تقريبا». وتضيف ان عائلتها تخشى العودة الى منزلها بعدما سرقت جميع محتوياته «ومن هنا اسأل: هل وقت صدام أفضل أم هذا الوقت؟ الجواب تجدونه في هجرتنا وفي بيتنا المسروق». لكن حاتم وهو ملازم في الجيش العراقي السابق لعن الزمن السابق على الرغم من ان اضرارا قد لحقت به بفعل حل الجيش، وقال «لقد دمر صدام حسين الجيش قبل ان يحل من قبل بول بريمر (الحاكم الأميركي)، فالجيش الذي لا يقوى على حمل السلاح ولا يتمتع برواتب مجزية نتيجة لتضحياته، حتما هناك من يريد له الخراب والموت، وهذا ما فعله صدام حسين بالجيش». ويؤيده في الكلام شخص جلس معه الى طاولة في مقهى وسط بغداد، قال «انا مدرس في احدى الثانويات في بغداد، كنت احاول ان اعيل عائلتي في الزمن السابق، ولم استطع حتى مع اعطائي للدروس الخصوصية.. لقد كانت رواتب الموظفين والمدرسين لا تتعدى الدولارين في الشهر الواحد فأي مأساة كنا نعيش، وكان هناك مئات الاشخاص من المقربين من الحكومة يعيشون في بحبوحة العيش التي كنا بعيدين عنها». واستطرد المدرس، الذي رفض ذكر اسمه قائلا: «ان الحكومة او الحكومات التي اعقبت سقوط النظام اخطأت في نواح كثيرة واصابت في بعضها، وانا اقول لو جعلوا الشعب يعيش بشكل مريح ماديا سيتوقف العنف وتنتظم الحياة في العراق، ولكن مع الاسف كل من جاء الى سدة الحكم يحاول ان يمنح نفسه ومقربيه حصة من الكعكة ويترك الشعب في طابور الانتظار».

أم محمد، 33 سنة، كانت تشتري بعض الحاجيات التي تحتاجها في البيت عندما توقفنا عندها لنسألها ان كان زمن صدام حسين هو الافضل أم الان؟ فقالت «الله يرحمه.. كنا نشعر بالامان، كنا نشعر بان هناك من سيقتص ممن يعتدي على حرمة بيوتنا، الان نخاف حتى ان نوجه شكوى ضد احد خوفا من ان يكون منتميا لأحد الاحزاب المتنفذة.. يا ريت تعود ايام صدام حتى لو عشنا برغيف خبز واحد يوميا».

احد موظفي وزارة الاسكان قال «لقد اعلنت الحكومة العراقية عن ميزانية عام 2008 ووصفتها بالانفجارية، حسبما اوردته بعض الصحف، وقدرتها بحوالي 48 مليار دولار. وتساءل الموظف كيف سيتمتع المواطن العراقي بهذا الانفجار المالي، وكلما سألنا عن زيادة الرواتب قالوا نخشى التضخم فهل التضخم لا يشمل رواتب المسؤولين انه سؤال فقط ولو سألتمونا عن صدام او المالكي او أي ممن تولى الحكم بعد السقوط نحن نختار هذا الوقت، على الرغم من اننا عانينا وما زلنا نعاني من الموت والقتل والتهجير وكل انواع العنف في العراق، ولكن انا استطيع ان اقول الان بأعلى صوتي ان الحكومة غير جيدة اذن انا املك حريتي ولا ادري حتى الان ان كانت الحكومة ستلقي القبض علي بعد هذا الكلام، لذا ارجو عدم ذكر اسمي».

عناد جبار، 47 عاما، بدأ حديثه قائلا: «أعتقد ان المشكلة في تعدد الاحزاب والسلطات، هذا ما فهمه صدام حسين ولم يفهمه الاخرون». واضاف «صدام كان مجنونا بنفسه، والحكومات التي اعقبته مجنونة بتقاسم المقاعد حسب العرق والطائفة، وكلاهما اخطأ بحق العراق، أنا اختار ان احكم بنفسي لمدة شهر واحد فقط وسوف ترون الى اين سأصل بالعراق». عفاف عبد الله، 39 عاما، أم لاربعة ابناء تقول ان صدام «لم يعرف كيف يدير البلاد ولم يعرف كيف يحافظ على الجيش ولم يعرف معنى الدبلوماسية في التعامل مع الامور الخارجية، ولذلك افقده زهوه بنفسه كل شيء حتى الشعب». احد سكنة منطقة الكفاح في بغداد وهو من الأكراد الفيليين قال: «كنت اتمنى ان ارى اعدام صدام حسين بنفسي لقد قتل اغلب اقاربي وشرد اخرين بتهمة الجنسية الفارسية، التي تعود الى عصور خلت، وهم عراقيون بالفعل، ولكن في نفس الوقت انا لا أدين بالولاء لأية حكومة جاءت بعده فجميع الحكومات لم تمنح الشعب حقه ولم تمنحه حق الحياة بحرية ورفاهية».