انتخابات المجالس المصرية اليوم: 90% من المقاعد حسمت بالتزكية للحزب الحاكم

منحت صلاحية المشاركة في تزكية المرشح لرئاسة الدولة.. والإخوان استبقوها بالمقاطعة لـ«عدم حياديتها»

TT

يتوجه ما يقرب من 35 مليون مصري اليوم للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات للمجالس المحلية بالمحافظات تجري عقب منحها صلاحية المشاركة في تزكية المرشح لرئاسية الدولة، فيما استبقتها دعوة من جماعة الإخوان بمقاطعتها بسبب عدم حياديتها، وشكاوى من أحزاب معارضة حول قيود على الترشح فيها.

ويتنافس على شغل 52 ألف مقعد في تلك المجالس نحو 57 ألف مرشح، من بينهم نحو 55 ألف مرشح ينتمون للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك، وأعداد أخرى من مرشحين مستقلين ومعارضين، فيما يُتوقع أن تجري انتخابات اليوم في هدوء نسبي، بعد أن قال مراقبون إن نحو 90% من مقاعد المحليات.. «حُسمت بالتزكية للحزب الحاكم، وسيتبعها فوز رمزي لبعض المعارضين الحزبيين».

وفي وقت فاجأت فيه جماعة الإخوان المسلمين، أكبر فصيل مصري معارض، المتابعين للانتخابات المحلية، بمقاطعتها، ودعوتها للناخبين لمقاطعتها، أمس، بعد أن كافح الآلاف من أعضائها لتسجيل أسمائهم في تلك الانتخابات، متهمة في بيان، الحكومة بعرقلة خوض أعضاء من الجماعة العملية الانتخابية بشكل سافر وتعرضهم للاعتقال، قال المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء (الحكومة) الدكتور مجدي راضي لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة لا تتدخل في العملية الانتخابية «لا من قريب ولا من بعيد»، وأنها «ستدرس قرار المقاطعة (الذي أعلنه الإخوان) وسترد عليه». وأكدت «الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية»، إحدى الجهات التي تتولى مراقبة الانتخابات، في تقرير لها، إن عدد المرشحين لانتخابات المحليات، على مستوى الجمهورية، بلغ 57 الفا و540 مرشحاً، وأن عدد المرشحين عن الحزب الوطني 52 الف مرشح و3000 مرشح مستقل، إضافة لمرشحين من أحزاب معارضة؛ بينهم 234 من حزب التجمع اليساري المعارض، و508 من حزب الوفد الليبرالي المعارض، إضافة لعدة أحزاب معارضة أخرى، كانت قد شكت هي الأخرى، لكن بدرجة أقل من شكاوى جماعة الإخوان، من قيود على إدراج أسماء أعضائها الراغبين في الترشح في الكشوف النهائية للمرشحين.

ودعت جماعة الإخوان المسلمين أمس، في بيان إعلامي استبقته بإعلان بصحف خاصة، الناخبين المصريين لمقاطعة انتخابات المحليات، قائلة إنها (الجماعة) لم تتمكن إلا من إدراج نحو 20 فقط من بين 10 آلاف كانت تريد الدفع بهم للترشح في الانتخابات المحلية، إذ وجَّه كل من مرشد الجماعة محمد مهدي عاكف، ونائب رئيس كتلة الإخوان في البرلمان، حسين إبراهيم، في بيانين منفصلين أمس، التحية لـ«نضال أفراد الجماعة والشعب المصري (الذين) ضحوا وأوذوا وصبروا ابتغاء وجه الله»، في إشارة إلى حملة الاعتقالات التي طالت نحو 500 من بين آلاف المرشحين وأنصارهم ممن كانوا يعدون أنفسهم لخوض انتخابات اليوم. وقال نائب أمين الكتلة الإخوانية في البرلمان، صبحي صالح، لـ«الشرق الأوسط» إن المبرر الأساسي للانسحاب من الانتخابات المحلية هو.. «الفساد السياسي والانحراف والبلطجة.. هذه أمور وصلت لحد لم يعد متصوراً». وأضاف «الحزب الحاكم وحكومته يعطلان الدستور ويعطلان الأحكام القضائية.. حصلنا في الأيام الأخيرة على نحو 7000 حكم من محاكم القضاء الإداري تقضي بإدراج أسماء المرشحين الإخوان في كشوف الترشح للانتخابات، ولم تنفذ.. وحصلنا على حوالي 1500 حكم، ومتوقع أن تصل لـ 3500 حكم قضائي بإبطال الانتخابات ولم تنفذ.. سنطعن في تشكيل المجالس المحلية إذا أعلن تشكيلها عقب انتهاء الانتخابات، لأنها ستكون باطلة، وأي قرار خرج منها سيكون باطلاً».

وشهدت محافظة البحيرة (غرب)، وهي واحدة من محافظات بالدلتا (شمال) والصعيد (جنوب) مظاهرات إخوانية واعتقالات في صفوف الجماعة. وأبلغ مسؤول ملف مرشحي الإخوان في اتصال بـ«الشرق الأوسط» أمس أن مرشحي الجماعة بالبحيرة وعددهم 750 لم يدرج اسم أي منهم في الكشوف النهائية للانتخابات.. «نحذر، كما حذرنا من قبل، من أن تؤدي حالة الاحتقان إلى انفجار شعبي».

وأبدى رئيس الحزب العربي الاشتراكي، وحيد الأقصري، خيبة أمله في العملية الانتخابية المقرر لها اليوم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أردنا ترشيح 430 من أعضاء الحزب بالمحافظات في الانتخابات، لكن العدد الذي تم إدراجه في الكشوف لم يزد عن 12 بسبب عراقيل إدارية.. سنخوض الانتخابات بهذا العدد القليل لنكشف عن التزوير.. نريد انتخابات حرة».

وقلَّل رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان، بهي الدين حسن، من أهمية انتخابات اليوم قائلاً إن 90% منها تقريباًَ فازوا بالتزكية. وأضاف: «لسنا، غداً (اليوم)، بصدد انتخابات، بل عملية تعيين للمجالس المحلية تأخذ شكلاً زائفاً في مسمى انتخابات.. بفضل الإجراءات الحكومية أصبح 90% منها تقريبا يشبه التعيين لا الانتخاب»، مشيراً إلى أن انتخابات اليوم «ستجري بشكل محدود في مدن وقرى بما قد يسمح بفوز رمزي لبعض أحزاب المعارضة بما يضفي مشروعية على هذه الانتخابات».

وعن اتهام جماعة الإخوان للحكومة بالتدخل في العملية الانتخابية، ومنع مرشحيها من تسجيل أسمائهم في الكشوف الانتخابية، قال الدكتور مجدي راضي، المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة لا تتدخل في العملية الانتخابية، مشيراً إلى أن تدخلها تنظيمي فقط.. «من جانب وزارتي الداخلية والتنمية المحلية، من (حيث تتولى كل منهما) إعداد أماكن الانتخابات بطريقة صحيحة وإعداد الصناديق الزجاجية وتشارك في ذلك وزارة العدل من أجل الإشراف القضائي وعمليات فرز الأصوات، لكن، نحن كحكومة، لا نتدخل في جوهر الانتخابات من قريب أو من بعيد». وحول تأثير قرار جماعة الإخوان بمقاطعة الانتخابات على العملية الانتخابية في مجملها، قال المتحدث المصري: «لم تصلنا تفاصيل ما أعلنوه بعد.. حين يصلنا سندرسه ونرد عليه». وكانت انتخابات المجالس المحلية مقررة عام 2006 إلا أن الحكومة طلبت من البرلمان إرجاءها لمدة عامين عقب فوز جماعة الإخوان عام 2005 بـ20% من مقاعد مجلس الشعب (المجلس الأول بالبرلمان). وعلى الرغم من ضآلة اختصاصات المجالس المحلية، إلا أن تعديلاً دستورياً أجرى عام 2005 أعطى اختصاصاً لأعضائها بتزكية مَنْ يريد من السياسيين المستقلين المنافسة على مقعد رئيس الدولة في أيِّ انتخابات رئاسية مقبلة (مقرر لها عام 2011)، إلى جانب تزكية من أعضاءِ مجلس الشعب ومجلس الشورى (المجلس الثاني للبرلمان).

على صعيد متصل، توقع مرشحون ومراقبون للانتخابات المحلية أن تجري انتخابات اليوم في هدوء نسبي مقارنة بأيام انتخابات البرلمان الصاخبة التي وقعت فيها أعمال عنف عامي 2005 (مجلس الشعب، فاز فيها 88 إخوانياً) و2007 (مجلس الشورى، لم يفز فيها أيٌّ من الإخوان)، إذ قالت ألفت محمد، وهي واحدة من مراقبي الانتخابات بالقاهرة، التابعة لـ«الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية»، إن غالبية المرشحين في دوائر القاهرة هم من الحزب الحاكم..«لا توجد دعاية انتخابية لمرشحي المعارضة.. جميع اللافتات الانتخابية هنا لمرشحي الحزب الوطني».

وفي محافظة مطروح (غرب)، توقع المرشح المستقل للانتخابات عن مجلس محلي مدينة مرسى مطروح، يوسف خير الله، سير العملية الانتخابية من «دون مشاكل»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه ينافس 74 مرشحاً غالبيتهم من الحزب الحاكم على 24 مقعداً..«على مدى الأيام الأخيرة للدعاية الانتخابية لم يكن من المسموح تعليق لافتات لمرشحين لا ينتمون للحزب الوطني.. تم تمزيق اللافتات العشر التي علقها مرشحون مستقلون لا نعرف من يقف وراء هذا السلوك».