جدة باراك أوباما فخورة بحفيدها وتقول إن وصوله إلى البيت الأبيض لن يغيرَ حياتها

«الشرق الاوسط» تزور قرية كيسومو وتلتقي بعائلة المرشح الديمقراطي للانتخابات الأميركية

جدة باراك أوباما في منزلها في كيسومو («الشرق الأوسط»)
TT

وقفت امرأة كبيرة في السن ترتدي ثوباً برتقالياً فضفاضاً وتلف شعرها بقطعة قماش من اللون نفسه، أمام مدخل منزل متواضع ناءٍ، بابه ستارة وحديقته زريبة للأبقار والدواجن. وجهها يروي سنوات عمرها الذي ناهز السادسة والثمانين، ولكنه لا يزال نضرا خاليا من التجاعيد. بدت الجدة سارا من بعيد امرأة مشاكسة نظراتها مركزة على زوار جدد مدججين بالكاميرات والأجهزة الحديثة، جاؤوا لتعكير هدوئها والتطفل على صور عائلتها الخاصة واستنطاقها حول حفيدها الذي تحول نجما في الولايات المتحدة. سارا هي جدة باراك اوباما، المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الاميركية. تعيش في بلدة كيسومو الكينية التي تقع على الحدود مع اوغندا.

الوصول الى البلدة لم يكن سهلا. فالطريق متعرج بدائي مليء بالمطبات. ومنظر الأبنية المحترقة التي تمتد على طول «شارع باراك أوباما»، يتحدث عن الفظائع التي شهدتها كيسومو بعد الانتخابات الرئاسية. منزل سارا شبيه بمحيطه. متواضع صغير وطلاؤه قديم. في الداخل، حيطانه مكتظة بصور قديمة للعائلة يبدو في الكثير منها اوباما، شاباً أشعث الشعر، يعانق جدته او يجلس بالقرب من أفراد عائلته الكبيرة. وفي وسط تلك الصور القديمة بالأسود والأبيض، يرتفع ملصق انتخابي ملون بالازرق بدا دخيلا، وكأنه قادم من عالم آخر، يقول «باراك اوباما للرئاسة 2008».

في ذلك اليوم، التقينا بعمة اوباما مرسات التي تعيش في العاصمة الكينية نيروبي، تزور الجدة سارا. وكان في المنزل الصغير أيضا عمه سعيد يرافقه شاب يدعى نيكولاس، أحد أقارب باراك. قلبنا معاً صفحات مجلدات صور قديمة بحثا عن النجم الاميركي. وجدنا صورا له وهو طفل ممتلئ الجسم، يحيط به والده الكيني ووالدته الاميركية البيضاء، وهم يجلسون أمام شجرة الميلاد.

روت لنا الجدة سارا ان والده توفيَّ عام 1982. وأخذتنا في وقت لاحق لزيارة قبره. وأخبرتنا أيضا ان والدته توفيت هي الاخرى عام 1999، ليتركا باراك مع جدته الأميركية. لم تعرف الجدة كيف توفيت والدة حفيدها. كل ما تعرفه انها كانت مريضة، ربما عانت من ارتفاع ضغط الدم. وعلى الرغم من أن باراك لم يكبر مع جدته سارا، الا انه كان يزورها باستمرار، وزارته هي ايضا في الولايات المتحدة. «عرفته منذ صغره، كان يزورنا هنا وانا ذهبت لزيارته في أميركا. سعيد ونيكولاس زاراه أيضا.. كانت تصلني اخباره دائما وكان الناس يخبرونني عن التقدم الكبير الذي يحرزه»، قالت الجدة سارا.

في صورة أخرى، بدت ميشيل زوجة أوباما الحالية، الى جانبه. قالت لنا الجدة انه أحضرها ليعرفها على عائلته قبل زواجهما: «جاء بها الى هنا عام 1987 ليقدمها لنا وأنا اعطيت موافقتي على زواجهما.. بدا انهما يحبان بعضهما بعضاً كثيرا، وكنت أرى عمق حبهما.. كانت ميشيل أنيقة وذكية». قبل الزفاف، تلقت سارا والعمة مرسات دعوة لحضور الزفاف ولم تتمكنا من الذهاب بسبب مرض الجدة. ولكنهما تأملان التمكن من الذهاب الى حفلة تنصيب باراك، في حال فاز في الانتخابات. «أشعر بفخرٍ كبيرٍ وأتمنى له الافضل»، تقول الجدة. وتضيف: «وصوله الى البيت الأبيض سيجعلنا نفخر به كثيرا ولكنه لن يغير شيئا في حياتنا».

وانتقل بنا الحديث الى موضوع أثار جدلا كبيرا في الولايات المتحدة: ديانة اوباما والإشاعات عن أنه مسلم. وشرعت سارا تخبرنا: «جد باراك كان مسلما متدينا يمارس طقوسه ولكن والده لم يكن يمارس الطقوس الدينية على الرغم من أنه كان مسلما. اما باراك حفيدي فقد اعتنق المسيحية، ديانة والدته وتزوج في الكنيسة بشيكاغو». وتابعت عنها العمة مرسات تقول: «عائلة أوباما مسلمة. انا مسلمة وسعيد والجدة سارا كذلك. ولكن السناتور باراك مسيحي». شرحت لنا ان اسم باراك يعني أنه مبارك من الله... اسم يبدو أيضا انه ابن بيئته. فالعائلة تعيش حياة بدائية وتربي الابقار والدواجن... باختصار هي تعيش على بركة الله! غادرنا المكان وودعنا الجدة سارا وافراد العائلة.. عائلة تغيرت حياتها وأصبحت نجمة هي الاخرى منذ سطوع نجم المرشح أوباما، على الرغم من انها لا تزال تعيش حياة بدائية.