لبنان: مبادرة بري تنتظر بلورة الوضع الإقليمي وفريق «14 آذار» ينقسم بين مرحب بها ومشكك

TT

استمر الترقب سيد الموقف في بيروت بانتظار بلورة صورة الوضع الاقليمي الذي يبني عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في مبادرته الجديدة للحوار التي انقسم حولها فريق «14 آذار» بين مرحب بحذر ومشكك في تحرك رئيس المجلس. وكان بري عاد ليل اول من امس من دمشق وتابع التحضيرات لجولته العربية. وقد التقى امس ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي الذي نقل اليه رسالة من الرئيس محمود عباس. واعتبر انه «في حال العمل على المقاربات بين الجهود التي تبذل على اكثر من صعيد لرأب الصدع اللبناني واخراج لبنان من مأزقه الراهن هناك امل كبير. وقد شعرت بارتياح الى نتائج جولات الرئيس بري».

والتقى بري نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي الذي ذكر ان «اهتمام دولة الرئيس ينصب على كيفية دفع الامور باتجاه الحوار الوطني لتوفير اجواء ايجابية لمناخ آخر وتهيئة البلاد للاجواء الانتخابية في الاشهر المقبلة، لانه لا يجوز تحت اي شعار ان تأتي هذه المرحلة ويفقد البلد آخر معقل من معاقل الحياة الدستورية والبرلمانية. وهذا يتطلب وفاقا سياسيا يهيئ البلد لاجراء انتخابات نيابية. التي في نهاية الامر تخدم القضية الاسمى التي هي انقاذ البلد».

وفي الاطار نفسه، أكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى ان التوافق في الداخل «أساسي في هذه المرحلة، لأن هناك خلافات سياسية يجب حلها من خلال توافق لبناني ـ لبناني. لكن يجب تأمين مظلة مسهلة لهذه الحلول تزيل المعوقات من امام هذا الحوار اللبناني». واشار الى ان جولة الرئيس بري هي «من اجل ايجاد مناخ مناسب بين الفرقاء على التوافق لتسهيل الأمور في لبنان». وقال: «طبعا هناك خلافات عربية ـ عربية كبيرة وهناك ملفات ساخنة في المنطقة، لكن المطلوب اليوم هو جعل اللبنانيين قادرين على بلورة حلول في ما بينهم. والمطلوب اليوم من كل الاخوة الذين يريدون مساعدة لبنان ان يسهلوا هذه المهمة».

ورأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ان «زيارة الرئيس بري الى دمشق بداية خير للتفاؤل». وقال: «التعاون مع دمشق يعالج الكثير من الأمور. لذلك لا نقبل ان تلقى هذه المبادرة التشنج، فهي مبادرة ايجابية يجب دعمها والتجاوب معها. ولا يحق لأي إنسان ان يرفضها لأنها تعزز جلسات الحوار. ومن لا يريد ان يحضر فهذا شأنه». ودعا الرئيس بري الى «استكمال جولته بزيارة الى المملكة العربية السعودية في اقرب وقت حتى تؤدي لقاءاته وتحركاته إلى حل مشاكل لبنان تمهيدا لوصول هذا الوطن إلى شاطىء الأمان والاستقرار». كما دعا الموالاة والمعارضة الى «المساعدة في الحوار والمشاركة فيه والعمل مع الرئيس بري للوصول الى حل الأزمة السياسية في لبنان من خلال الحوار».

ورحب رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس السابق امين الجميل بجولتي الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة وقال: «من الواضح ان البلد هو في مأزق كبير. ولمواجهة هذا المأزق لا بد ان لا نبقى مكتوفي الأيدي. هذا البلد بلدنا وأيا تكن الصعوبات في النهاية سنعود للعيش معا». ودعا الى «عدم القبول بأن يبقى الوضع على ما هو عليه، فهذه الحرب التي تشن على لبنان بنوع جديد يتمثل بتعطيل المؤسسات لها تأثير مدمر وكأن هذا البلد ذاهب نحو الانتحار. من هنا نعتبر انه لا بد من القيام بأي جهد، وما يقوم به الرئيس بري مشكور وكذلك الأمر الرئيس السنيورة، والتحرك في الخارج هو في غاية الأهمية إنما يقتضي ان يترافق كذلك بالحد الأدنى من التحرك الداخلي. وعلى القيادات ان تفتش عن القواسم المشتركة التي يمكن ان تؤدي الى بداية حل».

ورحب «التكتل الطرابلسي» الذي يضم النواب محمد الصفدي ومحمد كباره وموريس فاضل وقاسم عبد العزيز بـ«أي مسعى صادق لحل الازمة في لبنان بما يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء انتخابات نيابية على اساس قانون يحظى بتأييد غالبية اللبنانيين وفقاً لمضمون المبادرة العربية». وطالب بـ«اجراء الحوار وفقاً لجدول اعمال واضح تتوافق عليه القوى السياسية الممثلة في طاولة الحوار على قاعدة الالتزام بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً من مقررات».

واعتبر ان ما نقله الرئيس بري عن الرئيس السوري بشار الاسد من ان سورية تلتزم مقررات طاولة الحوار التي عقدت في العام 2006 «هو كلام ايجابي يشجع على التفاهم بين الدولتين، لكنه يحتاج الى ترجمة فعلية تؤسس لعلاقات متوازنة وندية بين لبنان وسورية على قاعدة الاحترام المتبادل لسيادة البلدين واستقلالهما ومصالحهما. والشعب اللبناني ينتظر من سورية ان تبادر الى تنفيذ اي بند من البنود التي اقرتها طاولة الحوار بالنسبة الى العلاقات مع سورية».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علوش «ان جولات رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة لن تغير المعادلة اللبنانية» مشيراً الى «ان كل فريق يحاول رص الصفوف وجمع التأييد لموقفه».

اما النائب مصطفى هاشم (المستقبل) فاعتبر ان «كل هذه المحاولات هي مجرد مضيعة للوقت، مع التأكيد انه كان يجدر بالرئيس بري ان يطلب فورا تطبيق النقاط التي تم الاتفاق عليها في مؤتمري الحوار، ومن ثم فتح باب المجلس وانتخاب الرئيس وإطلاق عجلة الحوار الحقيقية حول الحكومة بالاستشارات النيابية الملزمة، والا فإن كل ذلك هو مضيعة للوقت ولعب على الالفاظ والاوقات بانتظار مرحلة ما يربطها التحالف السوري ـ الايراني بالانتخابات الاميركية وخروج (الرئيس جورج) بوش، اي ان تبقى الامور معلقة الى حينها. وهذا يعني ان النوايا ليست صادقة وموضع شك وتثير الريبة وتجعل من طارحي المبادرات اطرافا ليس الا».