عراقيون شاركوا في إسقاط تمثال صدام: كنا نتوقع ظهور القوات العراقية في أية لحظة

أحدهم ضرب التمثال ويتمنى اليوم تقبيله.. وآخر يفخر بأن مطرقته الأولى التي هوت عليه

TT

كاظم عضلة أو كاظم ياباني، هذا ما يُعرفُ به بطل العراق وآسيا والرابع على مستوى العالم في ألعاب القوة البدنية. وليس هناك أحد قريب من محل عمله يعرفه بغير تلك الأسماء، فالمعرض الكبير والمتخصص في بيع أحدث أنواع الدراجات النارية وصيانتها، أكسبه شهرة واسعة في هذا المجال. كما أن ولَعَهُ باقتناء اليابانية منها جعله يحمل لقب كاظم ياباني.

وستفاجأ لدى دخولك الورشة والمعرض بأن هناك صالة كبيرة لبناء الأجسام، والتي تعد الأحدثَ على مستوى بغداد مليئة بالميداليات والكؤوس التي حَصَلَ عليها كاظم من وراء مشاركاته المحلية والعربية والدولية، الأمر الذي أكسبه لقب «كاظم عضلة».

وإضافة إلى ذلك، يدّعي كاظم بأنه حمل أول مطرقة هوت على تمثال صدام حسين، الرئيس العراقي السابق، وسط بغداد، ومعه أعلن رسمياً سقوط العاصمة العراقية.

«الشرق الأوسط» كانت لها فرصة للقاء هذه الشخصية ذات التركيب الثلاثي (رياضية ومهنية وسياسية)، وتحدثنا مع كاظم بصفته «السياسية»، وهنا تبسم كاظم، وقال «نعم هذا أمر عملناه، وأنا كنت أول من تجرأ وضرب تمثال صدام يوم 9 ابريل (نيسان)». واضاف كاظم «كانت حينها الأوضاع ما زالت مجهولة، فلم تكن هناك بوادر لسقوط بغداد، ولم تأت كامل القوات الأميركية لها.. لكننا رأينا بعض الدبابات في الساحة وأيضا (همرات) توقفت بالقرب منها ومن فندقي الشيراتون وفلسطين ميليا القريبين من الساحة». وقال كاظم «أنا وجميع أهالي المنطقة كنا نسمع الأخبارَ وكنا نسمع سقوط المدن العراقية، واحدة تلو الأخرى، وكان هناك ترقبٌ لسقوط نظام يعلمُ الجميع انه نظام دكتاتوري قمعي جثا على صدورنا، فكانت الأمنيات تتجه لحصول هذا الأمر، وهذا ما يفسر أني كنت أحمل المطرقة بيدي وكنت أول من تجرأ وضربه ومن دون خوف». وقال «ولو التاريخ رجع للوراء وحدث ذات الأمر، فأقول نعم أنا سأكون أيضا من بين أول من يهوي على تمثال الطاغية بمطرقته، وحتى سأضاعف عدد ضرباتي وهذا شيء أكيد ولا أتراجع عنه. أنا لم أدفع من قبل جهة ولم أبحث عن شهرة أو ما شابه ذلك بل كان هناك شيء بداخلي، والذي أردته عملته. وجميع مَنْ كان في الساحة واحتفل بسقوط التمثال هم من أهالي المنطقة ورجال إعلام».

من جانبه، يقول نبيل أحمد، يعمل حلاق بالقرب من ساحة الفردوس ايضا. وكان شاهداً آخرَ على سقوط التمثال، في حديثه لـ«الشرق الاوسط» إن «الحذاء العسكري وهو جزء من التمثال بقيَّ عالقاً في القاعدة بعد ان سحبت دبابة أميركية التمثال، وكنا نخشى ان تظهر القوات العراقية وتدافع عن سقوط التمثال لكن شيئاً من ذلك لم يحدث عندها تأكدنا ان النظام لن يعود مجدداً».

من جهته، يقول ابراهيم خليل في الذكرى الخامسة لاجتياح بغداد وسقوط النظام فور انزال تمثال ضخم للرئيس السابق صدام حسين في ساحة الفردوس، انه شارك في ضرب التمثال لكنه يتمنى اليوم «لو يعود الزمن الى الوراء لاحتضنه بالقبلات وأحافظ عليه اكثر من نفسي».

ويضيف خليل وكنيته ابو طه (45 عاما) ان «معظم من شارك معي في ضرب تمثال صدام، يؤيدون رأيي هذا (..) صرنا نتحسر على رحيله ونتمنى بقاءه نظرا لما يحدث في بلادنا حاليا». ويتابع سرد الاحداث قائلا: «تجمع العشرات عند ساحة الفردوس وكانت هناك دبابات اميركية من قوات المارينز (...)، حاولنا تسلق قاعدة وضع عليها تمثال صدام، لكن وصلت قلة منا وبصعوبة». ويضيف ان «الجنود ساعدونا باعطائنا حبلا لوضعه حول عنق التمثال لسحبه باحدى عرباتهم، لكن الحبل انقطع، فقدموا سلكا معدنيا ووضعه اخي كاظم حول العنق مجددا وسحبته دبابة اميركية فانقطع رأس التمثال». واكد ابو طه، ان «العشرات تجمعوا حول رأس التمثال لضربه بالاحذية لدى تدحرجه على الارض». ويعتبر ذلك اليوم مع وصول قوات اميركية وإسقاط التمثال بمشاركة جنود من المارينز، رمزا لسقوط صدام حسين ونظامه. ويصف ابو طه لوكالة الصحافة الفرنسية الامر بأنه «يوم تاريخي شعرت بالولادة من جديد، وانا اسحب تمثال صدام حسين على الارض واشبعه ضربا بالحذاء». ويضيف ان «معظم العراقيين كانوا يتمنون القيام بذلك لان الجميع كان يعاني من نظام صدام».

ويؤكد ابو طه، بينما كان يرقب الساحة التي بدت متواضعة جدا باحتضانها تمثالا صغيرا يرمز الى الحرية صنعه فنانون شبان، انه «يدرك تماما الان ان يوم سقوط بغداد كان يوما اسود».

ويقول «اين وعود (الرئيس الاميركي جورج) بوش بجعل العراق بين افضل بلدان العالم (...) فمعظمنا يترحم على ايام صدام، وكانت الامور افضل لو بقي، فقد كنا نشعر بالأمان لكنه رحل وجاءنا خمسون صداما». ويتابع ابو طه بينما كانت دورية اميركية تمر قرب المكان «نحمل مسدساتنا عندما نخرج من منازلنا. نحن خائفون من القتل في كل لحظة».