شباب لبنان يرفضون أن يعودوا وقودا لأمراء الحرب

المفتي قباني يحذر من أجواء فتنة وقبلان يسأل عن إعادة التسلح في الشوارع

TT

«تنذكر وما تنعاد»، عبارة يفاتحك بها اللبنانيون لدى سؤالهم عن ذكرى الحرب الأهلية التي اندلعت في 13 ابريل (نيسان) 1975 مع حادثة «البوسطة» الشهيرة، بعد أن قامت مجموعات مسلحة بإطلاق النار في منطقة عين الرمانة في ضاحية بيروت الجنوبية، على باص كان يقل فلسطينيين انذاك. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم عرف لبنان محطات دامية، ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء. «علينا ان نتصارح لنتصالح»، شعار يطيب لجيل الشباب ان يردده. معظمهم لم يعرفوا الحرب الا من حكايات الاهل. لكنهم ومن اجل هذا الهدف ينضوون تحت جناح مؤسسات المجتمع المدني، ويساهمون في التحضير لنشاطات في يوم الذكرى. وتحت عنوان «وحدتنا خلاصنا»، تتشارك 64 جمعية في نشاط يهدف الى تخطي واقع الانقسامات.

تنطلق الحملة اليوم عند الثالثة بعد الظهر بمسيرة يتقدمها معوّقو الحرب من منطقة مار مخايل في الشياح، وصولا الى وسط بيروت مرورا بعدة مناطق حيث ينضم من يشاء من المواطنين الى المسيرة التي تنتهي بإقامة دعاء لخلاص لبنان تشترك فيه جميع الطوائف، فوق الأسلاك الشائكة التي تفصل ساحتي رياض الصلح والشهداء، اللتين تفصلان بدورهما قوى 8 و 14 اذار السياسية بعضها عن بعض.

جامعة القديس يوسف في بيروت التي شاركت في هذا النشاط، اقامت في حرم كلية العلوم الإنسانية ندوة تحت عنوان «ذاكرة الحرب»، هدفها تذكير اللبنانيين بالحرب ومآسيها وتوعيتهم بالاخطار التي تحدق بوطنهم.

شارك في الندوة الدكتور باسكال مونان رئيس قسم الاتصالات والإعلام في الجامعة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على امتداد تاريخه عرف لبنان فترات حرب وفترات سلم. صحيح ان الحرب الأهلية توقفت، الا ان السلام لم يحل بعد 33 عاما، فعديدون هم الأشخاص الذين يحاولون عن قصد او غير قصد، ادخالنا في حرب جديدة». ويضيف «نحن نعيش حربا باردة بين لبنانين، بدأت تترجم بشراء الأسلحة وإقفال المؤسسات ووضع اقتصادي ومعيشي صعب. أعتقد انه يحق لنا ان نسأل: هل ذاكرتنا قصيرة؟ هل تاريخ لبنان سيبقى يعيد نفسه الى الأبد؟».

نشاط آخر تشهده المناسبة من تنظيم الفنانة ندى صحناوي يحمل عنوان «ألم يكفنا الاختباء 15 سنة في الحمامات»، في إشارة إلى الأمكنة التي كان يظنها اللبنانيون أكثر أمانا ويلجأون اليها في عز احتدام عمليات القصف المدفعي. ويتضمن هذا النشاط الذي يستمر من الاحد 13 ابريل (نيسان) الى 27 منه، احتفالات في الهواء الطلق في وسط بيروت يحييها الفنانان زياد سحاب وشربل روحانا. وفي حين ستجوب سيارات «دفن الموتى» شوارع العاصمة وهي تحمل شعارات «خلص للموت والعنف والأكفان»، يجمع الشباب اللبنانيون على أهمية العيش المشترك، فيقول الطالب الجامعي طلال: «يجب تسجيل مفارقة بين 13 نيسان 1975 و 13 نيسان 2008 الذي يجب اعتباره بداية طريق طويل نحو المستقبل يقوم على تقبل الاختلاف. وعلى المواطن اللبناني ان يتذكر ايام الحرب الأهلية، ويسأل نفسه هل هو مستعد ان يعيشها؟».

من جانب اخر، حذر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني من «اجواء فتنة يحاول العدو الصهيوني زرعها بين الطوائف اللبنانية». وحض اللبنانيين على «رأب الصدع حتى لا يكونوا ادارة فتنة في ما بينهم». في حين سأل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان عن سبب اعادة التسلح في الشوارع والأزقة. ودعا السياسيين الى «التبصر في أوضاع وطنهم، واعطاء الناس جرعات من الامل، والكف عن الحقن الطائفي».

واكد المفتي قباني «إن ذكرى 13 نيسان 1975 التي ولت لا يجوز أن تعود، وأن وعي اللبنانيين اليوم وحكمتهم لن يسمحا بتكرار تجربة الحرب الأهلية الأليمة»، محذرا من «أجواء الفتنة التي يحاول العدو الصهيوني بثها».