مجلس المستشارين يصادق للمرة الثانية بالإجماع على قانون محاكمة الوزراء

عقب اعتراض المجلس الدستوري على بعض فصوله

TT

صادق مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، مساء أول من أمس، بالإجماع، على مشاريع قوانين تنظيمية، تخص احداث المحكمة العليا لمحاكمة الوزراء، والتصريح بالممتلكات الخاصة بالبرلمانيين، قبل وعقب انتهاء مدة انتدابهم، وتصريح أعضاء المجلس الدستوري، بدورهم بممتلكاتهم.

وتعد هذه المرة الثانية التي يناقش ويصادق فيها مجلس المستشارين على تلك القوانين، إذ اعترض المجلس الدستوري، على بعض الفصول المتضمنة في القوانين الصادرة واعتبرها غير مطابقة للدستور، وذلك وفقا للمهمة المنوطة به، مما دفع الحكومة الى إعادة صياغة تلك البنود، باعتماد ملاحظات المجلس الدستوري، ووضعها على أنظار البرلمان، لحيازة التصديق النهائي.

وقال سعد العلمي، وزير العلاقات مع البرلمان المغربي، إن دستور بلاده يتضمن أحكاما تتعلق بالمحكمة العليا لمحاكمة الوزراء، إذ ينص الفصل 88 على أن أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم، ويخول الفصلان 89 و90 الاختصاص في توجيه الاتهام للوزراء لمجلسي البرلمان، كما يحددان كيفية توفر النصاب الضروري لتوجيه الاتهام، والمسطرة (الاجراءات) البرلمانية التي تمكن من الاحالة على المحكمة العليا.

وأكد العلمي أن الفصل 91 ينص على أن المحكمة العليا لمحاكمة الوزراء، تتألف من أعضاء ينتخب نصفهم من بين أعضاء مجلس النواب، ونصفهم الآخر من بين أعضاء مجلس المستشارين، ويعين رئيسها بأمر ملكي، فيما يحيل الفصل 92 على قانون تنظيمي، يتم بموجبه تحديد عدد أعضاء المحكمة العليا وكيفية انتخابهم والإجراءات التي يتعين اتباعها أمام الهيئة الدستورية.

وأوضح العلمي أن اعتراض المجلس الدستوري، جاء بناء على استثناء رئيس المحكمة العليا ورئيس لجنة التحقيق من التجريح القانوني الاعتراض عليهما من قبل الوزير المتهم في قضية ما، وبالتالي يمكن للمعني بالأمر الاعتراض ليس فقط على هيئة المحكمة ولجنة التحقيق، ولكن حتى على رئيسيهما، انسجاما مع روح الدستور الذي يعتبر المواطنين سواسية أمام القانون.

ومن جهته، قال مستشار باسم الفرق النيابية للغالبية الحكومية، إن هذا القانون الذي ينظم كيفية محاكمة الوزراء، يدخل في صلب بناء دولة الحق والقانون، وتنظيم قواعد المساءلة القانونية للوزراء في حالة ارتكابهم جرائم، مشيرا الى أن التصديق على القانون، يعد إضافة لبنة جديدة في مسار الديمقراطية بالمغرب.

وفي نفس السياق، انتقد مستشار باسم الفرق النيابية لأحزاب المعارضة، تأخر الحكومة في عرض قانون محاكمة الوزراء، رغم تضمن الدستور إشارات واضحة في هذا الباب، معتبرا أن الاشكال لا يكمن في إصدار القانون، بل في تطبيقه، موضحا أن أول وآخر محاكمة للوزراء بالمغرب جرت عام 1971 بمحكمة العدل الخاصة، التي تم حلها، وهي المحاكمة التي كشفت حينئذ وجه الفساد، وانتشار الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ، ونهب المال العام، غير انها كانت محاكمات لذر الرماد في العيون، على حد قول المستشار، مستندا في ذلك الى استمرار ما وصفه تخريب المجتمع بالمفسدين الكبار، وتوغلهم في جميع المؤسسات من دون مساءلة ولا مراقبة ولاعقاب.

وفي موضوع ذي صلة، قدم الوزير العلمي توضيحات حول تصريح البرلمانيين بممتلكاتهم، وتصريح أعضاء المجلس الدستوري، قبل وبعد انتهاء مهامهم، وقال بهذا الخصوص «إن التصريح بالممتلكات أضحى في التقاليد الديمقراطية، شرطا ضروريا تقتضيه الممارسة الديمقراطية، وسلوكا معتادا ينتهجه الفاعلون السياسيون، تكريسا لمبادئ النزاهة وتعزيزا لشروط الحكامة الرشيدة»، مبرزا أن حكومة عباس الفاسي رئيس الوزراء، تواصل تنفيذ مخطط الاصلاح وتخليق الحياة العامة.