الوثائق السرية البريطانية: واشنطن : السادات أنشأ علاقة دافئة مع بيغن .. والغريب مع وايزمان أيضا

قالت إن الأسد سيلحق بالركب ولكن بعد أن يصعد الدخان

الرئيس المصري السادات مخاطبا الكنيست
TT

* وثيقة رقم : 110

* التاريخ : 25 نوفمبر 1977

* من : جاي ـ السفارة البريطانية واشنطن

* الى : الخارجية، سري للغاية، صورة بأسبقية الى عمان، بيروت، جدة، القاهرة، تل أبيب، نيويورك، موسكو، باريس .

* الموضوع : زيارة السادات للقدس.

1 ـ جواندت أخبرنا اليوم أن الحساب الذي خرج به الأميركيون تلقوه من الإسرائيليين والمصريين بروايات متوافقة. وأهم النقاط كانت:

(أ) لم يكن هناك متسع من الوقت للدخول في التفاصيل .

(ب) السادات لم يكن راغبا في الحديث عن الإجراءات، وركز على الحاجة الى التحضير المتقن للقضايا والمواد قبل اجتماع جنيف.

(ج) السادات وضع المسألة الفلسطينية عالية في الأجندة ولم يحدث اتفاق حول التمثيل الفلسطيني في جنيف.

(د) رفض السادات، لحظة الحديث عن شؤون الأمن الإسرائيلي، قبول الرؤية الإسرائيلية حول الحدود المحمية.

(هـ) السادات أنشأ علاقة دافئة مع مناحيم بيغن، ومن (المستغرب) مع وايزمان.

(و) الإسرائيليون قالوها صريحة بأن من الممكن إعطاء السادات صفقة منفصلة حول سيناء متى ما أراد ذلك، ولم يتجاوب السادات مع الطرح.

(ز) جواندت قال إن الجانبين اعترفا بأنهما لم يفعلا أكثر من ملامسة السطح، وطلبا من الأميركيين مباركة تبادل للآراء أكثر بينهما، وأن يكونوا أكثر صبرا قبل قرع الطبول للقاء جنيف. كلا الجانبين اتفقا على أن تسوية شاملة مطلوبة، ولكن أيهما لا يرى أن اجتماعا عاجلا في جنيف أمر ضروري.

3 ـ جواندت علق بالقول إن السادات قرر تحديدا الى أين يريد أن يذهب، وحديثه أمام مجلس الشعب يوم 26 نوفمبر يعطي مؤشرا لذلك، والأميركيون صريحون هنا ورأيهم أنه لم يستبعد الخيار العسكري، ولكن من الواضح أنه يفكر بأنه يمكن أن يصنع تقدما ملموسا عبر المفاوضات نيابة عن العرب. ومن غير المحتمل أن يحصل على تفويض من السوريين، ولكن ذلك لن يمنعه من استكشاف ما يمكن أن يقدمه الإسرائيليون. وفي هذه المرحلة، ربما يرى السادات مصلحة ضئيلة في مشاركة سورية، ويفترض أن الاسد سيلحق بالركب بعد أن يصعد الدخان.

ويعتقد جواندت أن الأسد سيظل ناقدا للسادات ولكنه لن يقدم على دور مدمر. على الأميركيين أن يتقبلوا حقيقة أن صدعا مصريا سوريا لا يمكن إصلاحه بسهولة.

4 ـ يعتقد جواندت أن بيغن وديان تقبلا الأهمية التي قال بها السادات بأن تكون المحادثات على أسس شاملة، ولكن ذلك لن يحول دون ديان وأمله المستمر باتفاقية ثنائية مع مصر. والأميركيون لا يزالون غير متأكدين مما إذا كان مناحيم بيغن يمكن أن يتكيف لجهة موقف مرن في شأن الضفة الغربية، فليس هناك أي علامة نحو أي تغيير في توجهاته تجاه منظمة التحرير الفلسطينية.

5 ـ جواندت قال إن هذه الزيارة، حتى لو لم تحقق أي شيء، فالاجتماع قد فتح فترة زمنية تكون الحاجة فيها ضغطا عاجلا أقل في عقد مؤتمر جنيف، ومع احتفاظه بشكوكه، ولكنه (جواندت) لم يستبعد إمكانية أن يحرك الحوار الإسرائيلي ـ المصري الأمور الى الأمام، وأن الآخرين سينضمون لاحقا.

يبدو هنا أن هناك منطقا مع الأميركيين في الوقوف جانبا قليلا تاركين الإسرائيليين والمصريين يحاولون ترتيبات واقعية لمؤتمر جنيف.

توقيع جاي ـ واشنطن

* ديان قال للسادات لدي مسودة اتفاقية في حقيبتي .. فقال له: احتفظ بها هناك

* خصّ بها السفير البريطاني في جلستين: مصطفى خليل في رواية مثيرة عن كواليس ما دار في إسرائيل

* وثيقة رقم:141

* التاريخ: غير واضح

* من: لا تحمل توقيعا

* الى: مستر بلمبلي، الخارجية لندن، سري للغاية

* الموضوع: زيارة السادات للقدس:

* رواية قدمها الدكتور مصطفى خليل لسفير جلالة الملكة بالقاهرة يومي 3 و6 ديسمبر 1977.

1 ـ هذه الرواية بدأت مع غداء عمل في القدس قبيل اجتماع الكنيست يوم 20 نوفمبر. قال الجنرال ديان إن لديه مسودة اتفاقية في حقيبته، والرئيس السادات قال له: احتفظ بها هناك، لقد جاء السادات لتهيئة الأرضية للمفاوضات وليس لتوقيع اتفاقيات. بيغن قال إنه يتفهم ويحترم رغبة مصر في تسوية شاملة وأنه لن يحاول أن يدق إسفينا بين مصر والعرب الآخرين. واقترح خلال الغداء بعض اللقاءات الرياضية المصرية الإسرائيلية، والمصريون قالوا له إن ذلك سابق لأوانه، وبيغن سأل أيضا ما إذا كان من الممكن أن يمدد الرئيس السادات زيارته ليوم واحد، ولكن الرئيس اعتذر قائلا إنه لن يستطيع ذلك.

2 ـ أصاب خطاب بيغن أمام الكنيست المصريين بالإحباط بدءا من الرئيس السادات فما دونه. وإنصافا لبيغن، لا بد من القول إنه لم يكن يملك مقدما نسخة من خطاب السادات، وقد أحاط المصريون الإسرائيليين بإحساسهم تجاه ذلك الخطاب وقالوا لهم إن آمالهم كانت أن يذهبوا عائدين الى القاهرة بما هو أفضل مما جاء في الخطاب. كانت النتيجة إقتراحا بأن يجلس الجنرال وايزمان والجنرال يادن والدكتور مصطفى خليل والدكتور بطرس غالي بصورة غير رسمية . الحديث كان صريحا، ومناخ الحديث سادته حالة استرخاء . (الدكتور خليل قال إنه كان هناك أيضا اجتماع بين مصطفى كامل مراد والجنرال شارون، وقال إن الأول غطى مسائل مشابهة لشخصيته، وبحساب مصطفى مراد عقد هو وشارون مقارنات حول خلفياتهما العسكرية المتوازية).

3 ـ المصريون بدأوا برفضهم حديث بيغن عن التاريخ، فالجدل العقيم حول من يملك الحق إلى جانبه يمكن أن يستمر لثلاثة آلاف سنة أخرى. دعوهم جميعهم يبدأون من عام 1949، (أظن أن محدثي يقصد 1947)، وأن يضعوا أنفسهم على قرارات الأمم المتحدة التي تعطي إسرائيل حق الوجود، والقرارات التالية المؤكدة لحقوق العرب.

4 ـ وايزمان قال إن الحقائق التي لديه للتعامل معها هي أن العرب قد قاموا بأربع حروب ضد إسرائيل، وأن لاسرائيل 3500 دبابة وليس 3000, مقابل 5000 للعرب وأن حدود 1967 تبعد 17 كيلومترا فقط من تل أبيب، وأن إسرائيل ليست على استعداد للاعتماد على طرف ثالث في قضية أمنها.

5 ـ المصريون قالوا إن 1973 هو الوقت الوحيد الذي هاجم فيه العرب إسرائيل (ففي 1948 ذهبوا للدفاع عن رفقائهم العرب)، وأنه ومع الأسلحة الحديثة تكون مدن مثل بيروت ودمشق وعمان والقاهرة أيضا عرضة للمخاطر كما تل أبيب. وأن لإسرائيل 3500 دبابة وليس 3000، وأنه لا أحد من الجانبين يمكن أن يبقي على مثل هذه الأمور قيد السرية، ولكن كل هذه الأمور تشير الى حرب ستكون مدمرة للجانبين وساذجة. وفي 1973 عرف المصريون أنهم إذا وصلوا للحدود الإسرائيلية عليهم التوقف لأنهم وإذا ما عبروها فذلك سيجعل أميركا تتدخل أو أن تضرب مصر بقنبلة نووية، ودعونا نعترف هنا أن الإسرائيليين مصابون بعقدة تهديد العرب لأمنهم، ولكن أيضا دع الإسرائيليين من جانبهم يواجهون حقيقة أن العرب أيضا مصابون بعقدة مماثلة حول التوسع الإسرائيلي ويخشون أن نهاية نوايا إسرائيل هي طرد كل الفلسطينيين من بلدهم. ويقول الدكتور خليل إنه أخبر الإسرائيليين أن الفكرة التي خرج بها من ذكرى المحرقة هي أن العقيدة العنصرية التي رتبت لإبادة شعب انتهت بتقوية الهوية الوطنية والقومية التي أرادت تحطيمها فيه، وهذا ما حدث مع الفلسطينيين خلال الثلاثين عاما الماضية. ولذلك فالمساومة التي عليهم أن يبحثوا عنها هي تلك التي تعطي إسرائيل أمنها، ولكنها تزيل أيضا الخوف العربي من التوسع الإسرائيلي والاعتراف بحق الفلسطينيين في الوجود. ومسألة الأمن هي مسألة عسكرية يجب أن تناقش بين خبراء عسكريين أكفاء من الجانبين.

6 ـ الدكتور خليل سأل وايزمان ما إذا كانت إسرائيل مستعدة للعيش ضمن حدودها، فقال الجنرال وايزمان بأنها مستعدة، ولكنه تساءل ما هو الفرق الذي تصنعه 10 أو 15 كيلومترا للعرب. قال الدكتور خليل إذا كان الدكتور وايزمان يتحدث عن إجراءات أمنية في حدود تلك المنطقة فلا غبار على ذلك، (وأوضح لي أنه يقصد أمورا مثل قوات للأمم المتحدة)، ولكن العرب لن يوقعوا على اتفاقيات تتنازل عن أراض محتلة لإسرائيل، ولن تكون هناك تسوية دائمة تقوم على استمرار احتلال إسرائيلي، لأنها ستهيئ المشهد فقط لحروب في المستقبل.

7 ـ جادل الدكتور خليل الإسرائيليين فيما يتعلق بالكيان الفلسطيني بأن ضغط أعداد الفلسطينيين في الأردن سيعطيهم السيطرة، ولذلك فدولة فلسطينية في الضفة الغربية ستكون أقل تهديدا لإسرائيل من كيان فلسطيني متصل بالأردن، ولكن مصر ستتقبل أي الحلين. الجنرال يادن علق مخاطبا الجنرال وايزمان على هذه النقطة بالقول إنهم محقون.

8 ـ في مسألة التمثيل الفلسطيني في مفاوضات جنيف قال الجنرال يادن: لا يهم من سيمثل الفلسطينيين، وسألت الدكتور خليل ما إذا كان هذا يعني أنهم يمكن أن يتقبلوا منظمة التحرير الفلسطينية فأجاب أن الإسرائيليين في واقع الأمر لم يقولوا بذلك.

9 ـ في مرحلة ما من النقاش، قال الدكتور خليل إن حرب 1973 وجب أن تكون آخر الحروب العربية الإسرائيلية، فقال الجنرال وايزمان إنه يفضل أن يسمع الرئيس السادات يقول ذلك علنا.

10 ـ أحاط كل جانب ما دار في النقاش لقائده وشكل ذلك أرضية المناقشات والبيانات العامة من الرئيس السادات ورئيس الوزراء مناحيم بيغن يوم 21.

11 ـ أخبرني الدكتور خليل أنه يعتبر الدعوة لمؤتمر القاهرة متابعة طبيعية لهذه المناقشات، وأن هذه المناقشات شجعت الآمال تجاه إمكانية إحراز تقدم في القضايا الأساسية قبل الذهاب لجنيف. وفي وجهة النظر الشخصية هذه، تكون فرص التقدم أفضل أذا تم دفع المحادثات ثنائيا في هذه المرحلة، على أن لا يعوقهم العرب الآخرون بحضورهم برفع قضايا جانبية.

12 ـ المحادثات العسكرية حول مشكلة أمن إسرائيل شأن العسكريين ولا جدال أنه من غير المناسب وضعها أمام مؤتمر القاهرة. وخليل لا يعرف أين ومتى ستلتئم، ولكنه يعتقد على أية حال، أن قضية الأمن هي الضفة الغربية والتي ستسبب مشاكل أكثر من كونها الجولان أو سيناء. ففي سيناء يملك الإسرائيليون مسافة، وسألته ما إذا كان الإسرائيليون سيتوقعون تنازلات في نزع السلاح وشرم الشيخ، فقال أن نزع السلاح ممكن ولكن لن يكون هناك تخل أو تأجير لشرم الشيخ.أرضية للمفاوضات وليس لتوقيع اتفاق.

* العاهل المغربي يترقب أية فرصة تتيح له إظهار نفسه كوسيط في الخلافات العربية

* المغرب : الملك الحسن ركب مركب تأييد السادات بعين على المعارضة الداخلية

* وثيقة رقم: 140

* التاريخ: 14 ديسمبر 1977

* من: بي . كيه. ويليامز ـ الرباط

* الى : يس. دي. باول، الخارجية، إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، سري للغاية.

* الموضوع: المغرب وزيارة السادات لإسرائيل.

1 ـ أوردت برقيتنا رقم 227 للخارجية بتاريخ 24 نوفمبر أن الملك الحسن الثاني قد هاتف الرئيس السادات يوم 19 نوفمبر معبرا عن صادق أمنياته أن تنجح الزيارة لإسرائيل.

2 ـ بما يكفي من التنبؤ، قدم الملك الحسن الثاني ومنذ تلك المحادثة الهاتفية، تفاعلا متوازنا في قضية الصراع العربي الإسرائيلي وأيضا مبادرة السادات. ومن الواضح جدا أن الملك الحسن الثاني لا يرغب بأية حال في أن يجد نفسه معزولا مع الرئيس السادات عن بقية العالم العربي، وأن عليه أن يحمل في ذهنه مخاطر ردود الفعل المضادة من المعارضة الداخلية في المغرب. وعلى كل، فهناك عاملان دفعاه إلى أن يمضي في مساندة السادات أكثر مما يمكن أن يعتبر مجرد حصافة من جانبه.

الأول أن الملك الحسن الثاني يتمتع بعلاقة وثيقة مع الرئيس السادات، ولم تتطور تلك العلاقة فقط من مجرد الزيارة الأخيرة من السادات إلى هنا في أوائل هذا العام، وإنما من التبادل المتواصل للمبعوثين بينهما من ذوي المستوى العالي.

والعامل الثاني، أن الملك الحسن الثاني وباستمرار في حالة من الترقب لأي فرصة تتيح له أن يظهر نفسه كوسيط في الخلافات العربية. والبيانات الرسمية التي تصدر هنا في قضية الصراع العربي الإسرائيلي تستشهد باستمرار بقمة الجامعة العربية التي التأمت هنا عام 1974 و(روح الرباط) تجاه الوحدة العربية.

3 ـ ولذلك، فرسالة الملك للرئيس القذافي يوم 22 نوفمبر (الفقرة الأولى من البرقية المشار إليها في صدر هذه الرسالة)، جاءت كلماتها حذرة أكثر مما أباح به في محادثته الهاتفية للسادات. لأنه، أي الملك، استتبع تلك المحادثة برسالة داعمة للرئيس السادات، أكثر دقة، للأمين العام للجامعة العربية يوم 12 ديسمبر قال فيها (المبادرات الأخيرة من الرئيس السادات تجد منا الدعم الكلي) وأن الجامعة العربية تواجه فرصة متفردة يمكن أن تكون المساومة حولها (جريمة). ثم استتبع تلك البرقية بمحادثة أخرى للرئيس السادات في نفس اليوم ليعبر مرة ثانية عن (دعمه الكلي) للمبادرة السلمية من الرئيس السادات.

4 ـ كذلك، أشارت برقية الملك الحسن الثاني لأمين الجامعة العربية يوم 12 ديسمبر إلى أنه قد أرسل مبعوثين إلى دول عربية كثيرة (لشرح الأوضاع في الشرق الأوسط) (كما نفهمها نحن) ، منبها الى مخاطر الانقسامات على العالم العربي. والى ذلك تم الإعلان الآن بأن كبار المبعوثين المغاربة (عبد الرحيم بوعبيد، وعبد الهادي بوطالب، وأحمد بن سودة، والأخيران مستشاران للملك)، سيزورون ليبيا والعراق والسعودية والأردن وتونس وسورية وعمان والكويت والبحرين وقطر ومصر، فيما سيقدم بن سودة خطابا من الملك الحسن الثاني لياسر عرفات.

5 ـ من هنا يبدو، على الأقل في الوقت الراهن، أن الملك قرر أن يفعل كل شيء بوسعه لمساندة الرئيس السادات، وبفعله هذا عليه أن يتوخى أقصى الحذر من مخاطر أن يسمح لنفسه أن يصبح معزولا جدا من الدول العربية الأخرى، وتقديري أن مبعوثيه سيكونون أكثر اهتماما بنزع حرارة ردود الفعل الخاصة في مختلف العواصم التي سيزورونها إلى جانب مهامهم المعلنة بتسليم رسائل من الملك. والى ذلك استتبع كل ذلك جولة شرق أوسطية من بوستة وزير الخارجية والعقيد دليمي الذي يعمل على إعادة التأكيد للملك بأنه ليس بعيدا جدا عن الأحداث.

توقيع بي. كيه. وليامز ـ صورة للقناصلة في: القاهرة، تل أبيب، وجدة.