أطفال العراق.. بعضهم يحلم بالراحة وآخرون بمعدات القوة

أحدهم يريد دبابة يجوب بها الشوارع ولا يوقفها شرطي.. وأخرى تحلم ببيت

TT

«أحلم بامتلاك دبابة أصعد فوقها وأجوب الشوارع ولا يستطيع شرطي المرور أن يوقفني».. هكذا بدأ علي حسن، الطفل العراقي البالغ من العمر ست سنوات، يتحدث عن أحلامه التي سألته عنها «الشرق الأوسط». وقال علي «أنا لن أحارب فقط بل أسوق الدبابة»، مشترطا أن تكون دبابته تشبه الدبابات الاميركية التي تجوب الشوارع. واستطرد قائلا «إذا ماكو دبابة أريد همر».

أحلام علي تشبه أحلام الكثيرين من أقرانه أو الذين يكبرونه بقليل، وجولة صغيرة على محلات اللعب في بغداد تبين بشكل جلي نزوع الاطفال نحو الالعاب التي توحي بالحرب كالدبابة او المقاتلة او اشخاص مقاتلين، لكن هذا النزوع نحو القوة يختلف قليلا عند الفتيات في نفس العمر. وتقول رانيا التي تبلغ من العمر العاشرة، إنها تحلم بامتلاك بيت صغير تضع فيه كل ألعابها ولا ينافسها فيه أحد. وعندما سألتها ان كانت تملك غرفة في بيت اهلها، قالت «لا نحن جميعنا في غرفة واحدة في بيت.. جدي واخوتي الثلاثة ووالدي ووالدتي». وأشارت رانيا الى ان اخوتها غالبا ما يقولون لوالدهم انهم يريدون السفر الى الخارج ليتمتعوا بمدن الألعاب هناك خصوصا تلك التي تظهر على شاشات التلفزة.

سجى وليد في الصف الثاني الابتدائي توفي والدها بشكل مفاجئ وترك في نفسها واخواتها جرحا عميقا بدا على كلامها منذ اول لحظة حيث قالت «سأكون طبيبة كما أراد أبي وأخواتي إحداهن ستكون رسامة وأخرى مهندسة وأخرى ستكون متخصصة في شؤون تصليح السيارات؛ فهي غالبا ما كانت ترافق أبي في عمله في السيارة».

أحلام سجى بدت أكبر من عمرها، وتقول عنها مدرساتها في مدرسة الفراقد النموذجية في بغداد، انها «ذكية جدا وتحاور في كل شيء وتسأل عن كل شيء وغالبا ما تجسد أحلامها بشكل واقعي كأن تلعب دور الطبيبة مع أقرانها وتحاول ان تصف لهم العلاج او تقول لهم سأحاول أن أجد لكم العلاج المناسب»، وعندما سألنا عن توجه سجى تبين ان والدها توفي فجاة من دون أن يعرف الأطباء انه مصاب بسرطان الحنجرة.

سجاد وأمير وأولاد عمهما كانوا يحتفلون بعيد ميلاد الصغير أمير الذي بلغ من العمر عاما واحدا عندما سألت سجاد وهو طالب في المرحلة الابتدائية عن احلامه، فقال «سأشتري لأمي بيتا وأصبح لاعب كرة قدم». لكن ابن عمه مصطفى قال «سأعمل مع أبي مثل شقيقي احمد، ولكنني أدخر مبلغا من المال سأشتري به سيارة وأجول بها العالم». وعندما سألنا عن مدخراته، أجاب «20 ألف دينار عراقي (أي حوالي خمسة عشر دولارا فقط)».

تباينت أحلام الأطفال خصوصا الذين ولدوا قبل الحرب او أثنائها بين امتلاك معدات القوة وبين امتلاك سبل الرفاهية، فكل شيء مفقود يسعى اليه الانسان كما هو معروف، لكن أغلب الأطفال الذين التقيناهم كانوا يحلمون بالغد والرفاهية وجميعهم كانوا يخططون لأحلامهم البسيطة حتى وان كانت مجرد أحلام.