وزيرة الدفاع الإسبانية تستعرض القوات وهي حامل في شهرها السابع

ثاباتيرو يقود «ثورة نسائية» لم تعجب المحافظين

TT

كان المشهد صاعقا: أول امرأة تشغل منصب وزير الدفاع في اسبانيا كارمي شاكون وقد ارتدت بنطالا اسود وسترة قصيرة تستعرض القوات وقد ظهر للعيان بوضوح كبر بطنها، فهي في شهر حملها السابع.

كان أول تحرك رسمي لشاكون كوزيرة هو إرسال إشارة قوية بأن الزمن قد تغير في إسبانيا البلد الذي ولد فيه مفهوم «المجتمع الذكوري»، لكنه يسعى الان للعب دور رائد على مستوى العالم في مجال حقوق المرأة، حسب ما ذكرت وكالة الانباء الالمانية في تقرير لها.

ولم تعد قضية المساواة بين الرجل والمرأة أمرا يخص المرأة وحدها في إسبانيا التي اشتهرت ذات يوم بالنزعة الكاثوليكية المحافظة حيث يستعرض رئيس الوزراء الاشتراكي خوسيه لويس رودريغيز بزهو تبنيه لتلك القضية. وقال ثاباتيرو سابقا «أنا لست فحسب مناهضا للمجتمع الذكوري بل إنني من أنصار مساواة المرأة بالرجل. وان من أسوأ أشكال الهيمنة الظالمة سيطرة نصف البشر على النصف الاخر. وكلما زادت أشكال المساواة بين الرجل والمرأة في مجتمع ما كشف ذلك عن مدى تحضر وتسامح هذا المجتمع».

وبعد تعيينه مجلس وزراء نصفه من النساء لدى توليه السلطة عام 2004 حطم ثاباتيرو الرقم القياسي المسجل باسمه باعلانه عن مجلس وزراء من 9 وزيرات و8 وزراء بعد انتصاره الثاني في الانتخابات والذي تحقق قبل شهر. واحتفظ الرجال بالحقائب الوزارية الثقيلة مثل الاقتصاد والداخلية والشؤون الخارجية والعدل بيد أن نائبة ثاباتيرو ماريا تيريزا فيرنانديز دي لا فيغا ستترأس الحكومة في حال وجود رئيس الوزراء خارج البلاد. وقد كان تعيين شاكون وزيرة للدفاع محمل بنفس القدر من الرمزية. ويتردد أن بعض كبار ضباط الجيش قد اظهروا تذمرا حيال هذا التعيين «المستفز»، لكن حتى المعلقين المحافظين امتنعوا عن القول صراحة أن شاكون بصفتها سيدة أو كونها حاملا يمنعانها من تحمل المسؤولية عن الدفاع عن البلاد.

ومن أكثر الاسئلة المثارة: هل ستأخذ شاكون إجازة وضع ورعاية للمولود؟

وقال محللون إن إقدامها على ذلك سيعطي مثالا ايجابيا لعدد لا حصر له من الاسبانيات اللاتي تكافحن للمواءمة بين العمل ورعاية الأسرة.

بيد انه سيثير تساؤلات ايضا حول مدى كفاءتها في ترأس جيش تصادف أن النساء تشكلن 18 في المائة من جنوده.

وقد جعلت حكومة ثاباتيرو قضية حقوق المرأة في صدارة اهتماماتها مجبرة الاحزاب على إدراج 40 في المائة على الاقل من عناصر قوائمها الانتخابية من النساء كما تبحث الشركات أمر زيادة تمثيل النساء في مجالس إدارتها. ومما لاشك فيه أن اجراءات من هذا النوع كانت ستصيب الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو بصدمة ففي ظل حكمه لم يكن يحق للمرأة الحصول على وظيفة أو فتح حساب خاص بها في البنك أو التقدم بطلب للحصول على جواز سفر أو التوقيع على عقد دون موافقة الزوج.

ومنظر الحكومة الجديدة حيث ترتدي النساء الملابس ذات الالوان الزاهية ويزيد عددهن عن الرجال الذين يرتدون الحلل الداكنة قد يبدو مستحسنا من المدافعين والمنادين بحقوق المرأة، بيد انه يبقى أن تتجذر التغييرات الجديدة في المجتمع.

فقانون المساوة بين الجنسين في الانتخابات لا يلقى الاحترام الكامل من قبل الاحزاب التي تميل لوضع المرشحات في مراتب أسوأ في القوائم الانتخابية.

كما تشكل النساء 36 في المائة فقط من مجموع المشرعين الاسبان وتقل نسبة النساء في مجالس إدارات الشركات الكبرى عن 4 في المائة.

وفي حين أن حوالي 40 في المائة من الامهات الاسبانيات ممن لديهن أطفال يعملن خارج المنزل فإن النساء يحصلن على مرتبات اقل من الرجال بنحو 30 في المائة في المتوسط.

وتعمل النساء حوالي خمس ساعات يوميا بدون أجر في رعاية المنزل رغم أن عمل الرجال في المهام المنزلية في زيادة مستمرة.

ولا يزال العنف ضد المرأة يشكل مشكلة في إسبانيا حيث قتلت 71 امرأة على يد أزواجهن أو آبائهن في عام 2007. وسوف تدعم وزارة المساواة الجديدة المعركة ضد هذه الظاهرة التي اشتكت منها الجماعات الذكورية أيضا على شاشات الانترنت.

وقد اتهم المعلقون القريبون من المعارضة المحافظة ثاباتيرو بأنه يعين على أساس الوضع الاجتماعي وليس على أساس المؤهلات، وحتى اتهموه بالتمييز ضد الرجال.