مفاوضات بين باريس ومقديشو بشأن محاكمة قراصنة صوماليين في فرنسا

TT

فيما بدأ جهاز التحري والاستقصاء التابع لقسم الدرك الوطني الفرنسي الاستماع لإفادات رهائن اليخت «لو بونان» السابقين الذين وصلوا الى باريس مساء أول من أمس، ما زالت المفاوضات قائمة بين باريس ومقديشو للحصول على موافقة الصومال لكي تتم محاكمة القراصنة الصوماليين أمام المحاكم الفرنسية. وحتى ظهر أمس، لم تكن فرنسا متأكدة من إمكانية مثول القراصنة الستة الذين ألقي القبض عليهم يوم الجمعة الماضي بعد عملية الإفراج عن الرهائن في فرنسا لأسباب قانونية محض أمام القضاء الفرنسي. وقالت باسكال أندرياني، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية أمس إن المناقشات مع السلطات الصومالية «مستمرة» وتحديدا مع الرئيس عبد الله يوسف أحمد، للحصول على موافقته حتى يحاكم القراصنة الستة في فرنسا. ومن الناحية المبدئية، يعود هذا الحق لباريس، إذ أن 22 من البحارة الثلاثين يحملون الجنسية الفرنسية واليخت تملكه شركة فرنسية وهي عائدة لرجل الأعمال اللبناني ـ الفرنسي جاك سعاده. وتولى رودولف، نجل جاك سعاده، التفاوض عن الشركة والتنسيق مع السلطات الفرنسية للوصول الى تفاهم مع القراصنة وتولت شركة CGM دفع فدية تزيد على مليوني دولار.

وبموازاة التفاوض مع مقديشو، تتدارس الجهات الفرنسية المعنية وهي وزارتا العدل والخارجية الوضع القانوني للقراصنة الستة الموجودين في الوقت الحاضر تحت نظام الاحتجاز الإداري على متن الفرقاطة «جان بارت» المتجهة حاليا نحو ميناء جيبوتي.

وأفادت معلومات تم تداولها أمس في باريس أن القراصنة سيصلون صباح اليوم الى العاصمة الفرنسية على متن طائرة نقل عسكرية. ولم يعرف الى أي سجن سيساقون. وتقول مصادر قضائية إن «الحلقة المفقودة» في عملية المحاكمة هي غياب أي اتفاق للتعاون القضائي بين فرنسا والصومال وبالتالي لا يحق لفرنسا أن تحاكم مواطنين صوماليين من غير موافقة السلطات الصومالية. وكانت باريس قد حصلت على موافقة الرئيس الصومالي لتعقب القراصنة على الأراضي الصومالية بعد عملية تحرير الرهائن ودفع الفدية. وسمحت مقديشو بتحليق 3 طوافات وطائرة استطلاع فرنسية فوق أراضيها كما سمحت لثلاث مجموعات كوماندوس مجوقلة بالتدخل العسكري. وقالت مصادر فرنسية رسمية إن الرئيس الصومالي رد على الجانب الفرنسي الذي طلب منه تصريحا بالتدخل بقوله: «اذهبوا وخلصوني من هؤلاء الأوغاد». ويوم الاثنين، أمرت النيابة العامة في باريس بفتح تحقيق قضائي تمهيدي في عملية اختطاف اليخت عهد به الى قسم التحري والاستقصاء التابع لدرك الوطني في فرنسا. وجاء في المذكرة الرسمية طلب التحري عن لأفعال تقع تحت طائلة القانون وهي اختطاف باخرة واحتجاز أشخاص بفعل التهديد للحصول على فدية والعمل في إطار عصابات منظمة. وإذا ما أدين القراصنة بهذه التهم، فإن الحكم عليهم قد يصل الى السجن المؤبد وهي أقصى العقوبات إذ أن فرنسا ألغت الإعدام منذ 26 عاما.

وكان الرئيس ساركوزي قد استقبل الرهائن الثلاثين عند سلم الطائرة ليل الاثنين/الثلاثاء يحيط به وزيرا الدفاع والنقل وأهالي البحارة. وأفادت مصادر الإليزيه بأن ساركوزي تولى منذ البداية وحتى إطلاق السراح إدارة ملف الخطف فوضع «الخطوط الحمراء» التي لا يجوز تخطيها وأولها المحافظة على سلامة الرهائن من جهة وضرورة تعقب القراصنة بعد تحرير الرهائن. وهذا ما تم بالفعل حيث استطاعت قوة التدخل الفرنسية المشتركة في عملية معقدة جوية، بحرية وبرية القبض على القراصنة الستة واستعادة نصف الفدية. وتسعى فرنسا لاستصدار قرار من مجلس الأمن لمحاربة القرصنة في البحار وهي تعد مشروع قرار بهذا المعنى.