ضغوط على أولمرت ليتجنب ارتكاب «حماقة» استقبال كارتر

الرئيس الأميركي الأسبق يضع إكليل زهور على قبر عرفات وإسرائيل تمنعه من زيارة غزة

كارتر وزوجته يضعان إكليلاً من الزهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات أمس (ا ب)
TT

توجه عدد من الشخصيات الإسرائيلية المرموقة برسالة الى رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، يحتجون فيها على قراره عدم استقبال الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، الذي يزور المنطقة. ويعتبرون تصرفه هذا «حماقة عمره» ويؤكدون أن هذا التصرف يلحق ضررا بمصالح إسرائيل برمتها في الولايات المتحدة. ورأى هؤلاء أن الموقف الاسرائيلي المعادي بشكل رسمي للرئيس كارتر يثير في الولايات المتحدة والعالم الغربي تذمرا شديدا واشمئزازا من إسرائيل. وكما قال السياسي المخضرم، يوسي سريد (وزير التعليم الأسبق وعضو الكنيست لعشرين سنة)، فإن كارتر هو صانع السلام بين اسرائيل وأكبر الدول العربية (مصر)، ولا يستحق من إسرائيل هذا الاستخفاف. يذكر أن كارتر مهندس اتفاقات السلام بين مصر واسرائيل عام 1979، حاز على جائزة نوبل للسلام عام 2002.

وأضاف سريد «ولكن لو افترضنا أن لدينا حكومة فنانة في نكران الجميل، فإن عليها أن تعرف أن الأميركيين يسجلون في دفاترهم هذا الموقف المجحف. فهم يحبون جيمي كارتر ويعتبرونه أفضل الرؤساء الأميركيين، لأنه لم يتقاعد بعد انتهاء دورته الرئاسية، بل واصل العمل بنجاح في تسوية الصراعات في العام ورفع بذلك اسم الولايات المتحدة وشعبها. ولذلك فإن إهانته في إسرائيل لن تستقبل بارتياح لدى الأميركيين». وكان أولمرت قد نفى أن يكون رفض استقبال كارتر، وقال انه لم يطلب لقاءه ولذلك فإنه لم يرفض طلبا لم يقدم. ولكن مطلعين على الأوضاع قالوا ان مكتب اولمرت كان حريصا على ان يفهم كارتر لوحده ان من الأفضل أن لا يتوجه بطلب كهذا لكي لا يضطر الى رفضه. بيد ان وزير الدفاع، ايهود باراك، تلقى طلبا بلقاء كارتر فاعتذر بسبب ضيق الوقت. وأما رئيس الليكود المعارض، بنيامين نتنياهو، فقد رفض لقاءه أيضا بفظاظة وأطلق تصريحا بالصوت والصورة قال فيه إن كارتر أطلق في السنوات الأخيرة عدة تصريحات وأدلى بعدة مواقف تنم عن عداء لإسرائيل.

يذكر ان الحقد في اسرائيل على كارتر جاء بسبب كتابه الذي اتهم فيه اسرائيل باتباع سياسة أبرتهايد (تفرقة عنصرية) ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة. وزاد هذا الحقد بسبب عزم كارتر على لقاء خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وقال سريد تعقيبا على هذا: «اسرائيل تخطئ في الحالتين. فأولا توجد عندنا فعلا سياسة أبرتهايد جزئيا. ونحن بدلا من أن نغير هذه السياسة ونضع حدا لأسبابها بإزالة الاحتلال، نحارب الأصدقاء الذين يذكروننا بأننا نحتل شعبا آخر وهذا الاحتلال يفسدنا. وأما لقاء مشعل، فحتى لو كنا نراه خطأ، فإن الخطأ الأكبر هو أن نتحدث عنه. لأننا عندئذ نظهر للرئيس الأميركي السابق كما لو اننا شرطي المنطقة». وكان كارتر نفسه قد صرح للصحافة الإسرائيلية بأن لقاء مشعل هو في مصلحة قضية اطلاق سراح الأسرى. وانه إنسان يؤمن بالكلام ولا يحب المقاطعة. وقال انه يؤيد أيضا الحوار مع إيران بدلا من تهديدها.

وفي هذا السياق التقى كارتر أمس في رام الله مسؤولين فلسطينيين من بينهم احد قادة حركة حماس نائب رئيس الوزراء الأسبق ناصر الدين الشاعر بعد أن منعته إسرائيل من زيارة قطاع غزة للقاء رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية قبل ان يتوجه الأسبوع المقبل الى دمشق للقاء مشعل. وقال الشاعر لـ«الشرق الأوسط» ان الرئيس كارتر «جاء ليستمع لوجهات النظر المختلفة» وتابع «يبدو انه يريد يلعب دورا معينا، وهو سيلتقي اطرافا مختلفة، واستمع الى وجهات نظر مختلفة فلسطينية وإسرائيلية». وأضاف الشاعر انه ابلغ كارتر بان استمرار حصار غزة، والعدوان على الضفة وعزل القدس، غير مقبول ولا يمكن ان يستمر اذا ما ارادت اسرائيل ان تتوصل الى سلام. كما انه افهمه بان استمرار الحصار على غزة لا يرضي اهل الضفة، كما كان يعتقد، او أُفهم. وحسب الشاعر فان كارتر سيفحص مدى جدية اسرائيل من اجل التوصل الى سلام، كما سيفحص ما هي الخيارات المتاحة من خلال التقائه مزيدا من الشخصيات الاخرى. وقال كارتر للصحافيين في رام الله قبل لقائه رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض «لم اتمكن من الحصول على اذن للتوجه الى غزة. انا راغب في ذلك وطلبت اذنا ولكن تم رفضه. لكن ربما يمكن أن نتوصل لطريقة للالتفاف حول ذلك». ولم تعلق السلطات الإسرائيلية على ذلك.

ووضع كارتر، في اول سابقة لمسؤول اميركي، إكليلاً من الزهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، في مراسم رسمية رافقتها الموسيقى العسكرية الجنائزية. ووقف كارتر الذي استقبل بمقر الرئاسة من قبل امين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم لغياب الرئيس محمود عباس في جولة تشمل موسكو وواشنطن، دقيقة صمت امام قبر عرفات، ووصفه «بالصديق الشخصي العزيز». وقال انه «لعب دورا تاريخيا من أجل خدمة قضيته وشعبه، والقضايا العادلة في العالم».