ملتقى الهوية الوطنية الإماراتي: قائد شرطة دبي يحذر من انقطاع سلالة الحكم بسبب الخلل السكاني

وزير الخارجية يؤكد: لا نريد العيش في جزيرة معزولة

TT

جدل علني نادر شهدته الامارات العربية المتحدة أمس، حول هويتها الوطنية، بلغ منتهاه بتحذير أطلقه مسؤول أمني كبير حذر من عدم استمرار سلالة الحكم في بعض الإمارات السبع بسبب خلل التركيبة السكانية، ورد عليه وزير الخارجية الأماراتية بـ«أننا لا نريد أن نعيش في جزيرة معزولة»، مطالبا بالتفاؤل حيال حل هذه القضية.

ملتقى الهوية الوطنية كان هو العنوان العريض للملتقى الذي بدأ أعماله أمس، ورمت السلطات الإماراتية بثقلها خلفه تأكيداً لأهميته القصوى، خاصة أن يأتي انسياقا مع إعلان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الرئيس دولة الامارات بأن يكون العام 2008 عاماً للهوية الوطنية.

وبدأت سخونة الجلسة الأولى، التي كانت تحت عنوان الهوية الوطنية والمخاطر قبل أن يتم تغيير كلمة المخاطر إلى التحديات.

وأكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الاماراتي على عدمِ التساهل إزاء كل ما من شأنه المساس بمصالح وحقوق بلاده الوطنية «في الوقت الذي نؤكد فيه على نهجِ التسامحِ والانفتاح»، مضيفاً «من هنا جاء تمسكنا بحقنا في جزرنا الثلاث المحتلة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى كإحدى أولويات سياستنا الخارجية وهو أيضا تمسك بالشرعية والقانون الدولي».

وفيما قال الوزير الأماراتي «إننا نضع الآن موضوع العمالة في موقع متقدم في أولويات سياستنا الخارجية وفي علاقاتِنا مع الدول المعنية» و«لا نريد أن نعيش في جزيرة منعزلة»، أطلق الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي، بعد أن عرض مشاهد مصورة تعرض للمرة الأولى لأحداث تخريبية قامت بها مجموعات من العمالة الوافدة في الامارات مؤخرا، تحذيرات متنوعة، لكن أشدها جرأة هو تشاؤمه من إمكانية استمرار حكم الأسر الحاكمة في الامارات السبع في ظل عدم التعاطي الايجابي مع مشكلة التركيبة السكانية، وقال «بعد سبعين عاما سنكون في خير وبركة إذا تمكن أبناء أولياء عهود الإمارات الحالية من الحفاظ على الحكم في أماراتهم».

وتساءل قائد شرطة دبي، «بما أن (المرشح للرئاسة الاميركية) أوباما ينافس على الرئاسة وهو من أصل كيني، فمن يضمن أن يأتي كوتي (اسم آسيوي شائع في إشارة إلى العمالة الوافدة) لينافس على الرئاسة (في الامارات)».

وبالرغم من اعتراف السلطات الرسمية الإماراتية بخطر التركيبة السكانية على بلادهم، والتي يعتبرها مراقبون حالة فريدة على مستوى العالم، إلا أن الشارع الإماراتي لا يرى حلولا عملية اتخذت لمعالجة الخطر الذي يتحدث عنه الجميع. في الوقت الذي أعلن رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمس الأول، أن هناك 66 مبادرة قدمتها لجنة مختصة لمعالجة خلل التركيبة السكانية، وهو الأمر الذي قال عنه الشيخ عبد الله بن زايد أمس أنه سيتم العمل بـ«الكثير منها عما قريب»، دون الكشف عن أية تفاصيل في نوعية هذه المبادرات. وفي سياق البحث عن حلول لمعالجة خطر التركيبة السكانية، والتي شبهها بإعصاري جونو وكاترينا، اقترح الفريق ضاحي أن يتم تجنيس مواطنين من مجلس التعاون الخليجي «إذا ما تقدموا بطلب الجنسية»، كما اقترح أن يتم تحديد سقف أعلى للجنسيات الأجنبية بحيث تقل بـ25 بالمائة عن إجمالي المواطنين الإماراتيين. واختتم حديثه بـ«رجاء لشيوخ الإمارات أخشى أن نبني عمارات ونفقد إمارات»، في نقد صريح للنهضة العمرانية، وخاصة في القطاع العقاري الذي تشهده الأمارات في السنوات الأخيرة».

ويشكل المواطنين الإماراتيين أقلية في بلادهم، حيث لا يتجاوز عددهم، وفقا للإحصاء الرسمي الأخير، نحو 20 بالمائة من مجموع السكان، الذين يشكلون الغالبية الكبرى في البلاد التي تشهد نهضة عمرانية واسعة استقطبت نحو 200 جنسية تعيش على أرض الإمارات، تمثل أكثر من 150 قومية وتتحدث 100 لهجة.

ولعل اللافت هو أن وزير الخارجية الإماراتية كشف أن المعيار الأول في استقطاب الكوادر الدبلوماسية والإدارية والبعثات في الخارج «لن يكون الكفاءة المهنية أو العملية، مع أيماننا بأهميتها، بل سيكون الحكم هو مدى تمَثل هذهِ الكوادر للهوية الوطنية وتجسيدَها لها بكل مقوماتِها ومكوناتها»، وطلب الشيخ عبد الله بن زايد أن يتم التعامل مع قضية التركيبة السكانية بتفاؤل، وأن لا يكون التشاؤم هو المسيطر في التعاطي.

من جهته، قال الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير ديوان الرئاسة في الإمارات، أن وجود عدد كبير من الجنسيات والأعراق والثقافات «يسهم في البناء ويشاركنا العيش وينبغي أن يوظف كمصدر إثراء لشخصيتنا الوطنية من خلال التفاعل الواعي مع الأخر واحترام موروثاته دون أن يمس ذلك بثوابتنا ومعتقداتنا».

وأوضح الشيخ منصور بن زايد ال نهيان «أن علينا أن نعي تماما أن الانتماء الوطني الفاعل تترتب عليه تحديات كبيرة تفرض العمل وفق منظومة القيم والمبادئ التي تؤمن بالوطن إخلاصا وتفانيا في العطاء وتكرس الجهد للحصول على المعرفة والعلم والتقدم والتطور أسلوبا للبقاء في عالم اليوم، متفاعلين مع الشعوب الأخرى نتعاون معهم فنستفيد ونفيد وهذا يعني الالتزام بالإنجاز والعمل الجاد المخلص سبيلا لاستكمال متطلبات الانتقال إلى عالم الغد».