إسراء أصبحت رمزا لجيل يستخدم الإنترنت في السياسة بمصر

اتهمت بالتحريض على الإضراب عبر موقع الـ «فيس بوك»

TT

فتاة مصرية بملامح عادية، لا يوجد في تاريخ عائلتها أية أسماء احترفت العمل السياسي من قبل، فيما عداها مؤخراً بعد أن صارت أشهر من نار على علم عند القبض عليها من قبل سلطات الأمن المصرية التي وجهت لها تهمة التحريض على إضراب السادس من ابريل (نيسان) الماضي عبر موقع الـ«فيس بوك» الإلكتروني على الانترنت تلك هي إسراء عبد الفتاح التي يقترب عمرها من السبعة والعشرين، وصدر قرار إخلاء سبيلها مساء أمس الأول الإثنين بعد انتهاء التحقيقات معها. أسرة إسراء رفضت الحديث لـ«الشرق الأوسط» وللعديد من القنوات التلفزيونية المحلية والعالمية، مبررهم في ذلك أنهم لا يريدون منح الموضوع حجماً أكبر من حجمه. يريدون كما قالوا، ألا تتجاوز تلك الحادثة حدود زمنها ومكانها، حتى تستطيع إسراء مواصلة حياتها مرة أخرى بشكل طبيعي. ولكن البعض يرى أن إسراء صارت رمزاً لجيل يبحث عن التغيير ويسعى له بأسلوبه ومنهجه الخاص به عبر الإنترنت الذي صار يحمل مدونات ومواقع يقرأها وينضم لها الآلاف، مدللين على ذلك بعدد المؤيدين لدعوة الإضراب عبر موقع «فيس بوك» الإلكتروني والذي بلغ نحو 71 ألف فرد.

«لم أكن أعرف أن ثمن حب مصر والانتماء لها، سيكون كل هذا العنف»، بهذه الكلمات تحدثت إسراء الى المقربين منها أثناء نظر قضيتها في محكمة جنوب القاهرة منذ عدة أيام دون أن تحدد المعنى المقصود من كلمة «العنف»، وما إذا كانت تعني بها طريقة القبض عليها، أو أسلوب معاملتها وقت الاحتجاز الذي بدأ بأربعة أيام على ذمة التحقيق ثم تم تجديده بخمسة عشر يوماً أخرى. الشيء المؤكد أن إسراء مازالت تبدو أمام المحيطين بها متماسكة وبخاصة أمام والدتها العاملة في مجال التربية والتعليم بمدينة بنها بمحافظة القليوبية ـ شمال القاهرة ـ. تفاصيل حياة إسراء كما رواها لـ«الشرق الأوسط» المهندس باسل الحيوان مسؤول إدارة التثقيف والتدريب بحزب الغد الذي تنتمي له، لا تخرج عن تفاصيل حياة أي فتاة تنتمي للطبقة المتوسطة في مصر. فهي فتاة وحيدة تحتل الترتيب الأوسط بين إخوتها الذكور، والدها عمل قبل وفاته منذ عدة سنوات وكيلاً لوزارة التربية والتعليم بمدينة بنها، أما إسراء فقد تخرجت من قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن بجامعة عين شمس منذ عدة سنوات قليلة، التحقت بعدها بالعمل في إحدى الشركات الخاصة بمنطقة مدينة نصر بالقاهرة، لتستيقظ من نومها في الخامسة من صباح كل يوم في منزل أسرتها في مدينة بنها التي لا تزال تقيم بها حتى اليوم، وتستقل القطار المتجه للقاهرة ولا تعود إلى بيتها إلا في التاسعة مساءً. «من يقترب منها يجدها فتاة حالمة ورومانسية تستمع دائماً للأغنيات الوطنية التي تتغنى بحب مصر»، هكذا قال المهندس باسل الحيوان وأضاف: «علاقتها بحزب الغد بدأت منذ نحو العام عندما شعرت أنه يحمل في أجندته ملامح تغيير عما هو سائد بين بقية الاحزاب المصرية، وانضمت للحزب وعملت معي في القسم ولفتت نظري بأدائها حيث تحرص على تسجيل ما يقال في الاجتماعات وتنفيذ أي مهمة تطلب منها وهي مهام كانت دائما داخل إطار الحزب حيث لم تكن تؤمن بفكرة الخروج في مظاهرات، وكانت محبوبة من جميع زملائها في الحزب الذين أطلقوا عليها لقب «بسكوتة الغد».

إسراء حدثت من اقترب منها عند نظر قضيتها بالمحكمة من الصحافيين بقولها: «إسمي إسراء فقط ولا أمثل الا نفسي ولم يدفعني أحد لفعل شيء، كما أنني لست بزعيمة، أنا فقط بنت مصرية». كان التساؤل الطبيعي بعد الاستماع لتلك الكلمات، إذن ولماذا ساهمت في الدعوة للإضراب على «فيس بوك»؟ أما الإجابة وكما ساقتها في كلمات سريعة فهي: «لم أدع للإضراب أو التخريب الذي هو في رأيي يضر بالبلد التي لم أعشق سواها، أنا فقط تلقيت رسائل عبر هاتفي الجوال منذ نحو الشهر للقيام بمقاطعة شراء أي سلعة في يوم السادس من أبريل، ثم وجدت نفس الدعوة على موقع الـ«فيس بوك»، فانضممت لها لأنني وجدتها فرصة مناسبة لاتخاذ موقف إيجابي نعبر به عن رفضنا وضيقنا من غلاء الأسعار الذي بات يعاني منه الجميع ومن يومها بت أتبادل الرأي مع غيري من الشباب على نفس الموقع».

القبض على إسراء من قبل سلطات الأمن المصرية حدث في صباح يوم الإضراب، وهو ما دفع بمحاميها أمير سالم الى الدفع ببطلان إجراءات القبض عليها والتاكيد على أنها قبض عليها في مكان عام بمجرد وصولها إليه وكأنها كانت مراقبة.