بابا الفاتيكان سعى إلى تحسين صورة الكنيسة الكاثوليكية في أميركا بعد أن لطختها الفضائح

شدد على معاناة الأقلية المسيحية في العراق ودعم استقلال لبنان

البابا مغادرا مقر سفارة الفاتيكان في واشنطن محاطا بالمؤمنين (أ ب)
TT

احتشد عدد قدر بحوالي 46 الف شخص امس في ملعب «ناشونال ستوديوم» في واشنطن حيث استمعوا الى عظة دينية من بابا الفاتيكان الذي يزور العاصمة الاميركية لاول مرة. وكان اول لقاء جماهيري من نوعه لبابا الفاتيكان في مكان عام داخل الولايات المتحدة منذ عقود. وحضر عدد كبير من مواطني اميركا الجنوبية خاصة المكسيك اللقاء، ومما زاد حماسهم ان البابا اعتبر ان موضوع الهجرة وادماج المهاجرين ضمن اولوياته حيث بحث المسألة مع الرئيس الاميركي جورج بوش. ولدى وصوله الى الملعب داخل سيارة صغيرة من نوع السيارات التي تستعمل في ملاعب الغولف صفق له الجمهور الحاضر مرددا عبارات الترحيب، كما لوّحوا بأعلام الفاتيكان. ووقف آلاف آخرون خارج الملعب المخصص في الاصل لرياضة البيسبول، بعد ان نفدت بطاقات الدخول، حيث انتظمت الصفوف منذ ساعات الفجر الاولى. وسعى البابا الى تحسين صورة الكنيسة الكاثوليكية في اميركا التي لطختها فضائح تحرش كهنة باطفال، ونشرت امس تفاصيل جديدة حول هذه القضية حيث ذكر ان ضحايا التحرشات يقدرون بالآلاف، وقالت مصادر مواكبة للزيارة إن البابا تجاهل طلباً لاستقبال وفد يمثل الضحايا او المحامين الذين يدافعون عنها، وأعلن ان الدعاوى القضائية التي اقيمت ضد الكنيسة في المحاكم الاميركية كلفتها في حدود ملياري دولار، وهو ما أدى الى إعلان ست ابرشيات افلاسها. وقال البابا إنه يشعر بالخجل الكبير إزاء هذه الفضائح، كما قال ان المشكلة تحتاج الى أن ينظر اليها في إطار السياق الأوسع للعلمانية المعتمدة في اميركا، وانهيار القيم داخل المجتمع الاميركي. وحمّل البابا وسائل الاعلام والسينما الاميركية قسطاً كبيراً من المسؤولية وتساءل «ما الذي يعنيه حديثنا عن حماية الأطفال في الوقت الذي يمكن أن تشاهد فيه أفلام الجنس والعنف في العديد من المنازل عبر وسائل الإعلام المتوافرة على نطاق واسع اليوم»، لكنه دعا الى رد جماعي حازم لردع الظواهر السلبية التي تزعزع القيم. بيد ان كل ذلك لم يقنع أسر الاطفال الضحايا الذين كانوا يأملون ان يلتقي بهم البابا.

ودعا البابا في عظته الدينية الكاثوليك لرفع صوتهم من أجل ضم آخرين الى الكنيسة وضرورة تقوية الروابط الأسرية، كما اشاد بدور المهاجرين الذين احدثوا تغييرات داخل الكنيسة الكاثوليكية. والتقى البابا أمس مع ممثلي عقائد اخرى في اميركا كما التقى مع مجموعة من الباحثين الكاثوليك.

وبحسب نتائج استطلاع اجري لمناسبة زيارة البابا التي تستغرق ستة ايام يزور خلالها نيويورك بعد واشنطن، فان الاميركيين يعرفون القليل عنه إذ يجهل كثيرون أصوله الالمانية. ومما أثار الاهتمام لدى الاميركيين هو ان البابا الذي احتفل اول من امس بعيد ميلاده الواحد والثمانين بدا أكثر حيوية مما توحي به سنه المتقدمة. وكان البابا قد أعلن في وقت سابق انه بات صديقا لأميركا وامتدح الشعب الأميركي بسبب اهتمامه بالأسرة البشرية الكبيرة وعبر عن أمله في أن يتواصل مثل هذا الاهتمام ليجد له تعبيرا من خلال دعم جهود الدبلوماسية الدولية لحل الصراعات في العالم. وعبر البابا عن اعتقاده بأن يجد الشعب الاميركي في معتقداته الدينية مصدرا مهماً للتبصر والإلهام من أجل الوصول إلى حوار عقلاني ومسؤول ومحترم في إطار الجهود الرامية لبناء مجتمع حر وأكثر إنسانية. وأكد البيت الابيض امس ان البابا طرح بالفعل حرب العراق مع الرئيس بوش، لكن ليس من زاوية ادانة الحرب، حيث يعد البابا من المعارضين لها، ولكن من زاوية حث الولايات المتحدة للقيام بخطوات تهدف لحماية الأقلية المسيحية في العراق. ونسب الى مصادر البيت الابيض قولها إن البابا أثار قضية الأوضاع في العراق وعبر لبوش عن قلقه بشأن محنة الأقلية المسيحية في تلك البلاد. وجاء في بيان مشترك أصدره الجانبان لاحقا أن كلا الطرفين عبر عن أمله بإيجاد «حل فوري وشامل للأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط» لكن بدون ان يتطرق البيان الى حرب العراق أو القضية الفلسطينية. كذلك أعرب بابا الفاتيكان والرئيس الاميركي عن دعمها «لسيادة لبنان واستقلاله» في وقت يواجه هذا البلد ازمة سياسية تحمل واشنطن المسؤولية الرئيسية فيها لدمشق.