استياء إيراني من دعوة قطر ليفني للمشاركة في منتدى الدوحة

الخارجية الإيرانية: دعوة الوزيرة الإسرائيلية «مشبوهة ومرفوضة» > قطر تتحفظ على التعليق

TT

قالت مصادر إيرانية مطلعة إن السلطات الإيرانية تشعر بالاستياء بسبب دعوة وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني للمشاركة في منتدى الدوحة الثامن للديمقراطية والتنمية والتبادل الحر، موضحة ان مشاركة ليفني في المنتدي اعطتها الفرصة للهجوم على إيران وتقسيم دول المنطقة الى معتدلين ومتشددين، ومحور شر ومارقين، من دون أن يتدخل احد من الحضور العرب للرد على كلام الوزيرة الاسرائيلية. وأصدرت وزارة الخارجية الإيرانية، وفي اجراء غير اعتيادي بيانا نقلا عن مصدر بالخارجية الإيرانية لم يكشف هويته، نقلته وكالة الأنباء الإيرانية «ارنا»، وصف فيه مشاركة ليفني في منتدى الدوحة بأنه «وصمة عار للديمقراطية». وقال المصدر الإيراني حول دعوة وزيرة الخارجية الاسرائيلية لحضور المنتدى «مما لا شك فيه أن هذه الاجراء‌ات تعد انتهاكا صارخا لآراء الأغلبية واجماع الدول ولمصالح الأمة الاسلامية، ولا تساعد على اقرار حقوق الشعب الفلسطيني.. ونوعا من الاستهزاء بالمبادئ والقيم الاسلامية والوطنية وتمهد للمزيد من اهدار الحقوق المشروعة لاصحاب الارض الفلسطينيين». وأضاف: «أنه في الوقت الذي ازدادت فيه جرائم الكيان الصهيوني الغاصب ضد الشعب الفلسطيني، حيث يعيش الالاف من أبنائه في ظروف صعبة للغاية، من جراء الحصار الخانق والعمليات العسكرية التي يشنها هذا الكيان وقتله العديد من الاطفال والنساء والشبان يوميا، فان دعوة مسؤول صهيوني لحضور هذا المنتدى يعد اجراء مشبوها ومرفوضا وغير مقبول بتاتا». وتابع: «ان المتوقع من الدولة المستضيفة قطر، التي هي عضو في العالم الاسلامي، أن تعقد اجتماعا لدراسة آليات انهاء الحصار ومعاناة الشعب الفلسطيني المظلوم واتخاذ التدابير اللازمة بهذا الشأن بدلا من اعطاء الفرصة للكيان الصهيوني الغاصب كي يستغلها اعلاميا للتغطية علي جرائمه، في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني، اطفالا ونساء وكبارا ومرضى للخطر الجاد من جراء الحصار المفروض عليهم، وعدم حصولهم على حاجاتهم ومستلزماتهم الأولية من الغذاء والدواء». وقال مصدر إيراني، لا يستطيع الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط»، إن بيان الخارجية الإيرانية الذي نشرته وكالة «ارنا» هو الموقف الرسمي الوحيد الذي صدر حتى الان عن طهران. ورأت مصادر إيرانية ان طهران تحاول الا تصعد من موقفها. وكان لافتا ان وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية نقلت عن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري قوله لوكالة الصحافة الفرنسية، على هامش منتدى الدوحة، إن «إيران جارة مهمة بالنسبة لنا، وتربطنا معها علاقات قوية ايضا، والاستقرار مهم في المنطقة»، ردا على سؤال حول ما اذا كان الملف الايراني مطروحا على جدول مباحثاته مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية. وأضاف الشيخ حمد بن جاسم قائلا: «نحرص دائما على ان يتم حل كل المواضيع التي تتعلق بالمنطقة بشكل سلمي، خصوصا ان علاقات مهمة تربطنا بايران».

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بأكثر من مصدر قطري رسمي طول يوم أمس لمعرفة الرأي الرسمي إزاء عدم الارتياح الايراني، إلا أن أكثر من مسؤول قطري تحفظ على الرد على اتصالات «الشرق الأوسط»، كان أبرزهم محمد عبد الله الرميحي مساعد وزير الخارجية القطري لشؤون المتابعة، وعبد الرحمن الخليفي مدير إدارة الشؤون الآسيوية والافريقية بوزارة الخارجية القطرية.

وقال محمد علي مهتدي رئيس القسم الدولي في صحيفة «اطلاعات» الإيرانية الرسمية اليومية، إن هناك استياء إيرانيا من مشاركة ليفني، مشيرا في الوقت ذاته إلى ان إيران «تستمر في العلاقات الاقتصادية والتجارية السياسية مع قطر ومع عمان، فوزير خارجية عمان السيد علوي (يوسف بن علوي بن عبد الله) كان موجودا في المؤتمر». وتابع مهتدي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من لندن: «بعض الصحف اهتمت بحضور ليفني في مؤتمر الدوحة، خصوصا جريدة كيهان التي نشرت صورا، واختارت مانشيتات تدين حضور وزيرة خارجية اسرائيل في الدوحة. اجمالا وبشكل عام هناك حالة عدم ارتياح خصوصا، أننا مقبلون على الذكرى الستين للنكبة، ومن جانب اخر نرى ان الشعب الفلسطيني، في غزة خصوصا، محاصر ويعاني مرارة ومشاكل انسانية وسياسية وقصفا يوميا. طبعا في مثل هذه الظروف نرى على شاشات التلفزيون ان وزيرة خارجية الكيان الصهيوني تحضر في دولة عربية، وتقسم المنطقة الى معتدلين والى محور الشر، ولا احد يرد عليها من الحضور، خصوصا من المسؤولين العرب الذين حضروا هذا المؤتمر». وتابع: «اجمالا وفي هذه المرحلة العصيبة، المنطقة تمر بتطورات مصيرية ولا أحد يمكن ان ينجو برأسه مستقبلا مما نشهده في المنطقة، من جراء السياسات الاميركية والاسرائيلية، مما يحتم على الجميع ان يوحدوا المواقف لانقاذ ما يمكن انقاذه في هذه المنطقة المليئة بالمخاطر والحساسيات.. شخصيا أعتقد ان دولة قطر أخطأت، ليس فقط في توجيه الدعوة لوزيرة خارجية اسرائيل، بل ايضا في التوقيت».

وحول كيف ترى ايران دعوة ليفني للمشاركة في منتدى الدوحة، قال مهتدي: «هذه سياسة قطرية. نرى ان قطر تحاول ان تقيم علاقات مع اسرائيل، وفي نفس الوقت تقيم علاقات متوازنة مع الدول والقوى الاقليمية في المنطقة. لا ننسى ان قطر استضافت مؤتمر القمة الاسلامية، وفي نفس الوقت رغم كل الاصرار والالحاح الاسلامي والعربي لاغلاق مكتب التمثيل الاسرائيلي في الدوحة، لم يغلقوا هذا المكتب. ومن جهة اخرى لا ننسى الموقف القطري مما حصل في الجنوب اللبناني والمساعدة القطرية. اعتقد ان قطر تحاول ان تقيم علاقات مع كافة الدول والقوى، وهذا شأن سيادي يخص القطريين». وحول هل يرى ان زيارة ليفني تهدد الأمن في الخليج كما رأت بعض المصادر الإيرانية، قال مهتدي: «لا أعتقد ان زيارتها تهدد الأمن، طبعا زيارة ليفني او توجيه الدعوة من جانب السلطات القطرية لوزيرة الخارجية الاسرائيلية غير محبذ ونوعا ما مستنكر. لكن موضوع الأمن شيء آخر، مجرد حضور وزيرة خارجية اسرائيل في مؤتمر لا يعني ان أمن الخليج مهدد. طبعا نعرف ان هناك طموحات اسرائيلية تجاه منطقة الخليج.. لم نصل بعد الى مرحلة وجود اسرائيلي حتى نشعر بالتهديد الاسرائيلي في منطقة الخليج». من ناحيته، أعرب ماشاء الله شمس الواعظين رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن طهران لن تأخذ رد فعل عنيف من الدوحة بسبب دعوة ليفني. وتابع شمس الواعظين: «في السابق ايضا كانت هناك زيارات لبعض المسؤولين الاسرائيليين الى قطر من خلال المؤتمرات، ولم تكن ردة فعل إيران عنيفة ضد قطر. لكن اليوم رأيت بعض الصحف المحافظة عنونت (يد ليفني الملطخة بالدماء بيد أمير قطر).. في اعتقادي ردة الفعل كانت اعلامية أكثر». وحول ما اذا كانت هذه الزيارة تؤثر على العلاقات الإيرانية ـ القطرية قال ما شاء الله شمس الواعظين: «أنا لا أعتقد ذلك لسبب بسيط جدا، وهو ان إيران تعرف ان اسرائيل في الآونة الأخيرة اينما ذهبت تحاول حشد القوى في الأسرة الدولية ضد إيران. ومحاولة لانشاء تحالف دولي ضد الملف النووي الإيراني.. لكن لا اعتقد أن إيران ستأخذ موقفا متشددا حيال هذه الزيارة او مشاركة ليفني في قطر.. تحظى قطر بعلاقة جيدة مع إيران بسبب المصالح المشتركة، خاصة بسبب حقول الغاز المشتركة في منطقة الخليج». وكانت ليفني قد قالت خلال زيارتها للدوحة ان إيران تأتي على رأس الدول المارقة، داعية الى حشد الدعم ضدها، مشيرة الى انها تسعى للحصول على دعم الدول العربية ضد مساعي ايران النووية. وردا على سؤال للصحافيين في الدوحة حول ما اذا كانت سعت الى حشد الدعم ضد برنامج ايران النووي، قالت ليفني ان «ايران تمثل المتطرفين في المنطقة وهذا تهديد وتحد للمنطقة باكملها.. ايران تحاول تقويض انظمة اخرى وتعمل مع عناصر متشددة مثل حزب الله اللبناني، كما تدعم حماس»، التي وصفتها بأنها «منظمة ارهابية» تسيطر على غزة، عن طريق امدادها بالاسلحة والتدريب والمال. واضافت انه «من المصلحة المشتركة للمنطقة» العمل معا ضد التطلعات النووية لايران التي قالت انها تعتبر «مثالا على الدولة المارقة».