ترجيحات بانسحاب القوات الأميركية من العراق أيا كان الفائز في سباق الرئاسة

المرشحون لا يريدون التزاما طويل المدى.. ومسؤول عسكري: الظروف على الأرض ستحكمنا

TT

تقول هيلاري كلينتون وباراك أوباما المتنافسان للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الاميركية انهما يريدان سحب قوات بلادهما من العراق في أسرع وقت ممكن..ويقول الجمهوري جون مكين انه سيبقيها في العراق طالما اقتضت الضرورة. وقد يكون الامر مختلفا بعض الشيء على أرض الواقع في العراق.

قال جيرد نومان استاذ سياسات الشرق الاوسط في جامعة اكستر البريطانية عن المرشحين الثلاثة «انهم في الحقيقة ليسوا مختلفين عن بعضهم الى هذا الحد بغض النظر عما يقولون». واستطرد قائلا «الجميع يريد أن يرى انسحابا وألا يرى التزاما أميركيا طويل الامد يتجاوز النوع العادي لاتفاقيات المساعدات القائمة بين الولايات المتحدة وعدد كبير من الدول في أنحاء العالم». وقد يكون زعماء العراق الذين تدعمهم الولايات المتحدة هم الاكثر تهديدا من جراء أي انسحاب سريع للقوات الاميركية، لكنهم يقولون انهم ليسوا منزعجين من احتمال وصول رئيس ديمقراطي لسدة الرئاسة بالبيت الابيض.

وقال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي لوكالة رويترز «أيا كان القادم للبيت الابيض فسيكون هناك تعديل في الاستراتيجية.. تعديل وليس تغييرا جذريا أو افتراقا كاملا عما تم استثماره هنا»، وتابع قائلا ان حجم القوات مسألة «سيقررها القادة الميدانيون ستكون عملية موجهة بالظروف وليس بوعد الناخبين».

وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية ان العراقيين مستعدون حتى لقبول الجدول الزمني الذي وضعه أوباما لسحب القوات وهو الاكثر صراحة في التعهد بسحب كل القوات بحلول عام 2010 باستثناء قوة صغيرة لمحاربة الارهاب، وأضاف «اذا كان الانسحاب منظما ومتفقا عليه فانه لن يمثل أية مشكلة عندئذ». وأعداد القوات الاميركية تتراجع بالفعل وليس من المرجح أن تعود الى مستوى «الزيادة» في العام الماضي للقوات الاضافية، فالجيش ومشاة البحرية الاميركيان وصلا الى أقصى درجة.

ولواشنطن الان 160 ألف جندي في العراق وسينخفض العدد الى 140 ألفا بحلول منتصف يوليو (تموز) عندما تعود خمسة ألوية من بين 20 لواء مقاتلا للبلاد.

وقال الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق انه لن يبدأ التفكير في سحب مزيد من القوات الا في سبتمبر (أيلول) القادم. وحتى بعد عودة القوات الاضافية فسيظل بالعراق 15 لواء مقاتلا بالاضافة الى ما بين لوائين وثلاثة ألوية في أفغانستان. ويقول خبراء عسكريون ان واشنطن تحتاج الى خفض قواتها في العراق الى حوالي 12 لواء لتوفير تدريب وراحة كافيين للجنود.

وقال الميجر جنرال المتقاعد روبرت سكيلز قائد كلية الحرب الاميركية السابق لمجلس الشيوخ في واشنطن هذا الشهر «بغض النظر عن الاستراتيجية أو من سيكون في الرئاسة سننسحب مدفوعين فقط بالظروف في الجيش»، واستطرد قائلا «نقطة الخلاف الوحيدة هي مدى السرعة في سحب القوات».

وكانت الخطة العسكرية الاميركية في العراق تقضي دائما بتسليم الاراضي تدريجيا للقوات العراقية وانسحاب القوات الاميركية الى دور «مراقب» حيث يمكنهم تقديم مستشارين وتعزيز ودعم جوي لكنها لا تشارك في الدوريات اليومية.

وتم تسليم نصف محافظات العراق وعددها الاجمالي 18 محافظة بما في ذلك جنوب العراق واقليم كردستان حيث كان الوجود الاميركي صغيرا دائما. ويقول القادة في مناطق السنة العرب حيث القوات الاميركية أكثر نشاطا انهم يريدون المضي قدما في تسليم الاراضي. والانبار التي كانت أكثر محافظات العراق عنفا قد تكون قريبا أول محافظة تسكنها أغلبية من السنة العرب للعراقيين.

وقال رئيس هيئة أركان القوات الاميركية في بغداد ان القادة يأملون في تسليم السيطرة على العاصمة العراقية نفسها للعراقيين في غضون عام تقريبا.

ورغم أن معظم العراق أصبح أقل عنفا عنه قبل عام فهناك قدر كببر من المخاطر على مدى الاشهر العشرة السابقة على تولي القائد الاعلى للقوات (الرئيس الاميركي) المسؤولية. ومن المتوقع أن تشعل الانتخابات المحلية العراقية التي تجرى في أول أكتوبر (تشرين الاول) القادم العنف بينما قد يتقاتل الاكراد والعرب من أجل السيطرة على مدينة كركوك النفطية الشمالية المتنازع عليها.

وأقحم اسوأ اقتتال في عام تقريبا الحرب في قلب نقاش الانتخابات الرئاسية الاميركية، وأثار تساؤلات حول مدى السرعة التي قد تسحب بها القوات الاميركية. وكان من الصعب على ما يبدو اعتبار النتيجة الاولية جيدة بالنسبة للقوات العراقية التي فشلت في ابعاد المقاتلين عن الشوارع. وقال الجنرال بترايوس للكونغرس ان تخطيط العملية «لم يكن مرضيا». وعزل العراق 1300 جندي ومن قوات الشرطة لرفضهم الاشتراك في القتال.

لكن اذا كان القتال قد كشف عن أوجه ضعف في القوات الاميركية في العراق الا أنه أظهر أيضا تصور القادة الاميركيين والعراقيين لاضطلاع القوات الاميركية في المستقبل بدور «مراقب» أصغر. ووقع معظم القتال في الجنوب الذي تسكنه أغلبية شيعية البعيد عن أماكن انتشار الجزء الاكبر للقوات الاميركية.