قلق دولي من عولمة العمليات الانتحارية

542 عملية في أفغانستان والعراق .. وثلثا الهجمات موجهة ضد أهداف أميركية

TT

وقعت 658 عملية انتحارية حول العالم في العام الماضي، من بينها 542 عملية في أفغانستان والعراق، طبقا للمعلومات التي جمعها خبراء الحكومة الاميركية.

ويعكس العدد الضخم من الهجمات – وهو أكثر من ضعف العمليات التي جرت في الربع قرن الماضي – اتجاهات اثارت دهشة وقلق المحللين الاستخباريين والعسكريين الاميركيين.

وتجدر الاشارة الى ان اربع اخماس العمليات الانتحارية التي وقعت في تلك الفترة تمت في السبع سنوات الاخيرة. وقد امتدت العمليات الانتحارية الى عشرات من البلاد في القارات الخمس، وتسببت في مقتل 21350 الف شخص وإصابة ما يقرب من 50 الفا منذ عام 1983 عندما وقع الانفجار الذي نسف السفارة الاميركية في بيروت.

ويوافق اليوم الذكرى الخامسة والعشرين لهذا الهجوم، وهو الاول ضمن سلسلة من العمليات الانتحارية التي تستهدف القوات الاميركية في الخارج.

وقال محمد حافظ من مدرسة الدراسات العليا التابعة للبحرية في مونتري بولاية كاليفورنيا، ومؤلف كتاب «الانتحاريون في العراق»، اننا «نشاهد بطريقة متزايدة عولمة العمليات الانتحارية، ولم تعد محصورة في مناطق النزاع ولكنها تحدث في كل مكان». ويطلق حافظ على الانتحاريين المعاصرين اسم «شهداء بلا حدود».

وكشفت المعلومات غير المنشورة انه منذ عام 1983 طور الانتحاريون في 50 جماعة من الارجنتين والجزائر وكرواتيا حتى الصين والهند الى اندونيسيا السيارات الملغومة ليعدو احزمة متفجرة وصدريات متفجرة وألعاب ودراجات نارية ودرجات هوائية وقوارب وحقائب الظهر والتظاهر بالحمل. ومن بين 1840 حادثة وقعت في الخمسة والعشرين سنة الماضية، تبين ان 86 في المائة منها وقعت منذ عام 2001، واعلى مستويات حوادث وقعت في الاربع سنوات الاخيرة. وقد طلب المصدر الذي قدم المعلومات لواشنطن بوست، عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع.

وكشفت المعلومات عن وقوع أكثر 920 عملية انتحارية في العراق وأكثر من 260 عملية انتحارية في أفغانستان، بما فيها بعض العمليات التي ادت الى مقتل عشرات من القوات الاميركية. وقد وقعت كلها بعد الغزو الاميركي لأفغانستان عام 2001 والعراق 2003. واوضح الميجور براد ليتغون المتحدث باسم القوات الاميركية في العراق، ان ارقام ضحايا القوات الاميركية من العمليات في العراق سري «لانه ربما يكشف عن فاعلية اسلحة العدو».

وقد لقي أكثر من 3420 اميركي حتفهم في عشر عمليات انتحارية اساسية بداية بتفجير السفارة الاميركية في بيروت، التي تسببت في قتل 63 شخصا، من بينهم 17 اميركيا، وإصابة مائة بجراح. وقد ادى تفجير ثكنات قوات المارينز الاميركية في بيروت بعد ذلك بستة اشهر الى مقتل 241 ولا يزال يعتبر اكبر خسارة في الارواح للقوات الاميركية منذ معركة ايوا جيما في الحرب العالمية الثانية.

تفاجأت واشنطن بالهجومين، على الرغم من الهجوم على السفارة الاميركية في بيروت عام 1981 والمقر العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان عام 1983. وقال ريتشارد غانون، ضابط الأمن الإقليمي في ذلك الوقت، انهم في السفارة كانوا يرون بالإجماع ان الوضع السياسي يشهد تحسنا. مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية لا يعرفان هوية منفذ الهجوم، الذي قاد قبل 25 عاما شاحنة مليئة بالمتفجرات عبر كشك حراسة باتجاه السفارة المكونة من سبعة طوابق المواجهة للبحر المتوسط لتنفيذ التفجير الذي أزال واجهتها بالكامل. وتتذكر آن داميريل، التي عملت في وكالة التنمية الدولية، الانفجار الذي أدى إلى حبسها تحت الأنقاض وتعرضها لـ17 كسرا واللهب الذي كان يقترب باتجاهها وهي لا تستطيع الحركة. وقالت آن انها قررت استنشاق الدخان كي «تختنق قبل ان تحترق وهي حية» لانها اعتقدت ان ذلك أسهل لها. ووجه مكتب التحقيقات الفيدرالي المسؤولية إلى متطرفين شيعة شكلوا فيما بعد «حزب الله»، ويعتقد المكتب ان إيران وفرت المساعدات وتفاصيل الموقع، إلا انه لا تعرف معلومات على وجه التحديد والدقة حتى هذه اللحظة ولم يمثل أحد أمام العدالة، مثلما هو الحال في الكثير من مثل هذه الهجمات. ويقول مسؤولو استخبارات اميركيون ان ثلثي الهجمات الانتحارية منذ عام 1983 كان موجها ضد أهداف اميركية. وقال غاري لافري، الذي يدير مجموعة تعنى بدراسات شؤون الإرهاب تابعة لجامعة ميريلاند، ان هذه الجماعات ربما استهدفت الولايات المتحدة لكنها لم تضرب داخل اميركا أو المصالح الاميركية في دول أخرى. فيما يقول بروس هوفمان، الباحث في شؤون الإرهاب، انه تم التعرف على عدد محدود من الجناة، وأضاف قائلا انهم يعتمدون على إعلان المجموعة الإرهابية مسؤوليتها أو نشر شريط الاستشهاد إلا ان المنفذ يظل غير معروف إذا لم تكن لديه بصمات أو إذا لم يكن لدى السلطات عينة من الحمض النووي له.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»