بابا الفاتيكان يدعو إلى العمل الجماعي لحل أزمات العالم

يزور اليوم «النقطة صفر» في نيويورك لإحياء ذكرى ضحايا هجمات سبتمبر > ممثلو المسلمين الأميركيين يدعونه لإطلاق حوار إسلامي ـ مسيحي

TT

دعا البابا بنيديكت السادس عشر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى العمل الجماعي لحل قضايا العالم بدلا من ان يقوم بهذه المهمة عدد صغير من الدول . وبالرغم من أن البابا الذي تجنب، في بيان أدلى به أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الإشارة الى أية من الأزمات الساخنة المطروحة على أجندة الأمم المتحدة سواء في الشرق الأوسط أو في آسيا أو أفريقيا، غير أنه انتقد بطريقة غير مباشرة سياسة اميركا الانفرادية في شن الحروب وفي معالجة الأزمات .

وقال البابا «ان قرار الاجماع والمتعدد الأطراف لايزال في أزمة لأنه لايزال يحتل المرتبة الثانية بعد قرارات بضع دول في الوقت الذي تستدعي فيه مشاكل العالم الى تدخل عمل جماعي». وكان الفاتيكان من الدول التي عارضت الحرب الأميركية على العراق عام 2003 . ودعا البابا الى البحث بعمق عن الوسائل لاحتواء ومعالجة الأزمات من خلال استنفاد كل السبل الدبلوماسية وحث على منح المزيد من الانتباه الى الحوار وعلى تشجيع المصالحة بين أطراف النزاع . وحرص البابا، الذي يعتبر ثالث بابا من الفاتيكان يزور الأمم المتحدة ويخاطب الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، على إلقاء بيان اتسم بالعموميات وركز فيه بصورة خاصة على قضايا حقوق الانسان وعلى الحوار بين الأديان. واعتبر البابا بينيديكت السادس عشر «ان تعزيز حقوق الإنسان هي أكثر استراتيجية فعالة للقضاء على عدم المساواة بين الدول وبين الجماعات الاجتماعية ولزيادة الأمن». ودعا البابا الى الحرية الكاملة لممارسة الأديان وشدد على حق جميع الأفراد في ممارسة عباداتهم وفي الوقت ذاته أكد على ما سماه «بالبعد العام للدين الذي يسمح للمؤمنين بلعب دور في المجتمع». ودعا البابا الى تدخل المجتمع الدولي لحماية حقوق الانسان في الدول التي تعجز عن حماية حقوق مواطنيها، وقال «إذا كانت الدول غير قادرة على ضمان مثل هذه الحماية فعلى المجموعة الدولية التدخل وفق الوسائل القانونية التي يوفرها ميثاق الأمم المتحدة والأدوات الدولية الأخرى». وتعتبر زيارة البابا، الألماني الجنسية والبالغ من العمر 81 سنة، هي الأولى الى نيويورك وبعد زيارة مبنى الأمم المتحدة التي التقى فيها بممثلي الدول الأعضاء والتقى بشكل خاص في قاعة الجمعية العامة بموظفي الأمم المتحدة قام البابا بزيارة المعبد اليهودي في نيويورك . الى ذلك تراجع بابا الفاتيكان في آخر أيام زيارته الى واشنطن قبل انتقاله أمس الى نيويورك عن موقفه السابق بتجاهل اللقاء مع أسر أو الاطفال ضحايا التحرش الجنسي، وهي القضية التي هزت الكنيسة الكاثوليكية منذ عام 2000، والتقى البابا ستة من ضحايا بوسطن التي شهدت أكبر حالات من التحرشات الجنسية ضد أطفال من طرف كهنة كاثوليك. ووصف راعي كنيسة بوسطن اللقاء الذي دام 25 دقيقة بأنه كان «ايجابياً وضمد الجراح التي تسببت فيها هذه القضية المخجلة».

ولم يعلن من قبل عن هذا الاجتماع الذي عقد في سفارة الفاتيكان في واشنطن، كما ان اسماء الذين شاركوا فيه بقيت طي الكتمان. وأتيح لكل واحد من الضحايا الحديث على انفراد مع البابا. لكن نسب في وقت لاحق الى احدهم ويدعى بيرن ماكديد قوله إنه صافح البابا وابلغه انه كان يعمل في الكنيسة وتعرض للتحرش من طرف قسيس في خزانة الأبرشية، مشيراً الى انه لم يكن فقط مخنثا بل ايضاً روحانياً. وقال إنه خاطب البابا قائلاً «اريد قداستك ان تعرف ان هناك سرطاناً استشرى وسط أتباعك وأتمنى أن تفعل شيئاً لعلاج هذه المسألة»، وأضاف «إن البابا عندما سمع هذه العبارة أطرق برأسه قليلاً نحو أرضية الغرفة ثم نظر إلي وكأنه يقول أعرف ماذا تعني».

يشار الى أن ضحايا التحرشات الجنسية يقدر عددهم بحوالي ألف طفل في بوسطن لوحدها. وقال مصدر في مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الاميركيين إنه منذ عام 1950 تورط خمسة آلاف قسيس في التحرش جنسياً بحوالي 12 ألف طفل.وسيزور البابا اليوم «النقطة صفر» وهي المنطقة التي كانت يوجد بها مركز التجارة العالمي، وذلك لإحياء ذكرى ضحايا هجمات 11 سبتمبر. من جهتهم قال ممثلو المسلمين الاميركيين انهم دعوا البابا بنديكتوس السادس عشر خلال اجتماع معه الخميس الى المساعدة على اقامة حوار دائم بين المسلمين والكاثوليك.

وقال الامام حسن القزيوني مدير المركز الاسلامي الاميركي في مؤتمر صحافي عقب لقاء البابا مع ممثلين من خمسة معتقدات «لقد قلت للبابا لقد التقيتك قبل عامين في الفاتيكان وطلبت منك في ذلك الوقت ان تقود جهودا لاقامة حوار دائم مع المسلمين». واضاف «وقد جددت دعوتي اليوم. ان المسلمين والكاثوليك يمثلون 50 في المائة من سكان العالم، ونحن بحاجة ماسة الى حوار».

ومن جهته قال مزمل صديقي رئيس مجلس الشريعة لاميركا الشمالية انه دعا كذلك الى مزيد من الحوار مع الكنيسة وحث البابا على استخدام نفوذه «لاحلال الاستقرار في لبنان»، واضاف ان البابا ابلغه انه «سيبذل كل جهده» لتحقيق ذلك.