وزير خارجية الهند: نطمح بمقعد دائم في مجلس الأمن وملتزمون بالمعاهدة النووية مع أميركا

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه نقل للرياض رغبة بلاده بالمشاركة في المشروعات البترولية

TT

تطمح الهند في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، بحسب وزير خارجيتها برانب موكارجي، الذي يزور السعودية حاليا، في زيارة رسمية تختتم اليوم الأحد.

وبحسب موكارجي، فإن بلاده ملتزمة بالمعاهدة النووية التي وقعتها مع الولايات المتحدة، على الرغم من المعارضة العنيفة التي تقف بوجهها من قبل بعض الأحزاب في بلاده.

لكنه أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» خلال وجوده في العاصمة الرياض، أنهم في صدد البحث عن إجماع سياسي حول القضية مع الأحزاب السياسية المختلفة المؤيدة للحكومة الائتلافية في الهند. ولا يزال الموضوع تحت النقاش. ونقل الوزير الهندي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي التقاه يوم أمس، رغبة بلاده بالمشاركة في استكشاف حقول النفط، والمشاركة في المشروعات البتروكيماوية التي تنفذها السعودية. وتأتي زيارة موكارجي، الذي تحدث مطولا عن العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين بلاده والرياض، للسعودية تمهيدا للزيارة التي سيقوم بها رئيس وزراء الهند للسعودية.

> هل لك أن تطلعنا على تفاصيل المباحثات التي أجريتموها مع خادم الحرمين الشريفين؟

ـ التقيت الملك وناقشت معه العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية. كما ناقشنا الإجراءات التي اتخذت بعد زيارة الملك عبد الله إلى الهند عام 2006، والتحسن الذي تم إحرازه بعد هذه الزيارة، خاصة في إطار الزيارات التي تمت على مستوى رفيع بعد تلك الزيارة.

ونقلت للملك عبد الله رغبتنا في الدخول لاستكشاف النفط، والاستثمار في مشروعات البتروكيماويات في السعودية. الاقتصاد الهندي ينمو بواقع 8 في المائة، وهو نمو جيد جدا، ونحن نحتاج لاستثمارات كبيرة للبنية التحتية في الهند.

وتناقشت مع الملك عبد الله كذلك في مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، كالقضية الفلسطينية، ونحن نقول إن للشعب الفلسطيني حقا بأن تكون له دولة مستقلة. كما سألتقي بالأمير سعود الفيصل.

> ما هي فحوى المباحثات التي ستجريها مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وكبار المسؤولين السعوديين الآخرين؟

ـ تقدم زيارتي فرصة لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والثقافة والأمور المتعلقة برفاهية الجالية الهندية المقيمة في المملكة العربية السعودية. كما يغطى النقاش المستجدات على المستويين الإقليمي والدولي وتحديد سبل وتعزيز علاقاتنا الثنائية الودية والوثيقة إلى مدى أبعد. أتطلع إلى بحث هذه المواضيع بالتفصيل مع القيادة السعودية. ومن المعلوم أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التاريخية للهند كضيف الشرف بمناسبة يوم جمهورية الهند في يناير (كانون الثاني) 2006، فتحت بابا جديدا في العلاقات الثنائية بين البلدين، وقامت بتأسيس خارطة الطريق إلى التعاون الثنائي في المستقبل، ومنحت زخما إضافيا وبعدا، وفي نفس الوقت أشارت إلى الحقبة الجديدة في العلاقات الثنائية. إن الزيارة المذكورة قامت بدعم وتعزيز محتوى وجودة علاقاتنا، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية، بالإضافة إلى قطاعي الصحة والتعليم. نحن نحتاج إلى أن نتسارع إلى القوة الدافعة التي خلفتها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في يناير 2006 . وقد قام الأمير سعود الفيصل بزيارة الهند في الآونة الأخيرة في شهر فبراير (شباط) من العام الجاري، حيث وفرت الزيارة فرصة ممتازة لبحث المستجدات في المنطقة والتركيز على العلاقات الثنائية. وزيارتي إلى الرياض تهدف إلى القوة الدافعة في التفاعل والاستشارات والتأكيد على موعد وتاريخ زيارة رئيس وزراء الهند للمملكة العربية السعودية.

> هل ستشمل زيارتكم الحالية، جولة لدول خليجية أخرى؟

ـ هذه زيارة خاصة للمملكة العربية السعودية، نظرا للأهمية التي نعلقها على علاقاتنا مع الرياض.

> من المعلوم أن المنطقة تعاني من توتر سائد في العراق وأفغانستان، وخلاف غربي مع ايران حول برنامجها النووي، كيف تنظر الهند إلى كافة المستجدات في المنطقة، وما هو الدور الذي ستلعبه بمشاركة المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى، وبخاصة في مكافحة الإرهاب؟

ـ تتشارك الهند مع المملكة في الاهتمامات الخاصة بالأمن والاستقرار في المنطقة. الجميع يعرف أن الهند واجهت كارثة الإرهاب منذ أكثر من عقدين. ونحن نعتبر السعودية شريكا مهما في مكافحة الإرهاب، ونود أن نثني على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لاستضافة المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في شهر فبراير 2005 بطريقة ناجحة. الهند والمملكة العربية السعودية، تؤمنان بأن الاستقرار والوحدة الإقليمية والحرية في العراق عناصر أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة. كما تود الهند أن ترى الشعب العراقي يقرر مصير مستقبله السياسي بحرية، ويمارس السيطرة على الموارد الطبيعية.

نرى فيما يتصل بالملف النووي الإيراني، ضرورة تسوية القضية النووية الإيرانية بطرق دبلوماسية وليس بالقوة. وهذا ما أوضحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال اجتماعاته مع الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني. علما بأن الاستقرار في أفغانستان يرتبط باستقرار المنطقة. ونحن نؤمن بأن جهود إعادة البناء لا بد أن تكون قوة دافعة إضافية في جميع المناطق، بمن فيهم جيران أفغانستان المباشرون، الذين يجب عليهم لعب دور مهم في هذه العملية.

> كيف تقيمون العلاقات الهندية – السعودية من ناحية العلاقات الخارجية، وسط ما يتردد عن أن العلاقات ليست قوية مثل العلاقات التجارية والاقتصادية؟

ـ تتمتع الهند والمملكة العربية السعودية بعلاقات عميقة وممتدة الجوانب منذ زمن طويل من التأريخ الذي تعيشه من التراث وأحاسيس الاحترام والتوائم بين الشعبين. لنا مواقف مشتركة حول قضايا مختلفة، مثل الإرهاب والوضع في العراق، وموقفنا من قضية فلسطين، ثم أن علاقاتنا قوية وعميقة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية، وخاصة العلاقات بين شعبينا. وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز للهند هي بنفسها ظاهرة وإشارة إلى العلاقات المتينة. كما تتمتع الهند والمملكة العربية السعودية بعلاقة تجارية منذ قرون، حيث يبلغ حجم التجارة الحالية بين البلدين 3.67 مليار دولار (بما فيه واردات الزيت للهند من المملكة السعودية). ونحن نشعر بقوة كاملة بأن هناك إمكانيات توسيع وتنويع التجارة إلى مدى أوسع في السنوات القادمة. إن برنامج الهند في مجال تشييد البنية التحتية وإعادة البناء في السنوات الخمس القادمة تحتاج إلى التمويل الإضافي حوالي 400 مليار دولار.

> ما هي المستجدات في التشاورات على مستوى السياسة الخارجية؟

ـ لقد قامت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعم وتعزيز العلاقات الثنائية. وقبل زيارة الملك، قام الأمير سعود الفيصل بزيارة نيودلهي في فبراير 2006. ومرة أخرى في شهر فبراير في العام الراهن. وخلال هذه الزيارة، تم تبادل الاستشارات المفصلة في كافة القضايا المهمة. وتم تبادل الزيارات العديدة لوزراء البلدين منذ ذلك الحين بين الجانبين، بما فيها زيارات وزراء البترول المهمة لقطاع الطاقة للهند. كما قام رئيس البرلمان الهندي بزيارة المملكة العربية السعودية وقام بالتفاعل مع نظرائه في مجلس الشورى. كما التقى ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. ونعقد اجتماعات اللجنة المشتركة بالمواظبة. وعينت الهند المبعوث الخاص لعملية لسلام في الشرق الأوسط الذي قام بزيارة للمملكة العربية السعودية في شهر سبتمبر (ايلول) الماضي، وإجراء محادثة شاملة مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. وزيارتي الحالية أيضا جزء من الاستشارة مع المملكة العربية. نحن نأمل في إيجاد الفرص الجديدة لتدعيم وتعزيز علاقاتنا في السنوات القادمة.

> كانت الهند تقوم بالتعاون مع معهد الدراسات الدبلوماسية بالرياض التابع لوزارة الخارجية لتدريب الطلاب في مجال الاتصالات العامة. ماهي المستجدات في هذا الاتجاه؟

ـ وقع معهد الخدمات الخارجية بوزارة الشؤون الخارجية بنيو دلهي على مذكرة التفاهم في شهر يونيو (حزيران) 2005، مع معهد الدراسات الدبلوماسية. وهذا الأمر يعزز التعاون في مجال البحث والتدريب وتبادل الطلاب وترتيب الندوات والمؤتمرات وتبادل الكتب والدوريات والأبحاث. وفي نفس الوقت قام وفد معهد الخدمات الخارجية بزيارة معهد الدراسات الدبلوماسية. وهذا الأمر يعزز التعاون في مجال البحث والتدريب وتبادل الطلاب وترتيب الندوات والمؤتمرات وتبادل الكتب والدوريات والأبحاث. وفي نفس الوقت قام وفد معهد الخدمات الخارجية بزيارة معهد الدراسات الدبلوماسية بالرياض كما يتلقى الدبلوماسيون السعوديون التدريب بصورة مستمرة في معهد الخدمات الخارجية. وفي الآونة الأخيرة، قام معهد الدراسات الدبلوماسية بالرياض بتنظيم ندوة حول العلاقات السعودية الهندية شارك فيها المحاضرون المشهورون من الهند والمملكة. كما أنه سيتم إصدار كتاب ممتاز إثر هذه الندوة ونتطلع إلى مزيد من العلاقات العميقة في هذا المجال، حيث يرغب كلا البلدين في أن تخلق أفكار جديدة من أجل دعم وتعزيز العلاقات بيننا. > هل أنتم واثقون من الموافقة على صفقة المعاهدة النووية للولايات المتحدة بين الهند وأميركا، مع العلم أنها تواجه بمعارضة عنيفة من بعض الأحزاب الحاكمة؟

ـ إن الحكومة ملتزمة باتفاقية التعاون النووي المدني بين الهند والولايات المتحدة. ونحن في عملية البحث عن إجماع سياسي حول القضية مع الأحزاب السياسية المختلفة المؤيدة للحكومة الائتلافية في الهند. وما زال الموضوع تحت النقاش.وفي 20 يوليو 2007، بعد خمس جولات من المفاوضات، اتفقت الهند والولايات المتحدة على مسودة اتفاقية التعاون النووي المدني بين البلدين وذلك لتنفيذ التفاهم ليونيو 2005 ومارس 2006. وقد وافق مجلس الوزراء على المسودة النهائية. اتفاقية الوقايات الخاصة بالهند على وشك النهاية حاليا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وإنهاء مثل هذه الاتفاقية يؤدي إلى تمكين المزودين بالطاقة النووية وتعديل الإرشادات للاتفاقية حول التعاون النووي لصالح الهند، وبعد ذلك ترسل إلى الكونغرس الأميركي قبل المباشرة بالبداية. > ما هو الدور الذي ستلعبه دولة الهند في تخفيض حدة التوتر في الشرق الأوسط، الذي خلق وضعا من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة؟

ـ دول غرب آسيا هي جزء من جيران الهند البعيدة التي تتمتع بها بالتفاعل منذ ألف عام . وبالتالي لدينا رغبة خالصة في الأمن والاستقرار في المنطقة ونراقب بنظرة عميقة التطورات في المنطقة. ونحن نعتقد أنه لا يوجد أي حل عسكري للصراع القائم بين إسرائيل وفلسطين والقضايا المتعلقة. لا تزال الهند تدعو كافة الفرق في غرب آسيا للتعاون مع جهود المجتمع الدولي. وبدعم إعادة المفاوضات المباشرة بين زعماء إسرائيل وفلسطين والقوة الدافعة التي خلقت في مؤتمر أنا بوليس. وفي المؤتمر أعربت الهند عن استعدادها لأن تلعب دورا مهما في الجهود المشتركة من أجل تعزيز القوات للسلام والاستقرار في المنطقة. وإن مبادرة السلام العربية، ستقوم في إطار عمل بناء من أجل تحقيق مثل هذا السلام الشامل. > هل تقلق الهند من قوة التطرف والإرهاب الآخذة بالتنامي في كل من أفغانستان والعراق؟ وهل تتخذ حكومتكم أية إجراءات وقائية بهذا الصدد؟

ـ حصلت طالبان على الأرضية خلال السنوات الماضية في بعض الحقول في أفغانستان، إن طالبان تتابع الفكرة المبنية على الإرهاب والتطرف، إن مثل هذه الفكرة لا يوجد لها مكان في العصر الحديث. كما نحن نتابع الأحداث بنظرة عميقة في أفغانستان وقد قمنا بدعم كابل وحكومة الرئيس كرزاي في جهوده من أجل مواجهة تحديات الإرهاب. > ما هو الدور الممكن أن تلعبه الصين والهند كقوتين ناهضتين؟ وهل ترى حدوث وضع قد يؤدي إلى اتحاد إستراتيجي بين الهند والصين وروسيا لترتيب نظام عالمي جديد، مع تضاؤل سيطرة الولايات المتحدة الأميركية كقوة عظمى وحيدة؟

ـ نعلق الأولوية على علاقاتنا المتطورة مع الصين وهي أكبر جار لنا. حيث أن الهند والصين دولتان كبيرتان ناميتان يسكنهما ثلث البشرية، كما تعتقد الدولتان أن علاقاتنا القوية اجتازت الإطار الثنائي إلى الأبعاد الإقليمية والدولية. وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي الأخيرة لدولة الصين في يناير 2008 قامت الدولتان بتوقيع الرؤية المشتركة للقرن 21 التي تعكس تطابقا للمصلحة حول القضايا الإقليمية والدولية. إن وثيقة الرؤية المشتركة أعربت عن رغباتنا المتبادلة للعمل مع الآخر حول قضايا متعددة الجوانب للمصلحة المتبادلة. إن الهند وروسيا والصين ـ التعاون الثلاثي لا يهدف ضد أي دولة أو منظمة بل يهدف الى تشجيع الوفاق الدولي والتفاهم المتبادل والحفاظ على المصلحة المختلفة ـ إن التنمية في الهند وروسيا والصين ستكون لها مساهمة كبيرة في السلام والتطوير في المنطقة والعالم، ومفيدة للعملية متعدد الأقطاب. واستمراراً للتنمية ودورها البارز في الشؤون الدولية، سوف تسهم الهند وروسيا والصين ايجابيا في السلام وأمن واستقرار وازدهار العالم. إن آلية الحوار بين الهند وروسيا والصين تقوم بتحسين التفاهم المتبادل والثقة بخصوص التحديات الجدية التي تواجه المجتمع الدولي، مثل الصراعات الإقليمية والإرهاب وتهريب المخدرات ونقص النمو والفقر وتحديات البيئة وتقوم بدعم السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم. وربما تدخل البرازيل على خط التعاون الثلاثي الهندي الصيني الروسي، ليصبح تعاونا رباعيا.

> ما هي إمكانيات حصول الهند على عضوية دائمة في مجلس الأمن؟

ـ هناك إجماع الرأي العام بين الدول الأعضاء بأن منظمة الأمم المتحدة بحاجة إلى إصلاح عاجل شامل لتتمكن من التعامل مع تحديات اليوم بصورة فعالة وبصورة ناجحة. لا بد أن تعمل الأمم المتحدة بصورة أكثر شفافية وبصورة فعالة، كما أنه يجب أن يعكس تأليف الأعضاء الرئيسية الحقائق المعاصرة. لاسيما، توسيع مجلس الأمن في الأمم المتحدة في الفئة الدائمة وغير الدائمة للعضوية هو خطوة مهمة للإصلاح في الأمم المتحدة ولا بد أن يكون التمثيل عن الدول النامية من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية وصربيا كأعضاء دائمين في مجلس الأمن الموسع. وفي هذا الإطار فإن الهند تطمح إلى العضوية الدائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة. ولا يزال هناك دعم وتأييد وثناء لترشيح الهند. ونحن نواظب على الترابط البناء مع الدول الأعضاء حول موضوعات إصلاح الأمم المتحدة.