بري لـ«الشرق الأوسط»: لم أعد أقبل إلا بطاولة حوار لحل للأزمة يحفظ وحدة اللبنانيين

الترتيبات اللوجستية لطاولة الحوار اكتملت في مبنى البرلمان... والدعوة لم تنضج

TT

لم تحبط التطورات الاخيرة التي حصلت على الساحة اللبنانية رئيس مجلس النواب نبيه بري، على ما يبدو من مواقفه التي يلمسها زوار مقر الرئاسة اللبنانية الثانية، أو مقر البرلمان الذي انجزت فيه ترتيبات «لقاءات الحوار»، التي لم تعقد بفعل التعقيدات السياسية المتعاظمة، وانعدام الثقة بين طرفي الازمة السياسية القائمة في البلاد.

بري كان يأمل في ان يتمكن من الدعوة الى الحوار حول موضوعي قانون الانتخاب وحكومة الوحدة الوطنية في 18 ابريل (نيسان) الجاري (أول من أمس)، لكن المعطيات التي توافرت لديه منعته من الاقدام على هذه الخطوة... لم تحصل الدعوة وجلسة يوم الثلاثاء المقبل التي حددها لـ«محاولة جديدة لانتخاب الرئيس»، اصبح انعقادها موضع شك، لكن بري يؤكد انه لا يزال جاهزا ـ كما الترتيبات اللوجستية التي اكتملت – للحوار في أي لحظة. ويؤكد كما نُقل عنه، تمسكه الشديد بالحوار، وأنه الان أكثر ايمانا بضرورة حصوله كمخرج وحيد من الأزمة التي تعصف بالبلاد، جازما بان اللبنانيين وحدهم قادرون على التأسيس للحل وصنع سلامهم وبناء وحدتهم. قال بري لـ«الشرق الاوسط»، أمس انه «لم يعد يقبل بشيء، الا الحوار وطاولة الحوار للخروج بحل يوحد اللبنانيين وانقاذ لبنان».

وحذر بري من ان «كل يوم تأخير يجعل استحقاق الانتخابات النيابية يطغى على الانتخابات الرئاسية»، مبديا خشيته من ان تتحول «الحاجة الى حكومة وحدة وطنية الى حاجة لقيام حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات النيابية». ورأى بري ان «الحذر الاكبر» هو من ان «الحكومة غير الشرعية ومن يقف خلفها عودوا الناس على الفراغ الرئاسي، باهمالهم هذا الموقع منذ كان الرئيس اميل لحود في منصب الرئاسة».

وأشار الى انه يريد «حوارا ماراثونيا دونما توقف». وقال: «عند الوصول الى اعلان نيات حول قانون الانتخاب والحكومة يشكل التزاما امام الرأي العام المحلي والعربي والدولي، يصار الى فك الاعتصام والانتقال الى القاعة العامة لمجلس النواب لانتخاب الرئيس، ثم تأليف الحكومة وفق الاسس المتفق عليها». موضحا ان المطلوب هو «الاتفاق على الدائرة الانتخابية في قانون الانتخاب وحجم التمثيل في الحكومة».

وكان بري قد التقى أمس وزير الخارجية السابق فارس بويز، الذي اشار الى ان بري اطلعه على «المساعي التي يقوم بها لمحاولة انقاذ الوضع واعادة تحريك الحوار الاقليمي والحوار الداخلي على الاقل، ان لم نقل الحوار الدولي». وقال بويز: «لا يمكن ان نرى بصيص نور ما دامت هذه الاوضاع تجعلنا نعتقد ان البعض لا يريد التفاهم مع الآخر على المستوى الدولي، ولا يريد حوارا على هذا المستوى، والبعض الاخر على المستوى الاقليمي يتمترس وراء مواقفه، فيما الوضع الداخلي ايضا لا يشهد ادراكا حقيقيا، لأن لا غالب ولا مغلوب في لبنان وأن الحوار والتسوية وحدهما يمكن ان يؤديا الى حلول اساسية». وأعرب عن اعتقاده بأن «من يريد فعلا تعطيل دور الرئيس بري يحاول فعلا تعطيل الحل في لبنان، وهذا يعني ألا حل في لبنان لان اي حل لا بد ان يمر عبر المجلس النيابي، سواء كان هذا الحل سيتجلى بالحوار في المواضيع الخلافية الاساسية او بانتخاب رئيس وفاقي للدولة». واذ اشار الى انه لم يبحث مع بري في جلسة الثلاثاء بشكل مباشر، قال: «اعتقد لسوء الحظ انه في ظل هذا التباين والتشنج الدولي والاقليمي والداخلي الكبير، كل من هذه التشنجات مرتبط بالآخر، ولا يوجد في المدى المنظور بصيص نور وحلول فورية ستشهدها الساحة اللبنانية». من جهة اخرى، ابدى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني خشيته «من استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، وإغلاق المجلس النيابي والطعن بشرعية الحكومة، الأمر الذي يشكل خطرا على عمل المؤسسات الدستورية، الضامن الوحيد لاستقرار لبنان». فيما طالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بـ«حكومة منصفة تحقق الشراكة الوطنية». وقال: «نحن نرفض تهميش المسيحيين ولا نقبل بذلك، ونعتبر ان أميركا هي المسؤولة عن تهميش المسيحيين في لبنان، بفعل سياستها المنحازة في لبنان والمنطقة وعدم تعاطيها بإنصاف وواقعية وموضوعية».

واستغرب النائب جواد بولس ربط انتخاب رئيس الجمهورية بقانون الانتخابات النيابية، معتبرا «أن رئيس الجمهورية في لبنان هو رمز وهذا ما نص عليه الدستور، وعلينا إبعاده عن البازارات السياسية لأنه يمثل كرامة اللبنانيين وشرفهم». لافتا إلى «أن أي فكرة بربط انتخاب الرئيس بشروط معينة نسف لهذا الرمز ولهذه الدولة». وفي المقابل أعلن النائب نعمة الله أبي نصر عضو تكتل «التغيير والإصلاح»، الذي يرأسه العماد ميشال عون أنه «لا يؤيد الفراغ كما لا يؤيد إقفال مجلس النواب»، داعيا إلى «انعقاد لجنة حوار وطني لحل الأزمة يترأسها مندوب من جامعة الدول العربية أو من الأمم المتحدة في حال حصول خلاف على من يدير هذه اللجنة». وطالب الأكثرية بـ«التزام أدبي تجاه المعارضة حول بعض المطالب»، وقال: «اذا كانت المشكلة تحل بنزول النواب المسيحيين في المعارضة إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس، فلا مشكلة في ذلك اذا وافق العماد ميشال سليمان على انتخابه من دون باقي المعارضة، واذا حصلنا على ضمانات بعدم حصول حرب أهلية. ولكن اذا نزلنا إلى المجلس وانتخبنا رئيسا للجمهورية، ولم ينزل أي نائب شيعي، فمن يضمن في اليوم الثاني عدم حصول حرب أهلية»، متسائلا: «لماذا نريد إبعاد النواب الشيعة عن هذا الموضوع».