بنسلفانيا المنقسمة على نفسها تصوت اليوم في انتخابات تمهيدية حاسمة

كلينتون بحاجة إلى فوز كبير للاستمرار في المعركة وأوباما تكفيه خسارة بفارق صغير للبقاء في المقدمة

TT

تصاعدت حدة التراشق بين المرشحين الديمقراطيين، باراك اوباما وهيلاري كلينتون، قبل ان يتوجه الناخبون في ولاية بنسلفانيا اليوم للإدلاء باصواتهم في انتخابات تمهيدية قد تكون حاسمة، علما بان بنسلفانيا هي آخر ولاية من الولايات الكبرى تجرى فيها انتخابات مماثلة. وبذل المرشحان جهداً مضنياً خلال ستة اسابيع لجذب الناخبين في ولاية منقسمة على نفسها، حيث جالا عبر الحافلات والقطارات والطائرات بل وحتى الجرارات في أرجاء بنسلفانيا في مساع مضنية للفوز بانتخابات هذه الولاية.

وتحول التراشق الى انتقادات شخصية حول مؤهلات كل مرشح، ويأمل اوباما ان يجبر من خلال انتخابات بنسلفانيا هيلاري على الانسحاب من المنافسة، في حين تسعى منافسته الى إبقاء حظوظها خاصة اذا استطاعت ان تفوز بالانتخابات وتحصل على اكبر عدد من المندوبين. وتريد هيلاري ان تبرهن مرة اخرى شعبيتها في الولايات الكبيرة، بينما يتطلع اوباما المتقدم في عدد المندوبين إزاحة منافسته نهائياً حتى يتسنى له التفرغ للمرشح الجمهوري جون ماكين.

وأصبح مؤكداً ان هدف المرشحين الديمقراطيين من انتخابات اليوم مختلف تماماً، إذ تبحث هيلاي عن الفوز بأي ثمن، بيد ان اوباما لا يمانع خسارة بنسبة طفيفة بشرط ان يحصل على اكبر عدد من المندوبين، وهو ما حدث في ولايات اخرى حيث فازت هيلاري بالانتخابات، لكن اوباما تفوق عليها بعدد المندوبين؟ وطبقاً لموقع «سي إن إن» وهو أكثر المواقع دقة في إحصاء عدد المندوبين، فإن أوباما جمع حتى الآن 1644 مندوباً، في حين حصلت هيلاري على 1498 مندوباً. ومن المفترض ان يحصل المرشح الذي يريد ضمان ترشيح الحزب الديمقراطي على 2025 مندوباً، وهو أمر بات مستحيلاً تحقيقه قبل انعقاد مؤتمر الحزب في الصيف المقبل في ولاية كولورادو.

ولن تؤثر هزيمة اوباما كثيراً على حظوظه في استقطاب تأييد مؤتمر الحزب الديمقراطي لترشيحه، بيد ان خسارة هيلاري في انتخابات اليوم ستكون مدمرة. وفي هذا السياق قال جون كورزين، حاكم بنسلفانيا المؤيد لها، ان الهزيمة ستكون بمثابة «إغلاق الباب». ويفيد آخر الاستطلاعات الى تقدم هيلاري لكن اوباما قلص كثيراً الفارق بينهما. واتسعت حيرة الناخبين بعد الاداء الجيد لحملة اوباما في الايام الاخيرة، واستبدل المرشحان امس، قبل ساعات من توجه الناخبين نحو صناديق الاقتراع، شعاراتهما، وركز اوباما على شعار «سنغير هذا البلد وسنغير العالم»، في حين اصبح شعار هيلاري «يمكنكم الاعتماد علي في ايجاد الحلول لمشاكل اميركا». وتحظى هيلاري بشعبية وسط البيض والنساء في بنسلفانيا في حين ترتفع شعبية اوباما وسط المتعلمين والسود فيها. ورفعت هيلاري خلال الحملة الانتخابية شعار «لدي صديق في بنسلفانيا»، والامر الذي جعل حظوظها قوية في هذه الولاية التي تقع على الساحل الشرقي ليس بعيدا عن ولايتها نيويورك. ومعظم سكانها البالغ عددهم 12.4 مليون نسمة، تخطوا منتصف العمر، وتوجد فيها نسبة عالية من البيض ونسبة الذين لديهم شهادات جامعية متواضعة، بحيث يشكل العمال البيض والذين تجاوزوا سن الخمسين أغلبية الناخبين، وهؤلاء يعدون من ناخبي كلينتون.

ويؤيد المحافظون من الديمقراطيين هيلاري أيضا، علما بان 15 بالمائة من سكان الولاية تجاوزوا 65 سنة، وحوالي 10 بالمائة من السكان تتراوح اعمارهم ما بين 18 و 24 سنة، و82 بالمائة من سكان الولاية بيض، وحوالي 46 بالمائة لديهم سلاح، حيث يعتبر حمل السلاح من الثقافات المتجذرة في بنسلفانيا. وعندما انتقد اوباما سكان البلدات الصغيرة في الولاية وقال إن حالة الاحباط التي يشعرون بها هي التي قادت الى تدينهم وحملهم السلاح، استغلت هيلاري هذه النقطة وحرضت الناخبين ضده وقالت إنه ينظر الى بعض الناخبين نظرة دونية. وعلى الرغم من اعتذاره في وقت لاحق إلا ان تلك الزلة أدت الى تراجع شعبيته في المدن الصغيرة في ولاية بنسلفانيا.

ويراهن اوباما على مدينة فيلادلفيا وضواحيها وهي اكبر مدن الولاية وتوجد فيها نسبة مرتفعة من السود يصل عددهم الى 44 بالمائة من سكان المدينة. كما يوجد فيها مهاجرون من اصول افريقية حصلوا على الجنسية الاميركية. كما يأمل السيناتور الاسود في ان يحظى بالتفوق في مدينة اخرى هي بيتسبيرغ التي تبلغ نسبة السود فيها 26 بالمائة، وفي المدينتين توجد نسبة عالية من المتعلمين والطلاب الجامعيين وهؤلاء هم القاعدة الصلبة المؤيدة لاوباما ويوجد عدد كبير منهم في ضواحي فلادلفيا. وكان اوباما قد نظم تجمعاً انتخابيا في فيلادلفيا حضره 35 الف شخص وهو أكبر تجمع انتخابي نظم في الولاية. ويقف الى جانب هيلاري عمدة المدينة مايكل نتر وهو أحد القادة السود في المدينة. لكن اوباما حقق اختراقاً في جانب قادة الولاية البيض حيث يؤيده السيناتور بوب كيسي الذي يتحدر من اسرة سياسية عريقة كاثوليكية من منطقة محافظة في شمال شرقي الولاية، ورافق كيسي اوباما في عدة جولات انتخابية داخل الولاية. ويمثل بنسلفانيا 158 مندوباً في حين يوجد فيها 29 من المندوبين الكبار، واعلن 15 من هؤلاء دعمهم هيلاري كلينتون، فيما وقف خمسة الى جانب اوباما. وفي الوقت الذي خاطبت فيه هيلاري ليلة امس الناخبين في بنسلفانيا عبر برنامج لاري كنغ المباشر في «سي إن إن»، ظهر اوباما لفترات قصيرة في عدة شبكات لكن حملته ركزت على الوصلات الاعلانية.

وفي استفتاء أجراه موقع «ياهو» مع وكالة «اسوشييتد بريس» حول توجهات الناخبين تبين ان 67 بالمائة اصبح اهتمامهم ينصب على تحسين الوضعية الاقتصادية حيث تعرف الولايات المتحدة كساداً صعباً، في حين قال 59 بالمائة من الناخبين انهم منشغلون بموضوع زيادة اسعار مواد الطاقة والبنزين و57 بالمائة بموضوع الرعاية الصحية، واصبح الانشغال بحرب العراق يحظى باهتمام نسبة 48 بالمائة من الناخبين.