إسرائيل تخشى إلغاء زيارة بوش رداً على فضيحة التجسس على الأسلحة الأميركية

أولمرت أمر المخابرات بتقصِّي ما إذا كان هناك علم سابق بالقضية

TT

قطع رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، استراحة عيد الفصح، أمس، لكي يعالج فضيحة التجسس الاسرائيلية الجديدة التي كشف النقاب عنها في واشنطن. وسيحاول أولا وقبل كل شيء اقناع الرئيس جورج بوش بألا يلغي زيارته المقررة الى اسرائيل منتصف الشهر القادم للمشاركة في احتفالاتها بذكرى مرور 60 عاماً على تأسيسها.

وفي المقابل، بدأت وزارة الخارجية الاسرائيلية العمل على تقليص الأضرار التي نجمت وستنجم عن هذه الفضيحة. وتعتمد الحكومة الاسرائيلية بالأساس على الادعاء بأن طواقم العمل الحالية في الحكومة ودوائرها، وخصوصا في جهاز المخابرات لم تكن على علم بهذه الفضيحة. ولتأكيد ذلك، حرص ديوان الرئاسة على اصدار بيان قال فيه إن أولمرت أمر المخابرات بأن تفحص «ما إذا كان هناك علم بهذه القضية، ولماذا لم يتم اطلاع مكتب رئيس الحكومة بها».

وكان المدَّعي العام في الولايات المتحدة قد وجه لائحة اتهام الى المواطن اليهودي الأميركي، بن عامي كديش، 85 عاما، جاء فيها انه قام بتسريب حوالي 100 وثيقة سرية الى المخابرات الاسرائيلية تتضمن معلومات بالغة السرية عن التسلح النووي الأميركي . وجاء أيضا في اللائحة ان كديش، وهو مواطن اسرائيلي سابق، ارتبط برجل مخابرات اسرائيلي مطلع السبعينات. ورجل المخابرات هذا، هو حسب التحقيقات الأولية يدعى يوسف غور (حسب لائحة الاتهام حدد لقبه بـ«cc-1»، أي «الشريك الأول في المؤامرة». ويقصدون بذلك انه الرجل الذي قام بتشغيل الجاسوس الاسرائيلي السابق، جونتان بولارد، الذي يمضي حاليا محكوميته بالسجن المؤبد في السجون الأميركية. وفي الفترة ما بين 23 أغسطس (آب) 1979 و15 يوليو(تموز) 1985، قام كديش باستغلال صلاحياته كمهندس في مركز الأبحاث والتطوير التابع للجيش الأميركي في نيوجيرسي، وصور حوالي 100 وثيقة وسلمها الى يوسف غور، بينها 35 وثيقة بالغة السرية ووثيقة واحدة تعتبر سرية فوق العادة تتعلق بالتسلح النووي. ويتضح من لائحة الاتهام ومن نشر التحقيقات حول القضية في اسرائيل ان المخابرات الأميركية كانت تشك طول الوقت بأن بولارد لم يكن الجاسوس الاسرائيلي الوحيد في الولايات المتحدة، وان هناك جواسيس آخرين. وقد طرحت هذه الشكوك أمام العديد من المسؤولين الاسرائيليين السياسيين والعسكريين، في حين كان الجواب الدائم: «لا.. لا يوجد جاسوس آخر». المعروف ان بولارد، الذي اعتقل في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1985، تجسس لصالح اسرائيل أيضا في قضية المعلومات عن التسلح النووي. وبعد سلسلة اعتذارات اسرائيلية للادارة الأميركية، بدأ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (1966ـ1999) يطالب بإصدار عفو عنه وإطلاق سراحه. ووافق الرئيس بيل كلينتون على اصدار العفو في فترة المفاوضات الاسرائيلية ـ الفلسطينية في كامب ديفيد، كدعم وتشجيع لحكومة ايهود باراك سنة 2000، لكن رئيس المخابرات المركزية في الولايات المتحدة آنذاك، جورج تنيت، اعترض وهدد بالاستقالة من منصبه ردا على قرار كهذا. فتراجع كلينتون.

وحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن الرئيس جورج بوش، اقتنع بضرورة اطلاق سراح بولارد، وكان ينوي تقديم قرار العفو هدية لرئيس الوزراء أولمرت في زيارته القادمة كدعم له على دفع المسيرة السياسية مع الفلسطينيين. إلا أن مثل هذا القرار بات شبه مستحيل، حسب كل التقديرات، بعد انكشاف فضيحة كديش. لا بل ان هناك مَنْ يعتقد في اسرائيل ان إثارة هذه الفضيحة في هذه الأيام بالذات، جاءت لتجهض هذا القرار ولتخرب على العلاقات الاسرائيلية ـ الأميركية.

لكن مصادر أميركية ذكرت، أمس، ان اثارة هذه القضية هي عملية اسرائيلية جاءت للتخريب على رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أرييل شارون، سنة 2004. وحسب تلك المصادر، فإن المخابرات الأميركية تلقت بلاغا من اسرائيل يقول ان هناك فضيحة تجسس جديدة بطلها اسرائيلي سابق يدعى بن عامي كديش. فبدأت المخابرات تفحص، وبالفعل قام كديش بزيارة اسرائيل في ذلك الوقت، وقد تتبع أثره رجال مخابرات أميركيون ووجدوه يلتقي يوسي غور، على الرغم من أن كديش توقف عن العمل في خدمة اسرائيل سنة 1985. وخلال مراقبة هاتفه تم تسجيل 20 مكالمة بين كديش وغور. وعندما قررت المخابرات الأميركية اعتقاله، أبلغته انها تعرف عنه كل شيء ونصحته بالتعاون معها، فوافق. واتصل من مقر المخابرات مع غور وأبلغه ان الشرطة الفيدرالية تحقق معه فماذا عليه أن يفعل، فأجاب ان عليه ألا يقول شيئا ويحافظ على الإنكار، فأيقن الأميركيون ان غور ينوي تشويش التحقيق ومواصلة خداع الادارة الأميركية، علما بأنه ما زال موظفا في الصناعات العسكرية الاسرائيلية.